الوقت- تستمر الازمة الافغانية في دائرة مغلقة لكنها تترك تاثيرا كبيرا في خارج افغانستان ايضا، فالتطرف والعنف ووجود تيارات مثل داعش وطالبان وانتاج المخدرات والاتجار بها وضعف الحكومة وفسادها كلها ازمات داخلية لكنها تؤثر على المحيط الاقليمي لافغانستان وتوفر الارضية ايضا للتدخل الخارجي في هذا البلد.
ويزيد التدخلات الاجنبية في افغانستان توقيع هذا البلد للاتفاقية الامنية مع امريكا وانسحاب القوات الاجنبية منها ومن ثم الاعلان عن موت زعيم طالبان الملا عمر بعد سنتين على موته، ولايمكن لنا حصر الازمة الافغانية في داخل حدود هذا البلد لأن افغانستان هي نقطة اتصال بين غرب آسيا وجنوب آسيا وآسيا الوسطى وهي مناطق استراتيجية هامة جدا.
وبغض النظر عن موقع افغانستان الجغرافي الهام والدور الذي يمكن لافغانستان ان تؤديه يجب القول ان مصير ومستقبل افغانستان بات اليوم يتوقف على كيفية تواجد القوات الامريكية وقوات حلف الناتو على اراضيها وكذلك كيفية المواجهة مع الجماعات المتطرفة مثل طالبان وداعش.
ان اهمية افغانستان بالنسبة لامريكا وحلفائها تكمن في الفرص التي يمكن ان توفرها افغانستان لتنفيذ سياسات هؤلاء في المنطقة ولذلك نجد ان الامريكيين وحتى حكومة اشرف غني باتوا يتعاملون بمرونة مع تحركات جماعة طالبان ويعتبرون هذه الجماعة قوة معارضة سياسية بدلا عن اعتبارها جماعة ارهابية.
وتعيش افغانستان اليوم وسط تطورات جديدة تحدث في منطقة غرب آسيا ويبدو ان هناك مستقبلا مجهولا ينتظر هذا البلد نظرا الى ظهور جماعات واحزاب جديدة وتبادل السلطة والتغيير الذي من المحتمل ان يحدث في داخل الحكومة وهي تغييرات جذرية يمكن للخبراء والمحللين الوقوف عندها.
ان عدم سعي طالبان للامساك بزمام الحكم في افغانستان على الرغم من التواجد والانتشار الكبير لعناصر طالبان في مناطق استراتيجية في جنوب وشمال هذا البلد يطرح علامة استفهام كبيرة امام المتابعين للشأن الافغاني، ويجيب بعض المحللين على هذا السؤال بأن طالبان التي يقودها ملا اختر منصور تختلف كليا عن طالبان الملا عمر فهذه الجماعة قد خسرت وحدتها وهناك نزاعات كبيرة بين الجماعات التي تقول بأنها منضوية تحت لواء طالبان.
ويتمتع الملا اختر منصور بالدعم الاماراتي والسعودي تماما كما كان يحظى به الملا عمر لكن منصور متفوق على عمر بالعمالة لجهاز استخبارات الجيش الباكستاني ولذلك يجب البحث عن سبب عدم قيام طالبان بغزو كابول في الاستراتيجية الباكستانية.
ان طالبان الملا اختر منصور اصبحت اداة طيعة لتنفيذ اجندات الباكستانيين الذين يفضلون اللعب بورقة طالبان بدلا عن ايصالها الى السلطة في كابول، وهناك من المراقبين من يعتقد بأن الامريكيين ايضا يشاركون في هذه اللعبة.
ويبدو ان الاستخبارات الباكستانية التي تستخدم طالبان كأداة في يدها تريد تحقيق هدفين من هذا الاستغلال اولهما زعزعة امن جماعة طالبان نفسها واجبار هذه الجماعة على الدخول في حل سياسي في افغانستان، وثانيهما تلقي الدعم الاقتصادي والمالي من امريكا من اجل محاربة طالبان والتيارات المتطرفة.
ان باكستان وحلفائها العرب والغربيين يريدون تأزيم اوضاع افغانستان بشكل كبير في الفترة المقبلة لكنهم يتحينون الفرص المناسبة للاضرار بمصالح باقي اللاعبين في افغانستان لجر هؤلاء الى دائرة الصراع مع منعهم من الامساك بزمام المبادرة.