الوقت- في ظل تطور وسائل الاعلام في العالم وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي وبرامجها الكثيرة المتوافرة والتي جعلت الجميع قادرين على ايصال صوتهم وبسرعة لا يمكن حتى لوسائل الاعلام اللحاق بها، في ظل هذه الظروف لم يعد بإمكان اسرائيل اظهار نفسها على انها الضحية وأن كل ما تقوم به هو دفاع عن النفس، وكما نشاهد هناك تحول كبير في العالم وتعاطف كبير مع فلسطين بعد أن كان الجميع مغيباً عما يجري هناك.
المؤرخ اليهودي يعقوب رابكين، هو واحد من الأشخاص الذين يكشفون اجرام العدو الصهيوني ودوره في تدمير تاريخ فلسطين وتهجير أبنائها وقتل الأبرياء والمدنيين وفوق كل هذا يتباكى العدو ويظهر نفسه على انه مظلوم ويدافع عن نفسه.
رابكين يقول: إن المجتمع الدولي يتجاهل هجمات إسرائيل التي تستهدف الفلسطينيين وذلك بالاكتفاء بالتأكيد على "حق تل أبيب في الدفاع عن النفس" في حين أنها "مجرم يلعب دور الضحية".
قبل يومين رأينا كيف أبدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعمها المطلق لـ"إسرائيل" ولرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، ميركل هذه هي نفسها التي تباكت على أطفال سوريا والتقطت معهم الصور التذكارية وأظهرت للإعلام أنها تقف إلى جانبهم، بينما بلادها والغرب بأسره هم من قاموا بتهجير هؤلاء الأطفال، ومع ذلك إن كانت ميركل انسانية لماذا لا تدافع عن الأطفال في فلسطين، لماذا تدعم قتلهم؟.
بكل الأحول لا شيء جديد على الغرب المنافق، حتى ان المؤرخ رابكين، قال إن على "إسرائيل" أن تتوقف عن التفكير بأنها ضحية، ومواجهة حقيقة ملفها الجنائي.
رابكين وهو أستاذ التاريخ في جامعة مونتريال بكندا، خلال تعليقه على أسباب التوتر المتزايد والهجمات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وخاصة في القدس وغزة، ذكر أن الدعم الذي تقدمه الإدارة الأمريكية لـ"إسرائيل" لا علاقة له بإدارة جو بايدن، وأن جميع الإدارات الأمريكية حتى الآن دعمت "إسرائيل" بالفعل، مشيراً إلى أنه من الضروري النظر إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية من هذا الجانب.
وأكد أن الولايات المتحدة خصصت مساحة كبيرة من سياساتها الخارجية لجعل إسرائيل "بلدا يمتلك حصانة تجاه أفعاله"، والدفاع عنها وتزويدها بالمساعدات العسكرية والاقتصادية ودعم المؤسسات والآليات الدولية.
وأوضح رابكين أن هناك إجماعا لم يتم الحديث عنه في المجتمع الدولي، وهو إفلات "إسرائيل" من العقاب على ما ترتكبه من جرائم، وقال: "ما تفعله إسرائيل في الواقع لا يختلف كثيراً عما تفعله الولايات المتحدة في أجزاء مختلفة من العالم، لذلك لا ألوم بايدن أو إدارته، فهم يواصلون السير على خطى الإدارات السابقة".
ولفت إلى أن المؤسسات والمنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة غير فعالة تجاه إيجاد حلول حقيقية للقضية الإسرائيلية الفلسطينية، وأن الأمم المتحدة تتعامل مع حل الدولتين فقط من منظور “سياسي إشكالي”.
وزاد: "إن ضمان حقوق الإنسان للجميع وخاصة للفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة، يجب أن يكون القضية الرئيسية للمجتمع الدولي الذي يجب أن يركز على حقوق الإنسان وحقوق الفلسطينيين الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي".
وذكر أن المشكلة بين "إسرائيل" وفلسطين ليست وضعاً جديداً وأن هناك هجمات مماثلة وقعت قبل سنوات عديدة، مشددا على ضرورة الانتباه إلى عدم وجود توازن في القوة بين الفلسطينيين والقدرات العسكرية الإسرائيلية.
وقال رابكين، الذي تُرجم أحد كتبه إلى اللغة التركية بعنوان “اليهودية في معاداة الصهيونية”، إن التوتر المتصاعد الأخير هو تكرار للعديد من الأحداث المؤلمة في التاريخ الإسرائيلي الفلسطيني، حيث استمر منذ عقود قمع "إسرائيل" وتضييقها على الفلسطينيين النازحين من الأراضي المحتلة ما بين 1947-1949.
وتابع: "إن الأحداث التي بدأت قبل نحو 20 عاما عندما ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون إلى المسجد الأقصى، تسببت بشكل استفزازي في اندلاع الانتفاضة الثانية، وعليه نستطيع الاستدلال بوضوح على أن إسرائيل هي الطرف الذي يؤجج النار ويخلق التوتر مع الفلسطينيين".
نتنياهو يستفيد من الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي
وعن التجاذبات السياسة داخل "إسرائيل" والهجمات الراهنة، قال: "لا أعرف لماذا أصدر رئيس الوزراء نتنياهو أمراً بالهجوم على غزة، لكني أعرف أن هذا الوضع لا يؤذيه، بل على العكس من ذلك فهو يستفيد من الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي، ومثل هذه الأعمال العدائية تزيد من الاستقطاب الذي نراه في شوارع إسرائيل اليوم".
وشدد على أنه من الخطأ الفادح وصف ما حدث بين إسرائيل وفلسطين بأنه "صراع"، وأوضح: "لا يمكننا استخدام مصطلح الصراع فيما يتعلق بالوضع الحالي، لأننا نتحدث بشكل أساسي عن سكان مدنيين يواجهون واحدة من أكثر الآليات العسكرية تطوراً في المنطقة، بالطبع، تحدث مثل هذه النتائج (عدد الضحايا الكبير بصفوف الفلسطينيين) عندما يكون هناك مثل هذا التفاوت في توازن القوة".
وفي تقييمه لمعرفة ما إذا كانت هجمات إسرائيل على المدنيين تشكل جرائم حرب، قال رابكين: "أنا لست خبيراً في القانون الدولي، لكن يمكنني أن أقول التالي: هناك آلة عسكرية متطورة للغاية تهاجم المدنيين، أعتقد أن هذه الأفعال يمكن أن تعتبر جرائم حرب".
واستدرك: "لكنني لست محامياً للتحدث عن توصيف قانوني يتعلق في وصف الأعمال الإسرائيلية على أنها عنصرية أو ترقى لمستوى جرائم حرب، المهم هنا هو ما وراء كل هذا، عندما يكون هناك مثل هذا التوزيع غير المتكافئ للقوة بين الجانبين، لا يمكنك التحدث عن صراع، بل عن طرف يهاجم آخر".
"إسرائيل" ملزمة بالامتثال للمعايير الدولية
ولفت رابكين إلى ضرورة وقف "حمام الدم" في المنطقة، مؤكداً أنه في هذه المرحلة تتحمل إسرائيل وهي "الجانب القوي"، مسؤولية أكبر في تخفيف التوتر وحماية الهدوء والاستقرار.
كما ذكر أن الخطاب الإسرائيلي الموجه ضد الفلسطينيين يحض على العنف، مشيراً إلى أنه يجب أن يكون للفلسطينيين حق الدفاع عن النفس، لكنهم ليس لديهم حاليا وسائل كافية لذلك.
وختم بالقول: "الآن على الجانب القوي أن يفعل شيئاً هنا، سنقول إن للفلسطينيين أيضاً الحق في الدفاع عن أنفسهم، لكنني لا أعتقد أن هذا سيفيد أحداً، إسرائيل مُلزمة بالامتثال للمعايير الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرتها".