الوقت- على بعد نحو 500 كيلومتر من الحدود السورية التركية، تفتتح قمّة مجموعة العشرين G20)) أعمالها اليوم في منتجع أنطاليا بحضور زعماء مجموعة العشرين الذين سيناقشون العديد من التحديات العالمية.
ويجري إجتماع هذا العام الذي يستمر حتى يوم غد الإثنين برئاسة رجب طيب أردوغان الذي لن يفوّت الفرصة لتقديم نفسه وبلده كلاعب دولي فاعل خاصّة بعد الفوز الذي حقّقه في الإنتخابات الأخيرة. ورغم أن مواضيع البحث لهذا الإجتماع من المفترض أن تتعلق بالوضع الراهن للاقتصاد الدولي إضافةً إلى وضع خارطة طريق من شأنها إيجاد طرق لزيادة المرونة الاقتصادية العالمية وزيادة التجارة والوضع الحالي للطاقة والمناخ ورفع معدل التنمية في دول العالم، إلا أنها ستتطرّق بشكل أساسي للوضع السوري الراهن وتداعيات إستهداف باريس، وأزمة اللاجئين.
إختلاف الأهداف
لاندري مدى قدرة زعماء مجموعة العشرين في التغلب على خلافاتهم حول عدد من القضايا من بينها الأزمة السورية وقضية اللاجئين والتغير المناخي، خاصةً أن إجتماع فيينا بالأمس لم يخلص إلى نتائج فاعلة، سيّما فيما يخص مصير الرئيس السوري بشار الأسد. لذلك من المتوقّع أن ينتهز رؤساء عدد من الدول هذه الفرصة النادرة للترويج لمشاريعهم تجاه سوريا، مما يعني تراجع التركيز على قضيّة المؤتمر الأساسية أي الاقتصاد العالمي والصحة.
أمريكياً، سيحاول الرئيس أوباما الذي عقد قبل مغادرته اجتماعا في واشنطن لمجلس الامن القومي لاستعراض الوضع بعد اعتداءات باريس، سيحاول الترويج لبلاده كمحارب أساسي للتنظيمات الإرهابية في العالم، بهدف إعادة جذب العديد من الدول إلى التحالف الدولي، بعد مغادرتها قبل فترة، للحد من فاعلية روسيا التي خطفت في الآونة الأخيرة الأضواء الإعلامية العالمية من واشنطن فيما يخص محاربة الإرهاب.
تركياً، سيحاول الرئيس التركي فرض نفسه كلاعب إستراتيجي على الساحة الدولية، إضافةً إلى السعي لتمرير مشروعه تجاه سوريا عبر المنطقة العازلة الأمر الذي سيواجه "إرتفاع صوت" روسي، وهذا ما يمكن رصده من كلام رئيس الوزراء التركي زعيم حزب العدالة والتنمية أحمد داود أوغلو الذي أوضح أن هدف بلاده هو إبعاد الإرهابيين عن طريق حلب. وفيما يخص ازمة اللاجئين فمن المتوقّع أن ينتهز أردوغان حادثة باريس في هذه القمّة لإستنزاف الإتحاد الأوروبي عبر التوافق على الخطوط العريضة للقضية، وإرجاء بحث تفاصيلها إلى القمّة التركية-الأوروبية المرتقبة نهاية الشهر الجاري أو بداية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
من المتوقّع أن يبدي أردوغان مرونة كبيرة تجاه الطلب الأوروبي بوقف تدفق اللاجئين من تركيا مقابل إلتزام أوروبا بجملة من المطالب، أبرزها: تزويد تركيا بثلاثة مليارات يورو (3,3 مليار دولار) سنوياً والسماح للأتراك بالسفر إلى أوروبا بدون تأشيرات، المطالبة بإنهاء الجمود في المحادثات بشأن انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي ومطالبة بروكسل باستئناف دعوة القادة الأتراك إلى القمم التي يعقدها الاتحاد.
روسياً، سيحاول الرئيس بوتين إنتهاز الفرصة للتأكيد على نتائج إجتماع الأمس في فيينا، وبالتالي تشكيل تحالف دولي فاعل للقضاء على الجماعات التكفيرية المصنّفة على لائحة الإرهاب الدولي، داعش وجبهة النصرة.
بدوره سيسعى الإتحاد الأوروبي، للملمة جراحه والبحث جديّا في قضيّة اللاجئين، ولا ندري قدرة الإتحاد على وضع الملف الإقتصادي على الطاولة الانطالية( نسبةً إلى منتجع إنطاليا)، بإعتباره يعاني من أزمة حقيقية مع وصول معدل النمو في منطقة اليورو إلى الصفر تقريباً (تراجع معدل النمو في منطقة اليورو إلى 0.3% خلال الربع الثالث للعام الحالي).
سعوديا، سيحاول الملك سلمان الذي وصل على رأس وفد كبير يضم إبنه محمد، ولي ولي العهد ووزير الدفاع، أن يكرّر مطالب الجبير في فيينا، أي رحيل الرئيس السوري بشار الأسد.
نتائج محدودة
رغم أن جميع الزعماء في المجموعة سيرغبون في انهاء الاجتماع بايجابية وبتوافق على الاستراتيجية، إلا أن التوصل إلى اتفاق بشان سوريا سيكون صعبا، حيث ستتعارض المصالح الروسية مع المصالح الأمريكية-التركية-السعودية، في حين من المتوقّع أن تبدي دول الإتحاد الأوروبي مرونة أكبر تجاه الرئيس الأسد، ولو لم نشاهد ذلك في البيان الختامي.
اذاً، ستؤثر الأزمة السورية على جوانب عدّة من قمّة دول العشرين التي تأسست عام 1999، كالتنمية والتغير المناخي والنمو الاقتصادي والتوتّر الصيني الياباني في بحر الصين، رغم انها تأتي قبل مؤتمر الامم المتحدة الـ21 للتغير المناخي الذي سيعقد في باريس بهدف الاتفاق على معاهدة ملزمة قانونيا بشان المناخ العالمي. إن قمّة دول العشرين في العام 2015 ستكون إعلامية أكثر من أي شيء آخر، بإعتبار أن خلافات أعضائها ستقوّض نتائجها المرتقبة.