الوقت_ تلبية لدعوة الرئيس المصريّ، عبد الفتاح السيسي التي وجهها إلى رئيس وزراء العدو الصهيونيّ، نفتالي بينيت، للقيام بزيارة رسميةّ إلى مصر، والتي نقلها مدير المخابرات العامة المصريّ، عباس كامل، خلال اجتماع مع بينيت في القدس المحتلة قبل أسابيع، زار الأخير مصر الثلاثاء الماضي، وتصدر لقاءه مع السيسي في مدينة شرم الشيخ المصريّة عناوين المواقع والصحف العبريّة والمصريّة، حيث دعا الرئيس المصري إلى ضرورة الحفاظ على التهدئة بين المقاومة الفلسطينيّة وقوات العدو، مؤكّداً على دعم بلاده لكل جهود تحقيق السلام الشامل بالشرق الأوسط، استناداً إلى حل الدولتين وعلى أساس قرارات الشرعية الدوليّة، وبما يسهم في تعزيز الأمن والرخاء لكافة شعوب المنطقة، ويأتي هذا اللقاء لبحث الأبعاد السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة للعلاقات بين القاهرة وتل أبيب، إضافة إلى بحث ملف الوساطة المصريّة بشأن الأوضاع الأمنيّة في قطاع غزة المحاصر.
في ظل التعنت الإسرائيليّ بعرقلة إعادة إعمار غزة، واستمرار فرض حصار خانق لتجويع وتعذيب سكان القطاع المحاصر منذ سنوات، لفت الرئيس المصريّ في اللقاء الأول بينهم منذ تولي بينيت مهام منصبه، إلى أهمية دعم المجتمع الدوليّ جهود القاهرة لإعادة الإعمار بالمناطق الفلسطينيّة، إلى جانب ضرورة الحفاظ على التهدئة بين المقاومة الفلسطينيّة والعدو الغاصب، لاسيما مع تحركات الحكومة المصريّة المتواصلة لتخفيف حدة التوتر بالضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي الوقت الذي تقوم فيه القاهرة بجهود وساطة بين العدو القاتل والمقاومة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وقيامها بلعب دور محوريّ في التوسط لاتفاقات وقف إطلاق النار بين العصابات الصهيونيّة والفصائل الفلسطينيّة في قطاع غزة في جولات قتال عديدة، يمكن لمصر أن تلعب دوراً أكبر في تغيير وجهات نظر الصهاينة، لأنّ "حماس" التي تواجه الإسرائيليين بكل ما أوتيت من قوة تسعى لفرض حقوق الشعب الفلسطينيّ على هذا الملف، حيث توقفت المفاوضات بين الفلسطينيين والعدو منذ أبريل/ نيسان عام 2014، بسبب رفض "إسرائيل" وقف الاستيطان والإفراج عن معتقلين قدامى وتنصلها من خيار حل الدولتين.
وتتحدث تقارير إعلاميّة أن اللقاء تناول التباحث حول عدد من الموضوعات الثنائيّة بين الجانبين المصريّ والصهيونيّ في مختلف المجالات، إضافة إلى سبل وجهود إعادة إحياء ما تسمى "عملية السلام"، فضلًا عن مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليميّة والدوليّة، كما تناول الاجتماع ملف التسوية في قطاع غزة ورغبة القاهرة في تعزيز مكانة السلطة الفلسطينيّة، وقضية الجنديين الصهاينة المفقودين، وأسرى العدو في قطاع غزة، حيث حضر اللقاء منسق قضية المفقودين، يرون بلوم، كما شاركت سفيرة العدو في القاهرة أميرة أورون.
ويرى محللون أنّ هذا الاجتماع بمثابة اختبار لنيات حكومة العدو المتشدّدة خلال السنوات المقبلة، ومدى استعداد تل أبيب للتعاون الجديد والمستمر مع الحكومة المصريّة لإحياء السلام في الشرق الأوسط، بناء على رغبة مصريّة في تحريك الملفات الكبرى على الساحة الفلسطينيّة، وبالأخص استمرار الهدنة الطويلة الأمد والشروع في عملية إعمار قطاع غزة المجمدة من قبل تل أبيب.
ووفقاً لخبراء مصريين فإنّ أيّ لقاء بين القيادات المصريّة والصهيونيّة يجب أن يكون في صالح القضية الفلسطينيّة، وباعتبار أن آخر لقاء جرى بين رئيس مصري ورئيس وزراء إسرائيلي كان منذ أكثر من عشر سنوات، جاءت قمة شرم الشيخ لترسل رسائل عدة إلى المجتمع الدوليّ والرأي العام الصهيونيّ وحكومة العدو، مضمونها أن مصر مستعدة للتعاون مع حكومة رئيس الوزراء الصهيونيّ المتشدّد، نفتالي بينيت، طالما أن الأخيرة جادة في التوصل إلى سلام شامل ودائم في المنطقة، وغاية القاهرة ألا تمنح اليمين الإسرائيليّ المتطرف فرصة جديدة للإجهاز على حل الدولتين.
ومن الجدير بالذكر أنّ وسائل إعلام العدو تحدثت أنّ بينت ناقش مع السيسي خلال اجتماعهما في شرم الشيخ تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، ووصف رئيس حكومة العدو لقاءه مع الرئيس المصريّ بـ "جيد جيداً"، وطالب السيسي بتشديد الرقابة المصريّة على معبر رفح الحدوديّ مع غزة المحاصرة، مؤكداً على دور مصر المحوريّ في الحفاظ على الاستقرار الأمنيّ في القطاع وإيجاد حل لقضية الأسرى والمفقودين، فيما تحدث الرئيس المصري حول قطاع غزة وأهمية الحفاظ على السلام ووقف إطلاق النار، وضرورة تحسين الأحوال المعيشيّة سواء في غزة أو الضفة الغربيّة، كما تم طرح قضيّة "سد النهضة" الإثيوبيّ، دون أيّ تفاصيل أُخرى.
في الختام، لابد لمصر التي كانت أول دولة عربيّة توقع اتفاقية "سلام" مع الكيان الصهيونيّ عام 1979، أن تلجم تصعيد تل أبيب المتواصل على جميع المستويات وبالأخص على الحدود مع قطاع غزة بعد أن أرسلت ترسانتها وقواتها العسكريّة إلى هناك، وأن توصل رسالة واضحة بالرد الفلسطينيّ المزلزل إذا تجرأ العدو وقام بأي عمل عسكريّ ضد غزة للتغطيّة على فشله الأمنيّ في سجن جلبوع.
ومن الضروريّ الإشارة إلى أنّ مصر يجب أن تأخذ دورها المفترض كداعم قويّ لفلسطين وشعبها ومقاومتها ضد كيان الاحتلال المجرم، باعتبارها إحدى أهم الدول العربيّة، وليس كوسيط خجول في أيّ محادثات، وأن تضع نُصب أعينها تصريحات، نفتالي بينيت، الذي أبدى فيها استعداده لحرب جديدة على غزة حتى لو أدى ذلك إلى سقوط حكومته الائتلافيّة.