الوقت- سلطت معظم الوسائل الإعلامية في السعودية الضوء على قرار العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز القاضي بتجنيس الكفاءات الشرعيّة والطبيّة والعلميّة والثقافيّة والرياضيّة والتقنيّة، “بما يُسهم في تعزيز عجلة التنمية، ويعود بالنفع على الوطن في المجالات المختلفة”، بحسب وكالة الأنباء الرسميّة، “واس”.
قرارات بن سلمان وتجاهل من بايدن
تتماشى هذه القرارات مع رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030، والذي يُواجه بعض الضّغوطات من قبل الإدارة الأمريكيّة الديمقراطيّة المُهتمّة بحُقوق الإنسان، حيث لا تواصل بين الرئيس جو بايدن، والأمير الشاب حتى هذه اللحظة، تردّد أن بايدن أبلغ أنه سيرفض مُصافحة الأمير بن سلمان حال حُضوره قمّتيّ العشرين في روما إيطاليا، والمناخ في غلاسكو بريطانيا، كان اسم الأمير تجدر الإشارة بين الحاضرين، ورغم ذلك تغيّب الرجل عن الحُضور، وحضر وزير خارجيّته.
ما الهدف من التجنيس؟
يرى البعض أن الهدف من تجنيس الكفاءات، هو تحضّر الدول الخليجيّة لما بعد عصر النفط، يُحذّر بعض آخر من أن خطوات التجنيس الخليجيّة هذه، في قطر، الإمارات، السعوديّة، قد تفتح باب التوطين في هذه الدول، خاصّةً في موضوعات حسّاسة مثل غلق باب العودة (حق العودة) للفلسطينيين، الذين لا يحملون جنسيّة، بعض الدول الخليجيّة “تُطبّع” حاليّاً مع دولة الكيان، وأخرى تتحضّر فيما يبدو.
وفي ظل تراجع حُضور العربيّة السعوديّة إقليميّاً، وسُمعتها المُلطّخة بجريمة اغتيال جمال خاشقجي، وحرب اليمن، وأزمة قطر، ولبنان، يرى مُعلّقون، أن المملكة منحت جنسيّتها، لتعزيز الولاء لقيادتها من قبل كفاءات، ونخب، وشخصيّات، في ظل تسجيل شخصيّات كانت مُقرّبة منها مواقف ناقدة لقيادتها الحاليّة، هؤلاء بكل حال سيُعاملوا مُعاملة “السعودي”، وحادثة التعامل مع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري وإهانته بصفته حامل للجنسيّة السعوديّة، تحضر للأذهان.
الجنسيّة السعوديّة عامل أساسي، وتحفيزي، بما يتعلّق بالتنافس الاقتصادي مع دبي، والخطّة السعوديّة، التي تعمل على جذب الشركات الأجنبيّة للرياض، مع بدء انتقال الشركات السعوديّة أساساً من دبي إلى العاصمة السعوديّة، وأهمّها قناة “العربيّة”، ومجموعة “إم بي سي”، وها هي الرياض تُريد استضافة معرض “إكسبو” القادم، حيث دبي أوّل إمارة عربيّة تستضيف الحدث العالمي.
من نال الجنسية؟
وجرى منح الجنسيّة السعوديّة لـ27 شخصيّة جديدة، تنوعّت مجالاتهم بين الفكر الديني والقطاع الطبّي والوسط التعليمي والأكاديمي.
ومن بين الأسماء مصطفى تسيريتش عضو المجلس الأعلى في رابطة العالم الإسلامي ورئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك سابقاً، وحسين الداودي رئيس المجلس الاسكندنافي للعلاقات عضو المجلس الأعلى في رابطة العالم الإسلامي، ومحمد نمر السماك الأمين العام للجنة الإسلامية – المسيحية للحوار، عضو المجلس الأعلى في رابطة العالم الإسلامي، ورضوان نايف السيد الباحث في دراسات الفكر الإسلامي عضو المجلس الأعلى في رابطة العالم الإسلامي وحائز على جائزة الملك فيصل العالمية في حقل الدراسات الإسلاميّة.
كما ضمّت القائمة كُلّاً من: المؤرخ العراقي عبد الله صالح عبد الله، ومحمد الحسيني أمين عام المجلس الإسلامي العربي في لبنان وأحد علماء المذهب الشيعي.
وكان لافتاً من بين كل تلك الأسماء، اختيار المملكة، لرجل الدين اللبناني “الشيعي” محمد الحسيني، في ظل أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول “عبثيّة” حرب اليمن، والتي أدّت لطرد السفير اللبناني من السعوديّة، الإمارات، والكويت، والبحرين، ومخاوف طرد اللبنانيين المُقيمين.
ويبدو أن المذكور الحسيني، حظي بإشادة سعوديّة في الإعلام بعد حُصوله على الجنسيّة السعوديّة، وليس من الذين “يُهيمن” عليهم “حزب الله” وفق الاتهامات السعوديّة للبنان هذه الأيّام وحُكومته “المغضوب عليها” ورئيسها نجيب ميقاتي، فقد جرى وصفه بالسعوديّة إعلاميّاً (الحسيني) بداعم مشروع اعتدال الطروحات الوسطيّة، ونبذ الطائفيّة، وهو بدوره شكر القيادة السعوديّة، مُؤكّدًا على الولاء والانتماء.
قانون الجنسية السعودي
وأجريت على نظام الجنسية السعودية تعديلات تنص أهمها على أن يكون المرشح لها ممن ولدوا داخل المملكة أو خارجها لأب سعودي، أو لأم سعودية وأب مجهول الجنسية أو لا جنسية له.
وتوضح المادة رقم 8 أنه يعتبر أجنبيا من ولد في المملكة عن أبوين أجنبيين أو من أب أجنبي وأم سعودية، ومن ولد في الخارج لأب أجنبي معروف الجنسية وأم سعودية، ومع ذلك يكون لهذا المولود عند بلوغه سن الرشد الحق في اختيار الجنسية العربية السعودية إذا توفرت فيه الشروط الآتية:
– أن تكون له صفة الإقامة الدائمة في المملكة العربية السعودية عند بلوغه سن الرشد.
– أن يكون حسن السيرة والسلوك ولم يسبق الحكم عليه بحكم جنائي أو بعقوبة السجن لجريمة أخلاقية لمدة تزيد على 6 شهور.
– أن يكون ملما باللغة العربية.
– أن يقدم خلال سنة بعد بلوغه سن الرشد طلبا بمنحه الجنسية العربية السعودية.
وتقول المادة رقم 9 إنه يجوز منح الجنسية العربية السعودية للأجنبي الذي تتوفر فيه الشروط الآتية:
– أن يكون عند تقديم الطلب قد بلغ سن الرشد.
– أن يكون غير معتوه أو مجنون.
– أن يكون حين تقديم الطلب قد اكتسب صفة الإقامة الدائمة العادية في المملكة بمقتضى أحكام نظامها الخاص لمدة لا تقل عن 5 سنوات متواليات.
– وأن يكون حسن السيرة والسلوك. وألا يكون قد صدر عليه حكم قضائي بالسجن لجريمة أخلاقية لمدة تزيد على 6 شهور.
ويرفق طالب التجنس بطلبه تصريح الإقامة الدائمة وجواز سفره القانوني أو أية وثيقة تعتبرها السلطات المختصة قائمة مقام الجواز القانوني، وكل وثيقة تتعلق بالجنسية التي ينسلخ منها، وبكل ورقة تؤيد ما هو مطالب بإثباته بمقتضى أحكام هذا النظام.
أما المادة رقم 14، فتقول إنه يترتب على اكتساب الأجنبي الجنسية السعودية أن تصبح زوجته سعودية ما لم تقرر خلال سنة من دخول زوجها في الجنسية السعودية أنها ترغب في الاحتفاظ بجنسيتها الأصلية.
أما الأولاد الذين لم يبلغوا سن الرشد فإن كانت إقامتهم بالسعودية فيعتبرون سعوديين، على أن لهم حق اختيار جنسية والدهم الأصلية خلال سنة من تاريخ بلوغهم سن الرشد.
أما إذا كانت إقامتهم خارج المملكة، فيعتبرون أجانب ولهم حق اختيار جنسية والدهم السعودية خلال سنة من تاريخ بلوغهم سن الرشد.
وبحسب المادة رقم 16، تكسب المرأة الأجنبية بالزواج جنسية زوجها السعودي.
وبحسب المادة 29؛ فإنه لا يحق لغير ملك السعودية منح الجنسية لمن لا تتوفر لديه الشروط المنصوص عليها في المادة 9.
التعديل الأخير من العاهل السعودي
ينص التعديل السعودي على قانون الجنسية على ضرورة أن يراعي الاستقطاب أعلى معايير الكفاءة والمهنية في المرشحين لنيل الجنسية، في حين أن استقطاب المميزين والمبدعين سيكون قائما على الترشيح وفق الصالح العام، ولن يتم فتح الباب لتقديم طلبات بهذا الخصوص.
وحدد التعديل الجديد قطاعات مثل الطب والصناعة والطاقة والزراعة والجيولوجيا والفضاء والطيران والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء في التخصصات المطلوب استقطاب كفاءاتها للحصول على الجنسية السعودية باعتبار أن هذه المجالات ستضيف المزيد من الكفاءات إلى البلاد.
تنافسية دولية
السعودية ليست الدولة الوحيدة التي تقوم بمنح جنسيتها لأصحاب الخبرة الفريدة والمهارات المميزة ولكن هذا العرف والأسلوب تتبعه دول مختلفة حول العالم أدركت تماماً أن حجم تفوقها الاقتصادي والإبقاء على منافستها المميزة يتطلب استقطاب أكبر عدد ممكن من أصحاب الخبرة النادرة والمهارات الفريدة لإضفاء الصفة الاستثنائية على اقتصادهم ومجتمعهم وهي في هذه الحالة تحاول منافسة الأمارات التي بدأت بمنح الإقامة الذهبية الدائمة.
إذا الهدف هو المضي قدماً في خطة ابن سلمان بغض النظر عن أن هذه الخطوات مفيدة أو لا، إلا أن خطة ابن سلمان ورؤيته يسودها الخلل في كثير من مفاصلها والسبب سوء التخطيط والإدارة لهذا الشب الطائش.