الهجمات على الأبراج
كانت الضربات التي وجهتها الالة العسكرية الصهيونية على الأبراج الأربعة في قطاع غزة خلال حرب سيف القدس والتي حققت فيها هيومن رايتس ووتش مجرد جزء صغير من الهجمات العسكرية الإسرائيلية على غزة أثناء القتال في أيار. ولم تجد أبحاث هيومن رايتس ووتش في الهجمات على الأبراج الأربعة أي دليل على وجود أعضاء من الفصائل الفلسطينية المشاركة في العمليات العسكرية في المباني أو وجودهم هناك مسبقا لمدة طويلة.
وتقول هيومين رايتس ووتش أن "حماس، سلطة الأمر الواقع في غزة، هي منظمة تضم حزبًا سياسيًا وجناحًا مسلحًا، مجرد العضوية أو الانتماء إلى حماس ليس أساسًا كافيًا لتحديد شخص ما ليكون هدفًا عسكريًا مشروعًا، وتسمح قوانين الحرب باستهداف القادة العسكريين في سياق النزاع المسلح، شريطة أن تتوافق هذه الهجمات مع القوانين التي تحمي المدنيين، والقادة السياسيون الذين لا يشاركون في العمليات العسكرية، وكذلك المدنيون، ليسوا أهدافًا مشروعة للهجوم".
وتقول هيومن رايتس ووتش، بالإضافة إلى الأضرار والدمار الذي لحق بالأبراج ومكاتبها ومساكنها، من المتوقع أن يكون للهجمات آثار "لها تداعيات" مختلفة، كالضرر بالمدنيين والأعيان المدنية بسبب الهجوم غير المباشر أو الفوري، وتشمل هذه الآثار النزوح، وتدني مستوى المعيشة، وإعاقة الحصول على المأوى والرعاية الصحية والخدمات الأساسية مثل الكهرباء، وكلها تؤثر على حقوق الإنسان الأساسية.
وأضافت "في غزة، تتفاقم هذه الآثار بسبب الإغلاق الشامل الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ 2007، والذي بالكاد تخفف مصر منها على حدود غزة من الجنوب، إذ تبقي على قيودها، حيث أدى الإغلاق الإسرائيلي، والقيود على الحدود المصرية، إلى تدمير اقتصاد غزة، ويعتمد 80% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية ويعيش أكثر من نصفهم تحت خط الفقر، وفي 2020، تجاوز معدل البطالة 40%.
وطالبت المنظمة مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى مراقبة الوضع في غزة، وأن يدرج في تحقيقه بشأن فلسطين الهجمات الإسرائيلية في غزة غير القانونية على ما يبدو، وكذلك الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي أصابت مراكز سكانية في إسرائيل.
وقالت "على السلطات القضائية في الدول الأخرى أن تحقق وتقاضي، بموجب القوانين الوطنية، المتورطين بشكل موثوق في جرائم خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية".
وأضافت "على الأطراف المتحاربة الامتناع عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المناطق المأهولة بالسكان بسبب الضرر العشوائي بالمدنيين الذي يمكن توقعه، وعلى الدول أيضًا دعم إعلان سياسي قوي يعالج الضرر الذي تسببه الأسلحة المتفجرة للمدنيين ويلتزم بتجنب استخدام الأسلحة التي لها آثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان".
وتابعت "يمكن مهاجمة الأفراد أو المعدات المستخدمة في العمليات العسكرية، ولكن تبرير تدمير مبنى كبير بأكمله قد يكونون موجودين فيه يعتمد على كون الهجوم لا يلحق أضرارًا غير متناسبة بالمدنيين أو الممتلكات المدنية، وتَنَاسُب الهجوم هو عرضة أكثر للشكوك لأن القوات الإسرائيلية أثبتت سابقا قدرتها على ضرب أرضيات أو أجزاء معينة من المباني، إلا أنّ هذه الهجمات سوّت ثلاثة مبانٍ بالأرض بالكامل من خلال مهاجمة سلامتها الهيكلية كما هو واضح".
وواصلت "انتشار الفصائل الفلسطينية المسلحة في الأبراج، إذا كان صحيحًا، يتعارض مع متطلبات اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين الخاضعين لسيطرتها وتجنب وضع أهداف عسكرية في مناطق مكتظة بالسكان، حيث اتهمت إسرائيل الفصائل الفلسطينية المسلحة مرارًا بالانتشار بين المدنيين، كما اتهمتها، دون تقديم أدلة، باستخدامهم كـ "دروع بشرية" – وهي جريمة الحرب المتمثلة في تعمد وضع القوات العسكرية مع المدنيين لردع استهداف تلك القوات". وأشارت إلى أن الإغلاق الإسرائيلي لغزة منذ 14 عامًا إلى جانب القيود المفروضة على الحدود المصرية، أدى إلى تدمير الاقتصاد في غزة.
ودعت المنظمة لجنة تحقيق معالجة الخروقات والانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، إلى التدقيق في الهجمات غير القانونية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية أثناء قتال مايو/أيار، إلى جانب تحليل السياق الأوسع، بما في ذلك المعاملة التمييزية للحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وقال ريتشارد وير، الباحث في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "خلال الأعمال العدائية في مايو/أيار، لم تقتل الضربات الإسرائيلية غير القانونية العديد من المدنيين فحسب، بل دمرت أيضًا أبراجًا، ودمرت عشرات الشركات والمنازل، وزعزعت حياة آلاف الفلسطينيين.. تمويل المانحين وحده لن يعيد بناء غزة، يجب إنهاء الإغلاق الساحق لقطاع غزة والإفلات من العقاب الذي يغذي الانتهاكات الجسيمة المستمرة".