الوقت - عرقلت الحكومة الفرنسية حملة أطلقها مجلس أوروبا في إطار مكافحة التمييز الذي تتعرض له النساء المحجبات.
حيث قالت سارة الهيري، وزيرة الدولة المسؤولة عن شؤون الشباب في فرنسا، إن حملة المجلس أصابتها بصدمة.
وأوضحت في تصريح لقناة “LCI”، الثلاثاء، أن مقطع الفيديو الخاص بالحملة كان يشجع على ارتداء الحجاب، وأن هذا يتعارض مع القيم الفرنسية.
وتابعت: “ندين هذا الأمر، وفرنسا أبلغت رفضها هذه الحملة (لمجلس أوروبا) وجرى إلغاؤها”.
وزعمت أن فرنسا تدافع عن العلمانية وحرية الدين لكن هذه الحملة تؤيد الحجاب.
وعقب إلغاء الحملة، حذف حساب مجلس أوروبا على توتير التغريدات التي نشرها في هذا الإطار.
وفي 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلق مجلس أوروبا الحملة التي تضمنت صورًا تدافع عن المحجبات ضد التمييز.
وكتب على الصور التي نشرها المجلس عبارات مثل “الحرية في الحجاب”، و”حجابي هو خياري”، و”اجلب السعادة وتقبل حجابي”.
وبعدما مرّت بادئ الأمر مرور الكرام، رصدت شخصيات من اليمين المتطرّف مناهضة للمهاجرين وساعية لإلحاق الهزيمة بالرئيس إيمانويل ماكرون في انتخابات العام المقبل، الحملة الأوروبية. وتعارض هذه الشخصيات بشدة ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
وقال المعلّق اليميني المتطرّف إريك زمور الذي لم يعلن بعد ترشّحه رسميا وتتوقع استطلاعات وصوله إلى الدورة الثانية من الاستحقاق ومواجهته ماكرون إن “الإسلام هو عدو الحرية. هذه الحملة عدوة الحقيقة”.
وقالت زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبن التي واجهت ماكرون في الدورة الثانية والحاسمة من الانتخابات الرئاسية في العام 2017 إن “هذه الحملة الأوروبية التي تروّج للحجاب الإسلامي مشينة وغير لائقة وتأتي في توقيت تكافح فيه ملايين النساء بشجاعة ضد هذا الاستعباد”.
وفي بلاد تعتبر العلمانية حجر أساس على صعيد القيم الوطنية ويؤدي اليمين دورا فاعلا فيها، ذهبت الاحتجاجات أبعد من اليمين المتطرّف.
وقالت رئيسة منطقة إيل-دو-فرانس الباريسية فاليري بيكريس التي من المحتمل أن تمثّل اليمين في الاستحقاق الرئاسي إن الحملة “أصابتها بالذهول” واعتبرت أن الحجاب “ليس رمزا للحرية بل للخضوع”.
وقال ميشال بارنييه الساعي بدوره للفوز بالترشّح عن اليمين الفرنسي في الاستحقاق الرئاسي المقبل إنه كان ليطلب من “أصحاب فكرة الحملة السيئة هذه أن يستشيروا نساء كابول (الخاضعة لسلطة طالبان) اللواتي يكافحن تحديدا ضد هذا الحجاب”.
وأعلنت الحكومة الفرنسية أنها حضّت مجلس أوروبا على سحب هذه الحملة. وفرنسا واحدة من الدول الـ47 الأعضاء في المجلس التي تعنى بالسهر على حسن تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وفي تصريح لمحطة “ال.سي.اي” التلفزيونية قالت الوزيرة الفرنسية للشباب ساره الحايري “أصبت بصدمة كبيرة”، وشددت على أن الحملة “مناقضة للقيم التي تدافع عنها فرنسا، إنها تروّج لارتداء الحجاب”.
وليل الثلاثاء اعتبرت الوزيرة الفرنسية أن هذه الحملة “يجب أن تدان ولذلك أعربت فرنسا بكل وضوح عن معارضتها الشديدة لها وبالتالي تم سحب الحملة اعتبارا من اليوم”، مؤكدة أن باريس تقدّمت باحتجاج رسمي عبر القنوات الدبلوماسية.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس قال المتحدث باسم مجلس أوروبا “لقد حذفنا هذه الرسائل التي تم إطلاقها على تويتر بانتظار النظر في طريقة أفضل لعرض هذا المشروع”.
وتابع “تعكس التغريدات تصريحات أفراد مشاركين في إحدى ورش العمل الخاصة بالمشروع وليس آراء مجلس أوروبا أو أمينته العامة” ماريا بينشينوفيتش بوريتش.
ولم يؤكد المجلس ما إذا كان سحب الحملة جاء نتيجة الضغط الفرنسي.
ويعد المجلس الأوروبي واحدا من أقدم الهيئات السياسية في أوروبا، ويهدف إلى ترقية حقوق الإنسان والديمقراطية ودولة القانون، وأنشطته منفصلة عن الاتحاد الأوروبي، لكنها تتلقى تمويلا جزئيا من الاتحاد.
وتمخضت الحملة عن ورشتي عمل نظمتا في سبتمبر / أيلول، على الانترنت بالتعاون مع فيميسو وهو منتدى للشباب المسلم عبر أوروبا.
وأوضح المتحدث باسم المجلس الأوروبي أن “العبارات المستعملة مستوحاة من تصريحات أدلى بها مشاركون في ورشتي العمل”.
وأضاف أن الرسالة لا تعكس موقف المجلس الأوروبي، أو موقف أمينته العامة ماريا بيتشينوفيتش بوريتش.
ودافعت رئيسة فيميسو هنده تانر، الأربعاء عن الحملة في حوار مع بي بي سي سي، قائلة إن الحملة “مستمرة”، أما بخصوص سبب إزالة التغريدة “فلا يمكنني الحديث باسم المجلس الأوروبي”.
وأضافت “من المحزن أن يتهجم سياسيون على جهود شباب من الأقليات، ويسعون لتحطيمها”.
وتابعت “رد الفعل هو دليل آخر على أن حقوق النساء المسلمات غير موجودة، عند أولائك الذين يدعون تمثيل أو حماية مفاهيم مثل الحرية والمساواة”.