الوقت - أفادت وسائل اعلام يوم الخميس الماضي، بأن السلطات السودانية صادرت جميع أصول حركة المقاومة الإسلامية حماس على أراضيها.
حيث قالت رويترز أن أصول "حماس" في السودان، تضمنت فنادق وعقارات وشركات متعددة الأغراض وأراضي وصرافات. وأكدت أن السودان أوقف كل عمليات تحويل الأموال لـ"حماس" وحسابات شركات وأفراد يعملون لصالحها.
من جهتها نفت الحركة ما أوردته وسائل الإعلام عن وجود استثمارات لها في جمهورية السودان، ومصادرتها من قبل لجنة أمنية تتبع للحكومة السودانية.
وفي تصريح صحافي، أشارت حماس إلى أن الأصول المذكورة في التقارير الإعلامية ذاتها تعود ملكيتها لرجال أعمال ومستثمرين فلسطينيين، ليس لهم أي صلة تنظيمية بالحركة.
كما ناشدت حماس، رئيسَ مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك “التدخل شخصيا لإيقاف حالات التعرض للفلسطينيين في السودان، المتمثلة في مصادرة استثماراتهم ومنازلهم وأموالهم الشخصية وشركاتهم، التي اكتسبوها بطريقة قانونية، وبعلم مؤسسات الدولة السودانية، وموافقتها”.
وأكدت حماس عمق العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والسوداني، وقالت إنها “تستذكر المواقف التاريخية المشرفة للشعب السوداني والحكومات السودانية المتعاقبة التي دأبت على دعم القضية الفلسطينية في المحافل والميادين كافة”.
وأعربت حماس عن أملها بأن تكون القضية الفلسطينية والمواطنون الفلسطينيون المقيمون في السودان بمنأى عن التطورات السياسية داخل السودان الشقيق، باعتبار فلسطين قضية مركزية للأمتين العربية والإسلامية.
وحمل بيان حماس توقعات بإمكانية إقدام السودان على تنفيذ اعتقالات أو مضايقة جديدة لرجال أعمال فلسطينيين أو طلبة وفلسطينيين آخرين مقيمين على أراضيه، بحجة انتمائهم لحركة حماس.
وشهد موقع تويتر، سجالاً بين نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، حيث حث الوزير حسين الشيخ، السلطات السودانية على تسليم الأموال التي صادرتها من حركة "حماس" إلى السلطة الفلسطينية.
وكتب الشيخ عبر "تويتر" السبت: "نتمنى من السودان الشقيقة التي كانت دومًا شعبًا وحكومة مع شعب فلسطين أن تسلم الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تم مصادرتها إلى دولة فلسطين ولحكومة فلسطين".
وأضاف: "الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون لهذه الأموال وتحديدا شعبنا العظيم الذي يرزح تحت الحصار في غزة".
ورد عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، موسى أبو مرزوق، على عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ،. وقال أبو مرزوق، في تغريدة عبر تويتر، إن “حسين الشيخ يحاول الاصطياد في الماء العكر؛ فما جرى في السودان هو صراع داخلي لاستجلاب التأييد الأمريكي للشق المدني في حكومة حمدوك في مواجهة العسكر”.
وأضاف أبو مرزوق: “لعبة رخيصة استخدم فيها اسم الحركة افتراءً، ومطلوب من السودان تصحيح الموقف ورد الحقوق إلى أصحابها”.
وحسب ما يتوفر من معلومات في وسائل الاعلام، فإن السلطات الأمنية السودانية، قامت قبل أشهر بحملات اعتقال واسعة طالت العديد من رجال الأعمال والطلبة الفلسطينيين، بحجة انتمائهم لحركة حماس، حيث أطلقت سراح غالبيتهم بعد إخضاعهم للتحقيق.
واضطر عدد منهم إلى مغادرة السودان، بناء على طلب السلطات هناك، كما غادرها آخرون خشية من تعرضهم للاعتقال مجددا.
وحسب فلسطينيين كانوا يقيمون في السودان، فقد اشتكوا خلال الأشهر الماضية، من قيام سلطات الخرطوم بمصادرة بعض الأملاك الخاصة، المتمثلة بمحال تجارية يملكها فلسطينيون ومسجلة بأسمائهم بشكل رسمي، وأموال نقدية ومساكن عدة، كما طال الأمر تجميد حسابات أخرى في البنوك.
وقد نفى من جرى اعتقالهم أي علاقة لأموالهم بحركة حماس، غير أن ذلك الأمر لم يلاقِ آذانا صاغية من سلطات الخرطوم التي واصلت التضييق عليهم.
وفي وقت سابق، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن السلطات السودانية تعهدت للولايات المتحدة بإغلاق مكاتب حركة "حماس" لديها.
ولم يعد لحركة حماس ممثل في السودان على غرار الفترة الماضية، وكانت آخر زيارة لقيادة الحركة برئاسة رئيس المكتب السياسي وقتها خالد مشعل، في مارس من عام 2016، لتقديم التعازي بوفاة القيادي حسن الترابي، رئيس البرلمان السوداني السابق، الذي كان قد زج قبل وفاته بالسجن لخلافه مع البشير.
ولا يخفى على أحد أن "حماس" كان لديها علاقات وثيقة مع حكومة الرئيس السابق "عمر البشير"، وكانت علاقة "حماس" بـ"البشير" قوية منذ سنوات، لكن العلاقات توترت في أوائل عام 2016، في الوقت الذي اقتربت فيه حكومة "البشير" من الرياض وأبوظبي.
واستمرت العلاقات في التدهور بعد الإطاحة بـ"البشير" وخلافة مجلس السيادة السوداني له، فقد سعى المجلس إلى بناء علاقات مع الولايات المتحدة والغرب والتطبيع مع إسرائيل للمساعدة في تخفيف الضغوط الاقتصادية الشديدة ورفع العقوبات.
لذلك ربما لا يتوقع أحد أن تحدث استجابة إيجابية من البرهان وحمدوك لطلب حماس، لأن ما يجري هناك هو بعض مطالب وشروط أميركا والكيان الصهيوني، وهو ثمن طبيعي لمن يريد أن يكون في السلة الأميركية، وقد سبقت السودان دول أخرى دفعت الثمن نفسه لترضى عنها أميركا و"إسرائيل".
ويخشى مراقبون أن تشرع السلطات السودانية، في ظل اتفاق تطبيع العلاقات مع الكيان، بخطوة مماثلة لتلك التي نفذتها السلطات السعودية قبل أكثر من عامين، حين أقدمت على اعتقال عشرات الفلسطينيين، بينهم ممثل حماس السابق لدى المملكة محمد الخضري ونجله.