الوقت- مع الركود في ساحة المعركة في اليمن، يقوم تحالف العدوان المكون من بعض القوى المحلية والأجنبية المعارضة لصنعاء في عدن بمراجعة تحالفاتها واستراتيجياتها السياسية وإعادة بناء الهياكل الداخلية لها للاستعداد لإدخال تغييرات وديناميكيات في ساحة الحرب اليمنية. وفي غضون ذلك، وفي أحد أهم الأحداث، ترددت أنباء عن اجتماع قادة حزب المؤتمر الشعبي اليمني في أبو ظبي بدولة الإمارات، ولقد اتخذوا بعض القرارات لإعداد خطة سلام وذلك من أجل تمهيد الطريق لصعود "أحمد" نجل الرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" إلى السلطة. ولقد فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على "أحمد علي عبد الله صالح" في أبريل 2015 بموجب المادة 2216، متهماً إياه بالمشاركة في أنشطة تهدد السلام والأمن والاستقرار في اليمن ومنعه من السفر للخارج. ومع ذلك، فإن الخطوات الأخيرة التي اتخذها وزير الخارجية المستقيل، "أحمد بن مبارك"، من خلال إرسال رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والتفاوض مع "مارتن غريفيث"، الأمين العام السابق لليمن، تشير إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تخططان لإعادة "احمد علي" إلى السلطة والاطاحة بـ"منصور هادي" من منصبه. كما يظهر لقاء "أحمد علي" الأخير مع السفير الهولندي لدى الإمارات أن الغرب يستعد لرفع العقوبات المفروضة عليه.
وحول هذا السياق، بررت صحيفة "إيلاف"، أحد أهم الصحف السعودية الموازية، في مقال للكاتب "محمد الدليمي"، التوجه الجديد بأنه نتيجة الحالة الصحية لهادي و عامل السن، مشيرة إلى أن نجل الرئيس الأسبق، "أحمد علي عبدالله صالح"، هو المرشح الأبرز حاليا لخلافته. واستعرض الكاتب عدد من ما وصفها بحاجة بلاده للمؤتمر الشعبي العام خلال المرحلة المقبلة، محاولا تسويق "احمد علي" كخيل طروادة. وكشف "الدليمي" إلى بدء دول في مجلس الأمن الدولي كروسيا والصين تحركا لرفع العقوبات عن نجل "صالح"، مشيرا إلى أن "هادي" لا يزال العائق الأبرز حاليا أمام رفعها بعد اشتراط مجلس الأمن توصية منه. وتأتي محاولات السعودية للدفع بإرث "صالح" إلى صدارة المشهد بالتزامن مع محاولات لإعادة لملمة شتات حزبه المنقسم منذ مقتل مؤسسه في أحداث فتنة ديسمبر من العام 2017. وأفادت تقارير إعلامية في وقت سابق عن ابرام نجل "صالح" اتفاق بين فرع الحزب في الساحل الغربي بقيادة نجل عمه "طارق" والمركز في صنعاء بقيادة "أبو راس" في محاولة لانتزاع الكتلة الكبرى من الحزب لحساب نجل "صالح". وأشارت التقارير إلى أن توجيهات دولية وإقليمية لقادة الحزب بإعادة توحيده استعدادا للمرحلة المقبلة حيث تدفع اطراف إقليمية ودولية بالحزب للعودة إلى تصدر المرحلة الانتقالية. ويعاني الحزب من تفكك كبير دفع بالإمارات للاعتراف باستحالة إعادة لملمة شمله. واعتبرت صحيفة العرب الإماراتية الخلافات بين نجل "صالح وهادي" ابرز العراقيل التي افشلت حتى الأن مساعي إعادة توحيد الحزب، مشيرة إلى اشتراط نجل "صالح" ضرورة رفع العقوبات عنه للتقارب مع "هادي" وهو ما يرفضه الأخير خشية أن تدفع هذه الخطوة نحو سحب بساط المؤتمر من تحته.
كواليس المنافسة بين أبو ظبي والرياض؛ نهاية موسم التحالف
لا شك أن انعدام الثقة بين السعودية والإمارات يتنامى يوما بعد يوم، ويرجع ذلك إلى الجهود المتبادلة لكسب المصالح في اليمن بعد الخلافات بين خطط البلدين بشأن عملية التنمية في اليمن، وهذا الامر يظهر بوضوح من خلال اعلان ابوظبي انسحابها من اليمن، وقيامها بعد ذلك بدعم المجلس الانتقالي الجنوبي لمواجهة ميليشيات "منصور هادي" في المناطق الجنوبية، وطرد حكومة "هادي" المستقيلة من عدن. ولقد استمر هذا الخلاف على الرغم من العروض السياسية للحفاظ على الوحدة، مثل اتفاق الرياض الفاشل، والصور التذكارية لـ"محمد بن زايد ومحمد بن سلمان" خلال زيارة ولي عهد الإمارات الأخيرة إلى الرياض. ولقد زادت هذه الخلافات عقب قيام أبوظبي ببذل الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لأخذ زمام المبادرة من الرياض وإظهارها على أنها اللاعب الرئيسي في التطورات الرئيسية التي تحدث في جنوب اليمن.
في الواقع، رغم أن الأخبار المسربة في وسائل الإعلام تتحدث عن اتفاق الرياض وأبوظبي على عزل "منصور هادي" من السلطة، لكن وراء الكواليس هناك منافسة شرسة بين البلدين لاختيار حلفاء مقربين في حكومة عدن، حيث يمكن اعتبار "هادي" كان امتيازاً للسعودية للحفاظ على الجبهة المهزومة المناهضة لقوات صنعاء. وبالنظر إلى الوضع المأساوي لجبهة مأرب واستمرار الضربات الجوية اليومية لـ"أنصار الله" على الأراضي السعودية، فإن الرياض تبذل الكثير من الجهود لإختيار قادة موالين لها للتصدي لقوات صنعاء. وهنا تجدر الإشارة إلى أن معارضة "منصور هادي" داخل التحالف الداخلي في حكومة عدن تتزايد باستمرار، وإضافة إلى الجنوبيين، رفض "طارق صالح" أيضًا مبايعة "هادي".
تحديات حزب المؤتمر وإدارة ظهرها لأخطاء الماضي
وبحسب مراقبون، فإن الجهود المبذولة لتعيين "أحمد علي" رئيساً للمؤتمر الشعبي العام في المرحلة الحالية تمر بمرحلة صعبة بسبب الخلافات الكثيرة التي أدت إلى تفكك الحزب على نطاق واسع. حيث يمر حزب المؤتمر حاليًا بظروف صعبة للغاية بسبب الأوضاع المحلية الهشة، ونقص الموارد المالية، فضلاً عن الضغوط الإقليمية والدولية. إن الخلاف الداخلي بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام تعتبر من أهم التحديات التي تواجه قادة هذا الحزب لإستعادة موقعهم في تطورات اليمن، خاصتا وأن أعضاء هذا الحزب منقسمون بين صنعاء والقاهرة والرياض. وبحسب مراقبين سياسيين، فإن التحدي الأهم الذي يواجه جهود توحيد حزب المؤتمر الشعبي العام هو عدم وجود قيادة رشيدة، في الوقت الذي يرى فيه كل من قيادات الحزب نفسه أكثر أهلية لتولي دفة الحزب. وهنا تجدر الاشارة إلى أن قادة الحزب لا يهتمون كيف يهتفون خارج اليمن بشعارات وطنية، لكنهم متآمرون على مصالح الشعب اليمني وحزب المؤتمر. حيث غادر معظمهم وطنهم بينما عانى الشعب اليمني من الحرب والحصار والجوع والمرض لمدة 6 سنوات. لذلك فإن الأولوية الأهم لقادة الحزب هي تحرير أنفسهم من التبعية للقوى الأجنبية التي تسعى إلى تحقيق أهداف استعمارية وتمنع عملية استقلال اليمن.
وفي السياق ذاته، أكد مصدر يمني أن هناك خلافا متناميا بين "أحمد علي" ونجل عمه "طارق صالح"، قائد ما تسمى "المقاومة الوطنية"، التي تشكلت في العام 2018 بتمويل إماراتي في منطقة الساحل الغربي من محافظة تعز، جنوب غرب اليمن. وتابع: "بدأت الخلافات بينهما في أعقاب إعلان طارق صالح مكتبا سياسيا لقواته في مارس/ آذار الماضي، والذي لاقى معارضة شديدة من ابن عمه، أحمد علي المقيم في أبوظبي، كون هذا المكون يقفز على حزب المؤتمر ويعمق الانقسام فيه". ويشهد حزب المؤتمر تشظيا وانقساما غير مسبوق، منذ اندلاع ثورة 11 شباط/ فبراير في العام 2011، مرورا بما يعرف بـ"الانقلاب الذي قاده انصار الله خريف 2014، وصولا إلى أحداث كانون الأول/ ديسمبر 2017، التي انتهت بمقتل زعيم الحزب صالح". وأكمل المصدر، قائلا: "غير أن التباين بين طارق وأحمد صالح وصل إلى نقطة بعيدة، بسبب مبادرة السلام التي يعكف مؤتمريون على إعدادها".
ومنذ أيام، عادت مساعي لملمة حزب المؤتمر الشعبي العام في اليمن إلى الواجهة، الذي تعصف به انقسامات عميقة منذ مقتل زعيمه، "علي عبدالله صالح" أواخر العام 2017م. ويبدو أن صراع الأجنحة داخل حزب المؤتمر يجعل هذه المهمة معقدة جدا، لاسيما في ظل هيمنة "أنصار الله" على جناح الداخل، الذي يقف معها في خندق واحد، ويتبنى الموقف ذاته من التحالف العسكري الذي تقوده الرياض، وهذا الأمر قد يعوق حدوث أي اختراق في جدار التصدعات الجاثم عليه.