الوقت- شن تحالف العدوان السعودي الأمريكي قبل ست سنوات ونيف، حرباً عبثية على أبناء الشعب اليمني، وكان أهم سبب لبدء هذه الحرب، يمكن اعتباره متمثلاً في عودة الهيمنة السعودية والأمريكية إلى اليمن ولقد أصبح هذا الهدف حلماً يراه قادة البيت الأبيض كل يوم وكل ليلة عقب وصول "محمد بن سلمان"، عديم الخبرة والمتعطش للدماء إلى السلطة وخلال السنوات الماضية بذلت السعودية الكثير من الجهود لتوسيع نفوذها السعودي ودورها الإقليمي في اليمن من أجل الهيمنة على مضيق "باب المندب" الاستراتيجي. ولقد تكبّد تحالف العدوان السعودي الأمريكي الصهيوني خلال السنوات الماضية الكثير من الهزائم على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، الأمر الذي دفع قادة السعودية للاستنجاد بالبيت الأبيض لإيجاد حل لهذه الأزمة والخروج من مستنقع اليمن بماء الوجه ولهذا فقد بذل قادة البيت الابيض خلال الفترة الماضية الكثير من الجهود لفرض عقوبات اقتصادية على أعضاء من جماعة "أنصار الله" ومؤخراً تصنيف هذه الحركة كمنظمة إرهابية وذلك من أجل الضغط على قادة هذه الحركة اليمنية المقاومة لإنهاء الحرب في اليمن والقبول بالشروط الأمريكية.
وعلى صعيد متصل، يواصل أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية إحراز تقدم في القتال ضد العناصر الموالية لتحالف العدوان السعودي في محافظة مأرب. حيث تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الايام الماضية من السيطرة على قاعدة "أم ريش" العسكرية بمحافظة مأرب. وكانت هذه القاعدة العسكرية آخر قاعدة للقوات السعودية في جنوب مأرب. وبهذا الإنجاز المهم، يمكن للقوات اليمنية الآن التقدم نحو منطقة "صافر"، حيث توجد العديد من حقول النفط والغاز اليمنية. وتشير تقارير ميدانية إلى أن المقاومة اليمنية باتت أقرب من أي وقت مضى للسيطرة على مرتفعات "ملعا" الاستراتيجية. وتجري حاليا اشتباكات عنيفة على هذه الجبهة وقد حقق أبطال الجيش اليمني واللجان الشعبية تقدما ملموسا نحو تلك المرتفعات. ولقد أفادت بعض وسائل الإعلام أن العد التنازلي قد بدأ لتحرير تلك المرتفعات الاستراتيجية.
وفي غضون ذلك، ازدادت التعبئة الأمريكية بعد تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية، وبذلوا قصارى جهدهم لمنع تحرير مدينة مأرب من قبل قوات "أنصار الله" اليمنية. ومع سيطرة "أنصار الله" على جميع المناطق الست جنوب مأرب، ازدادت مخاوف المملكة العربية السعودية وحلفائها الأمريكيين والبريطانيين بسبب قرب سقوط مأرب. وفي المقابل، يصر تحالف العدوان السعودي أيضًا على الاستمرار في حرب استنزاف وذلك لانه لا يريد قبول الهزيمة. ولهذا تحاول المملكة العربية السعودية للتدخل مباشرة مع الولايات المتحدة في هذه المعركة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وفي مواجهة هذا التقدم، لجأت الولايات المتحدة والسعودية إلى خيارات متعددة، بما في ذلك التدخل المباشر بالسلاح الجوي الأمريكي لمنع الجيش اليمني واللجان الشعبية من التقدم في مأرب.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية عن وحشية المقاتلات السعودية المفرطة التي تكثف غاراتها على المدن اليمنية، اذ ارتكبت جريمة جديدة نتج عنها استشهاد واصابة أربعة مدنيين جراء استهداف غارة لمصنع بلاستيك في الأحياء الشمالية من صنعاء. هذه الأحياء التي تتعرض على مدى يومين لقصف عنيف خلّف الكثير من آثار الدمار في المنشئات والمنازل السكنية، غير حالة الهلع والرعب في أوساط الساكنين. وبشكل هستيري صعد مؤخراً تحالف العدوان من استهدافاته الجوية على المدن اليمنية، فخلال ساعات فقط شن طيرانه عشرات الغارات على صنعاء ومأرب وعمران وصعدة والحديدة وتعز، مخلفاً العديد من الضحايا المدنيين ودماراً واسعاً في الممتلكات والبنى التحتية، كما تتحدث تقارير عن استخدامه لقنابل محرمة دولياً في قصفه لبعض المناطق اليمنية. ويؤشر هذا التصعيد العسكري للتحالف السعودي على دخوله مرحلة جديدة من التصعيد يعدّها كثيرون محاولةً لتغطية فشله في اليمن مع هزائمه الأخيرة في الميدان وتفوق صنعاء عسكرياً، خاصة مع تكثيفه كذلك للقصف المدفعي على المناطق الحدودية في صعدة، وتصاعد أعماله العسكرية في أكثر من جبهة ومحافظة.
مزيد من التعقيدات يضيفها هذا التصعيد العسكري أمام عملية السلام المفترضة، إذ ترى صنعاء أنه يكشف عدم نية التحالف السعودي وبوقف عدوانها وجرائمها، متوعدة أنها ستواجه أي تصعيد برد مواز وتصعيد أكبر. وقد أكد الكاتب والباحث السياسي "ناجي صفا" ان استخدام السعودية، الفسفور الابيض في قصف صنعاء الاخير، يكشف عن انتهاء بنك الاهداف السعودي والوصول الی نهاية حرب اليمن. وقال "صفا" ان معركة مأرب وصلت الی شبه خواتيمها وهذا سيسبب تداعيات سياسية للسعودية. وأضاف ان معركة مأرب تعتبر أخر المعارك الهامة في اليمن وفشل السعودية في هذا العدوان سيمثل انفراط عقد المسبحة. وبيّن "صفا" ان تحالف العدوان يعلم بهذه المسألة ولذلك يحاول تأخير حسم هذه المعركة أو تأجيلها وما قصف صنعاء العشوائي الا احدی هذه المحاولات. واعتبر ان قصف صنعاء العشوائي يستهدف المدنيين وهذا يثبت ان بنك الاهداف السعودي قد فرغ وانتهی. وأكد "صفا" ان قصف صنعاء يأتي من أجل إلهاء اليمنيين وتأخير سقوط مأرب
ومن جانبه، وضح وزير الخارجية في حكومة صنعاء، "هشام شرف" أن "التصعيد الحالي في عدد من الجبهات يأتي بسبب وصول التحالف السعودي إلى قناعة بفشله في الضغط على صنعاء". وأكد "شرف" أنه "يجب أن يعلموا أننا نحارب لأجل الشعب اليمني لا لأجل فرقاء أو أطراف في هذا القتال"، مضيفاً أن "كرامة الشعب اليمني هي الأساس ومهما صعّدوا فنحن جاهزون". وقال "شرف" إن "قصف المقصوف وتكرار ما حدث منذ بداية العدوان وحتى الآن تعبير عن العجز"، مشيراً إلى أن "سياسة الضغوط وإظهار القوة فشلت في دول كثيرة من فيتنام إلى أماكن أخرى". وأضاف: "نمد يدنا للسلام، ولكن للسلام العادل، افتحوا مطار صنعاء والموانئ وستكون هناك بوادر للسلام، أما أن نتجه نحو السلام وهم يقصفوننا ويظهرون لنا القوة فهذا لن يفيد". كما لفت "شرف" إلى أن "مطار صنعاء الدولي مطار مدني وهناك قاعدة عسكرية اسمها قاعدة الديلمي والمطار لا دخل له بالقاعدة الجوية"، مشدداً على أن "قصف مطار صنعاء يعني أنهم لا يريدون تطبيع الأوضاع في اليمن ولا التوجه نحو السلام"
وعلّق "شرف" على اعتقال موظفين في السفارة الأمريكية، موضحاً أنّ "الجهات الأمنية المختصة هي من تتعامل مع هذا الموضوع، ويجب ألا يؤخذ بأكبر من حجمه". وأكد "شرف" أنه "لم نقتل أو نعتدِ على كرامة أحد، وإذا حصلت أشياء فسنبحثها في ما بيننا ويجب أن لا تُتخذ كشماعة لمزيد من التصعيد". وتابع: "مشكلتنا مع بعض الدول التي تحاول إما فرض وجهة نظرها أو إعطاءنا إملاءات أنها تستمع إلى ما يحدث"، مؤكداً أن "هناك مفارقات مع الجانب الأميركي مستعدون لبحثها وتلافي أي أشياء قد تحدث، لكننا في المقابل ما زلنا وسنظل نتبع دبلوماسية الصمود والهجوم التي تحفظ لليمن كرامته". كذلك شدد على أنه "لا نقبل بالوصاية لا من السعودية ولا من الإمارات ولا من أي دولة، وبالتالي سنستمر في جهودنا برغم كل الإعاقات" وبحسب وزير خارجية حكومة صنعاء فإن "سياسة المصالح هي من أثرت على البشرية وعلى قضايا الأمم المستضعفة ولو كنا دولة منتجة للنفط أو نشتري أسلحة سيقف البعض معنا والبعض ضدنا، فالعالم عالم المصالح لا عالم الأخلاق والمبادئ".
وعلى نفس هذا المنوال، كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن توجّه أمريكي نحو التصعيد في اليمن، وذلك لمساعدة العدوان السعودي الذي تكبَّد ويتكبّد خسائر متواصلة وكبيرة في ذلك البلد. وأكدت الصحيفة أن النظام السعودي يطالب الإدارة الأمريكية بتقديم المزيد من الدعم، في الوقت الذي واصل فيه المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ التحريض وتبرير استمرار العدوان والحصار. وقالت الصحيفة إن مسؤولين سعوديين طالبوا إدارة الرئيس "جو بايدن" بتقديم المزيد من الدعم الاستخباراتي والعسكري لمواجهة الضربات الصاروخية والجوية التي تتعرض لها السعودية. وأوضحت أن "هناك دلائل على أن بايدن مستعد لتغيير المسار لمساعدة المملكة في تنفيذ الهجمات على اليمن "، في تأكيد على توجّه الإدارة الأمريكية نحو التصعيد، وهو أَيضًا ما تبيّنه مجريات الواقع. وبحسب الصحيفة، هناك مسؤولون في إدارة بايدن يدفعون باتجاه تكثيف الدعم العسكري الأمريكي للنظام السعودي، ويحثون الرئيس على التخلي عن القيود التي كان قد أعلنها. وأشارت الصحيفة إلى أن إدارة "بايدن" وافقت بالفعل على عقد صفقات بأكثر من مليار دولار، لمبيعات عسكرية للنظام السعودي، تشمل دعمًا هجوميًّا، وهو ما يكشف مجدّدًا زيف إعلان "بايدن" عن إيقاف الدعم الهجومي للسعودية.