الوقت- رغم العوائق التي تضعها بعض الدول العربيّة والغربيّة المعروفة لعرقلة جهود الرامية لإيجاد حل للأزمة السوريّة وإحلال الاستقرار في البلاد، أوضح مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بسام صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن مؤخراً، أن وزير الخارجيّة السوريّ، فيصل المقداد، بيّن في كلمة دمشق أمام الجمعية العامة إلى أن سوريا كانت منفتحة دائماً على أيّ مبادرات أو جهود سياسيّة صادقة وحياديّة لمساعدتها في الخروج من الأزمة التي بدأت قبل أكثر من 10سنوات.
وفي الوقت الذي تؤكّد فيه سوريا على أنّها يَسَّرت إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور عبر مساهمتها في الوصول إلى اتفاق بشأن تشكيلة اللجنة وقواعد الإجراءات الخاصة بها، تُشدّد على ضرورة أن تكون هذه العملية بقيادتها ومن دون تدخل خارجيّ أو محاولة فرض جداول زمنيّة مصطنعة أو خلاصات مسبقة لعمل اللجنة انطلاقاً من قاعدة أن الدستور وكل ما يتصل به هو شأن سوريّ - سوريّ يقرره أبناء هذا البلد بأنفسهم إعمالاً لمبدأ سيادة سوريا واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وهو المبدأ الراسخ الذي أكدت عليه جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع السوريّ.
وفي ظل التعاون السوريّ مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسون، والترحيب بزيارته البناءة إلى العاصمة السوريّة دمشق يومي الـ11 و12 من الشهر الماضي، عبّرت سوريا عن رضاها أيضاً من عزم بيدرسون الدعوة لعقد الجولة السادسة للجنة مناقشة الدستور في جنيف في تشرين الأول الجاري، بشرط أن يحافظ المبعوث الخاص على دوره كميسّر وأن ينقل ما يحدث بصورة نزيهة وحياديّة وموضوعيّة، وقد لفت مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة إلى أنّ ما تحقق في محافظة درعا في الفترة الأخيرة من تسويات ومصالحات يؤكد مجدّداً حرص سورية على إعادة الأمن والاستقرار لكل أنحاء البلاد مع ضمان سلامة مواطنيها وحقن دماء الأبرياء.
وفي ظل الضعف الكبير للدور الأمّميّ في إيجاد حلول سياسيّة للأوضاع المتأزمة منذ أكثر من عشر سنوات في سوريا، نوّه صباغ إلى أن دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين والذي استخدم من قبل البعض للتدخل بشؤون سوريا وزعزعة الأمن والاستقرار فيها على مدى عقد كامل يدفع إلى رفع الصوت عالياً لفضح هذه الممارسات ومطالبة تلك الدول بالعدول عن هذا السلوك التخريبيّ والتعلم من الدروس التي أفرزتها الحروب التي شنّتها هذه الدول على مدى سنوات طويلة.
وركّز خطاب سوريا في الأمم المتحدة على ثلاثة أمور هامة أولها ضرورة إنهاء الوجود العسكري الأجنبيّ غير الشرعيّ على الأراضي السوريّة والمتمثل في وجود قوات الاحتلال الأميركيّ في شمال شرق سوريا وقوات الاحتلال التركيّ في شمال غربها بشكل كامل، حيث إنّ تلك التدخلات السافرة ساهمت بشكل أساس في عرقلة وتخريب أيّ دور لإحلال السلام في هذا البلد الذي ذاق الأمرين خلال العدوان عليه لكنه استطاع السيطرة على معظم الأراضي التي سيطرت عليها الجماعات الإرهابيّة والمسلحين سابقاً، باستثناء مناطق الاحتلال التركيّ والأمريكيّ.
النقطة الثانيّة التي شدّد عليها المندوب السوريّ هي رفع الإجراءات الاقتصاديّة القسريّة الأحاديّة التي تفرضها أميركا والاتحاد الأوروبيّ ودعم جهود الدولة السوريّة وحلفائها في مكافحة الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار وإعادة بناء وترميم البنى التحتية المتضررة، بالتزامن مع الأوضاع المأساويّة التي يعيشها أبناء سوريا والتي رغم قسوتها الكبيرة لم تدفع الدول العربيّة ولا الغربيّة للتدخل بشكل ايجابيّ واضح، أو توفير مظلة جيدة لسوريا بما يمكّنها من تجاوز عثرتها الحاليّة، خاصة وأنّ الملف السوريّ من الملفات الأكثر تعقيداَ بالمنطقة، بالنظر إلى تواجد قوات عسكريّة لعدّة دول على أراضيها، ويجب التكاتف لمساعدتها.
ومع غياب الرغبة الدوليّة في وقف نزف جراح السوريين منذ سنوات طويلة، لفت صباغ إلى ضرورة البدء بمشاريع التعافي المبكر ودعم الصمود وتعزيزها كماً ونوعاً في مختلف القطاعات بما يسهم في توفير الخدمات الأساسيّة للسوريين والنهوض بوضعهم المعيشيّ والإنسانيّ إضافة إلى تيسير عودة المهجرين واللاجئين إلى مناطقهم، حيث يوصف التحرك الدولي تجاه هذا البلد بأنّه "مشلول" لأنّه لم يعطي أهميّة للواقع السوريّ المعيشيّ الذي لا تصفه الكلمات بعد أن ساهمت بعض العواصم العربيّة والغربيّة في تدويل الأزمة وتشريد السوريين وتدمير ماضيهم وحاضرهم ومستقبلهم.
وبالتزامن مع ما تقوم به تركيا الجارة الشماليّة لسوريا والمنخرطة في الحرب عليها، جدّدت سوريا مطالبة مجلس الأمن والأمانة العامة بتحمل مسؤولياتهما لوقف جرائم الاحتلال التركي وإنهاء وجود قواته على الأراضي السورية، مشيرة إلى الممارسات العدوانيّة والتخريبيّة التي يقوم بها النظام التركيّ على الأراضي السوريّة من دعم للإرهاب وقتل وتدمير وتتريك ونهب للثروات واستخدامه المياه أداة لخدمة ألاعيبه السياسيّة وسلاحاً يشهره في وجوه ملايين المواطنين السوريين في استهتار بالغ بمبادئ القانون الدوليّ، حيث تستخدم أنقرة والجماعات التابعة لها في سوريا سلاح المياه في معركتهم ضد السوريين، وهذا ما تصفه دمشق بـ "السلوك العدواني الذي يشكّل جريمة حرب و جريمة ضد الإنسانيّة".