الوقت- قبل أيام زار وزير الدفاع الباكستاني الجنرال «راحيل شريف» السعودية والتقی خلال زيارته للرياض بالقادة السعوديين من ضمنهم ولي ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، باعتباره وزيرا للدفاع في السعودية. وبالرغم من انزعاج السعودية بسبب خذلانها من قبل باكستان في الحرب ضد الیمن، تحاول الرياض مجددا كسب دعم الباكستانيين لانقاذ قواتها التي بدأت تتكبد خسائر فادحة علی يد الجيش واللجان الشعبية الیمنية. لكن والحديث للمطلعين علی كوالیس الامور، فانه يبدو ان إسلام آباد لازالت تصر علی موقفها السابق وهو عدم إرسال اي قوات عسكرية للقتال في الیمن، رغم الإغراءات الإقتصادية السعودية التي تحاول من خلالها استقطاب الدعم العسكري الباكستاني. إذن في ظل هذا التعاون الهش بين الرياض وإسلام آباد ما معنى تصريحات قادة البلدين بان العلاقة السعودية الباكستانية تعتبر علاقة إستراتيجية؟
يمكننا القول إن السعودية لعلها لم تشهد في تاريخها الحديث، محنة كالتي تمر بها حالیا في الیمن، لكن ورغم هذه الظروف العصيبة بالنسبة للرياض، فانها لم تجد عونا استراتيجيا من قبل حليفتها إسلام آباد، حيث كانت السعودية تظن قبل هذه المحنة الشديدة أن حليفتها النووية، ونعني هنا باكستان، ستكون داعما رئيسيا لها أمام اي خطر يهدد السيادة السعودية. لكن وكما هي الحال بالنسبة الی مصر، فها هي باكستان ايضا قد خيبت آمال السعوديين، بعد أن اعلنت رسميا امتناعها عن ارسال قواتها العسكرية للقتال الی جانب القوات السعودية في الیمن. نحن نعتقد ان هذه هي منتهی العقلانية من قبل باكستان حيث أنها امتنعت عن إرسال قواتها للموت في تضاريس وجبال ومدن الیمن، كما يواجه الیوم الجنود السعوديون، الموت علی يد قوات الجيش الیمني واللجان الشعبية في مختلف مدن الیمن. ولا نعرف ما سبب هذه التوقعات غير المنطقية التي تتوقعها السعودية من دول اخری مثل مصر وباكستان. حيث تتوقع الرياض من هذه الدول إرسال قواتها الی الیمن لترتكب مجازر وجرائم حرب كما ترتكبها هي ضد المدنيين هناك.
لا يمكن اعتبار دولة مثل باكستان حليفة للنظام السعودي، يمكن الإعتماد علیها، في الأزمات، رغم التصريحات الاعلامية الكثيرة التي نسمعها من المسؤولين الباكستانيين والتي تتغنی بمتانة العلاقة بين الرياض وإسلام آباد. حيث في هذا السياق وقبل حوالي اسبوع، اجرت قوات مشتركة سعودية وباكستانية خاصة، مناورات اطلق علیها اسم «الشهاب» في باكستان، لمواجهة "الإرهاب" في البلدين. وزعم رئيس أركان الجيش الباكستاني «راحيل شريف» في تصريحات علی هامش هذه المناورات أن «باكستان سترد بالقوة علی أي خطر يهدد سيادة ووحدة أراضي السعودية»، حسب ما نقلت عنه صحيفة الشرق الاوسط الناطقة باسم النظام السعودي. نحن لا نعتقد أن لمثل هذه التصريحات النارية من قبل المسؤولين الباكستانيين شيئاً علی أرض الواقع، وتبقی للإستهلاك الاعلامي والحصول علی مزيد من الدعم الإقتصادي السعودي. والدليل علی ذلك كما اشرنا سابقا، ترك السعودية لوحدها من قبل الباكستانيين في ورطتها الحالیة في مستنقع الیمن. ولهذا نقول إن كل ما يهم الباكستانيين في علاقتهم مع السعوديين هو الحصول علی المشتقات النفطية التي تمتلكها السعودية.
وبالاضافة الی ذلك وبما أنه لا توجد مقومات استراتيجية بين إسلام آباد والرياض، وأن هذه العلاقة هي تكتيكية، فان البلدين لا يمكنهما أن يصلا الی علاقة استراتيجية بمفهومها المتداول دوليا، كالعلاقة التي تتمتع بها علی سبيل المثال سوريا وإيران، او سوريا وروسيا. وفضلا عن ذلك فان باكستان ليست مستعدة لتضحي بعلاقاتها مع جيرانها مثل إيران، لإرضاء السعودية. حيث لم تكن في يوم من الايام علاقة باكستان مع السعودية علی حساب علاقاتها مع دول محور المقاومة.
نحن من جانبنا نشعر بان الشعب السعودي أصبح الیوم يتعرض للإهانة من العيار الثقيل، اثر تصرفات اسرة آل سعود، بسبب استجدائهم لمن يدافع عن السعودية، حيث لا تكاد تتوانی السعودية عن مطالبة الامريكيين والفرنسيين والباكستانيين، ليدافعوا عن النظام السعودي، وذلك بالرغم من عشرات المليارات من الدولارات التي تنفقها السعودية سنويا علی استيراد أحدث المعدات العسكرية. كما اننا لسنا ضد التحالفات الاقليمية بل علی العكس من ذلك، فان إيران تدعو دول المنطقة الی بناء تحالفات اقتصادية وكتل عسكرية قوية، لكن يجب أن تكون هذه التحالفات لمواجهة الاخطار الاجنبية التي تهدد المنطقة، وليس لقتل شعوبها، كما هو حاصل الیوم في سوريا والیمن. ويا لیتنا نری تحالفا موسعا مصريا سعوديا، ايرانيا باكستانيا، وتركيا سوريا، وعراقيا قطريا، للدفاع عن مصالح شعوب المنطقة، بشكل جماعي.
وختاما، فانه من الواضح جدا أن رهان السعودية للحفاظ علی أمنها القومي، من خلال تحالفها مع إسلام آباد؛ هو رهان خاسر، وذلك بسبب أن باكستان وبالرغم من امتلاكها السلاح النووي، فانها لا تمتلك القدرة العسكرية الكافية لكي تدافع في آن واحد عن السعودية، وأمنها الداخلي، وكذلك أن تكون مستعدة لمواجهة صراع عسكري محتمل مع الهند، باعتباره عدوا تقليديا لإسلام آباد.