الوقت- ستجرى الانتخابات الرئاسية الليبية في وقت لم يستقر فيه الوضع في البلاد بعد وتستمر الصراعات الداخلية بمؤامرة ودعم بعض الدول والأنظمة الأجنبية.
تواجه ليبيا العديد من التحديات منذ عام 2011؛ بعد سقوط الدكتاتور معمر القذافي، واجهت البلاد حربًا أهلية في عام 2011 وتم تقسيمها عمليًا إلى قسمين بمؤامرة أجنبية؛ وحظيت "حكومة الوحدة الوطنية الليبية" بدعم دول مثل قطر وتركيا وبعض الدول الأوروبية والأمم المتحدة، كما دعمت دول مثل مصر والسعودية والإمارات جيش جنرال المتقاعد حفتر المتمركز في بنغازي وطبرق. لكن مع استمرار مرشحي الرئاسة الليبية في عرض قضيتهم على لجنة الانتخابات، تشهد ليبيا خلافات دولية حول مستقبل البلاد. أعلنت مفوضية الانتخابات الليبية أن العدد الإجمالي للمرشحين في الانتخابات النيابية بلغ 2241 مرشحا في عموم البلاد.
أبرز مرشحي ليبيا
وفي وقت سابق، أُعلن عن خوض أكثر من 900 شخص الانتخابات الرئاسية الليبية، من بينهم أهم المرشحين خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي وسيف الإسلام القذافي نجل الدكتاتور الليبي المخلوع وعقيلة صالح رئيس برلمان طبرق (شرق ليبيا) سابقاً، لكن قبل أيام قليلة تمت الإطاحة بسيف الإسلام القذافي. من المقرر إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر / كانون الأول، ومنذ عدة أشهر، يستعد لاعبون أجانب مثل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا، وبالطبع الكيان الصهيوني للعب دور فيها. ومن بين الأطراف المؤثرة في العملية الانتخابية، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين، وكذلك بعض جيران ليبيا، بما في ذلك مصر وتونس والجزائر.
أبعاد ودوافع التدخل الأمريكي والإسرائيلي في الانتخابات الليبية
في غضون ذلك، فإن الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني هم أول من استفاد من التدخل في الانتخابات الليبية وبذل كل جهد للتأثير عليها. في نظر الولايات المتحدة وإسرائيل، قد تفتح الانتخابات الليبية ونتائجها الباب لدولة عربية أخرى في القارة الأفريقية للدخول في اتفاقيات تطبيع مع تل أبيب. بعد الإطاحة بسيف الإسلام القذافي، كان أبرز المرشحين الليبيين خليفة حفتر، صاحب التوجه الأمريكي الصهيوني، وقد أعلن بالفعل عن رغبته في تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني إذا وصل إلى السلطة. تعتقد الولايات المتحدة وإسرائيل أيضًا أن حفتر لديه المزيد من القوة لتأسيس موطئ قدم صهيوني في البحر الأبيض المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخليفة حفتر حليف لحلفاء تل أبيب بقيادة الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة ومصر. كما يضمن وجود تل أبيب في غرب طرابلس، عبر حفتر، القضاء على خصم الكيان الصهيوني في البحر المتوسط، تركيا.
حفتر الضوء الأخضر للتطبيع مع الصهاينة
رغم أن خليفة حفتر، لمعرفته بالموقف الوطني الليبي الرافض لأي علاقة مع الكيان الصهيوني المحتل، يحاول عدم الحديث عن التطبيع مع إسرائيل في حملاته الانتخابية. لكن تحركاته في هذا المجال ليست خفية. في هذا الصدد، قبل أسابيع قليلة، طار صدام حفتر، نجل خليفة حفتر، إلى تل أبيب على متن طائرة خاصة أقلته من دبي إلى مطار بن غوريون، حيث التقى بمسؤولين إسرائيليين وعرض المعادلة التي كان والده يحلم بها. وتستند المعادلة إلى تعزيز العلاقات الثنائية، والتي بموجبها تتلقى ليبيا مساعدات سياسية وعسكرية من الكيان الصهيوني، مقابل فوز الخليفة حفتر في الانتخابات الرئاسية الليبية كرئيس للحكومة الوطنية الموحدة والمتصالحة، ومن ثم تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب.
صدام حفتر
علاوة على ذلك، فإن علاقة حفتر بالصهاينة لها جذور تاريخية، وكتب الصحفي الصهيوني يوسي مولمان في مذكرة على موقع الشرق الأوسط أن عناصر من جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) التقوا بحفتر عدة مرات في القاهرة بين عامي 2017 و2019. لكن رغم ميل الكيان الصهيوني إلى الخليفة حفتر ونجله صدام، فإنه لا يقطع العلاقات مع خصومه من أجل ضمان العودة إذا تغير الوضع وتفاقم الوضع. الدول العربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي دعمت الخليفة حفتر بطرق مختلفة خلال سنوات الحرب الأهلية في ليبيا، لديها موقف يتماشى مع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني. على وجه الخصوص، الإمارات العربية المتحدة، وهي أحد الحلفاء الرئيسيين للخليفة حفتر، وتبذل أيضًا جهودًا كبيرة لقيادة الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
الانتخابات الليبية وجهود تركيا لحماية مصالحها
لكن تركيا، مثل الكيان الصهيوني، لديها حوافز كبيرة للتدخل في ليبيا، بالنظر إلى المصالح التي سعى إليها على مدى عقود. لكن من الواضح أن مواقف ومصالح أنقرة تتعارض بشكل صارخ مع مواقف ومصالح واشنطن وتل أبيب في ليبيا. أطلقت تركيا صراعًا ثلاثي الأبعاد حول مجال نفوذها الأيديولوجي والجيواستراتيجي في ليبيا من خلال اتفاقات رسمية مع حكومتها الشرعية.
تتلخص أهداف تركيا الرئيسية في ليبيا فيما يلي:
- تعزيز نفوذ تركيا في شمال وشرق إفريقيا
- التعويض عن الانخفاض النسبي للنفوذ التركي في السودان، بالتزامن مع الإطاحة بعمر البشير وصعود السعودية والإمارات في ذلك البلد.
- بسط نفوذ تركيا إلى جيران ليبيا، وهي المغرب والجزائر وتونس.
- زيادة الضغط على روسيا لكسب الأرض في سوريا والقوقاز.
- تقوية الاخوان فى مصر.
- منع وصول القبارصة والمصريين والإسرائيليين إلى أسواق الغاز الطبيعي الأوروبية.
ويتطلب تحقيق هذه الأهداف وحماية مصالح تركيا في ليبيا انتصار شخصيات تابعة لحكومة الوحدة الوطنية.
بالتزامن مع إعلان ترشيح الخليفة حفتر في الانتخابات الليبية، وصفته تركيا بأنه مجرم حرب وعارضت بشدة ترشيحه لانتخابات الرئاسة الليبية. وتركيا من الدول التي لم تؤيد إجراء الانتخابات في ليبيا وتعتبرها غير صحيحة. لأنه يعتقد أن ذلك سيؤدي إلى تفكك هذا البلد. وتصر الجماعات المدعومة من تركيا على ضرورة تمرير قانون يحظر مشاركة الخليفة حفتر وسيف الإسلام القذافي في الانتخابات، بالنظر إلى سجلهما الأسود. وحالياً، يحظى رئيس وزراء التحالف الوطني الليبي عبد الحميد دبيبة، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الليبية في 21 نوفمبر، بدعم رجب طيب أردوغان. ومع ذلك، يعتقد المراقبون أنه إذا لم يتم استبعاد سيف الإسلام القذافي، فربما تكون تركيا ستدعم القذافي من أجل منع حفتر من الفوز في الانتخابات. لكن الوضع في ليبيا ومستوى التدخل الأجنبي للتأثير على نتيجة الانتخابات مقلق لتركيا. ونظراً لتضارب مصالح الجهات الأجنبية على الساحة الليبية في الانتخابات، لا يمكن الحديث بثقة عن فوز أي من الفصائل. على الرغم من الدعم الكبير من قبل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني للخليفة حفتر، إلا أنه مكروه من قبل قسم كبير من اللبنانيين بسبب الجرائم المرتكبة في ليبيا. لهذا السبب، يعتقد العديد من المراقبين أن فرصة حفتر ضئيلة لكسب تصويت شعبي إذا تم إجراء انتخابات صحية وفقًا للمبادئ الدبلوماسية. من ناحية أخرى، نظرًا لإحباط الشعب الليبي من نتائج ثورته والوضع الاقتصادي المتردي الذي يعيشه حاليًا، لا يبدو أن الانتخابات تحظى بشعبية كبيرة. من ناحية أخرى، في ظل تجزئة هذا البلد وتدخلات العديد من الأطراف الخارجية، يبدو من غير المحتمل إجراء انتخابات طبيعية وصحية تكون نتيجتها انعكاسًا لخيار الشعب.