الوقت- دعا "محمد علي الحوثي" القيادي في جماعة "أنصار الله"، اليمنية وعضو المجلس السياسي الأعلى، يوم الاثنين الماضي، الحكومة اليمنية المستقيلة القابعة في فنادق الرياض، إلى إجراء تبادل شامل للأسرى، بالتزامن مع قدوم شهر رمضان وعضو المجلس السياسي الأعلى عبر "تويتر": "مع قدوم شهر رمضان المبارك نطالب بالتبادل الكامل للأسرى". وأضاف: "نحمل دول العدوان الأمريكي البريطاني السعودي الإماراتي وحلفاءه والأمم المتحدة مسؤولية أي تأخير". وتابع: "هذا ملف إنساني لا يجب أن يخضع لاختيار قوائم محددة أو المطالبة بأقارب كبار المرتزقة في إشارة إلى شقيق الرئيس اليمني المستقيل، اللواء ناصر منصور هادي الأسير لدى حكومة صنعاء منذ العام 2015 على حساب الآخرين"، مختتما بالقول: "يجب النظر للجميع بتساوي في الحل".
وأكد الحوثي أن الملف يجب أن يبقى بعيداً عن التسييس، وألا تخضع قوائم الأسرى للتمييز لمصلحة أقارب من وصفهم بكبار المرتزقة، مُحمِّلاً دول التحالف والمجتمع الدولي، إضافة إلى الأمم المتحدة، مسؤولية فشل الصفقة. وتأتي تصريحات عضو مجلس صنعاء السياسي رداً على مُطالبة حكومة الإصلاح المتكررة بالإفراج عن "ناصر هادي" شقيق الرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي"، والقيادي في حزب الإصلاح "محمد قحطان"، فيما تتغافل قوائم صغار الأسرى من ضباط ومجندين. الجدير بالذكر أنه في 21 شباط الماضي، أعلنت الأمم المتحدة اختتام جولة مفاوضات رعتها بين الحكومة المستقيلة القابعة في فنادق الرياض وجماعة "أنصار الله"، احتضنتها العاصمة الأردنية عمَّان لنحو شهر، دون التوصل إلى اتفاق لتنفيذ الشق الثاني من اتفاق عمَّان الموقع بين الطرفين بشأن الأسرى في 16 شباط العام الماضي.
ويتضمن الشق الثاني من اتفاق عمَّان، الإفراج عن 300 أسير من الطرفين، بواقع 200 أسير من "أنصار الله" مقابل إفراج الجماعة عن 100 من أسرى حكومة "منصور هادي" المستقيلة، إضافة إلى اللواء "ناصر منصور هادي" شقيق الرئيس اليمني المستقيل الذي أسرته قوات صنعاء إلى جانب وزير الدفاع السابق "محمود الصبيحي"، في آذار 2015، في محافظة لحج جنوبي اليمن. ولقد أعرب المبعوث الأممي، "مارتن غريفيث"، في ذلك الوقت عن خيبة أمله لانتهاء جولة المفاوضات دون الوصول إلى نتيجة، حاثاً الجانبين على "الاستمرار في نقاشاتهما ومشاوراتهما وتنفيذ ما اتفقا عليه وتوسيع نطاق الترتيبات لإطلاق سراح مزيد من المحتجزين في القريب العاجل".
وحول هذا السياق، أعلن رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة لصنعاء، "عبد القادر المرتضى"، قبل عدة أسابيع، انتهاء المفاوضات على ملف الأسرى في العاصمة الأردنية عمّان دون إحراز أي تقدم. وأوضح "المرتضى"، في تغريدة على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن سبب فشل جولة المفاوضات المنعقدة بإشراف أممي، كان تعنت من وصفهم بقوى العدوان ومرتزقتهم وأكد أن صنعاء حاولت بكل الطرق انجاح المفاوضات، وقدمت عدداً من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى. وأضاف: "حاولنا إنجاح مفاوضات عمّان وقدمنا عدداً من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى". وأوضح أنهُ خلال جولة عمّان حاول الطرف الآخر القفز على ما تم الاتفاق عليه سابقا بوضع اشتراطات جديدة خارج الاتفاق، مشيراً إلى أن الاختلاف الذي ساد حتى التفاهمات بين وفد الطرف الاخر كان سبباً رئيساً في فشل هذه الجولة. ولفت "المرتضى" إلى أن الأطراف التي شاركت في المفاوضات هي حزب الاصلاح وممثل عن جبهات الساحل الغربي والمحافظات الجنوبية وممثلين عن السعودية.
وتابع رئيس لجنة شؤون الأسرى التابعة لصنعاء، قائلًا: إن "دور الأمم المتحدة لم يرق للمستوى المطلوب وكان اسلوب المداراة للطرف الآخر هو السائد خلال مدة المفاوضات". وأكد "المرتضى" أن موقف السعودية سيء جدا وتتحمل النسبة الأكبر من مسؤولية فشل هذه الجولة. وأردف قائلًا: "طالبنا قوى العدوان بإطلاق سراح المختطفة سميرة مارش وسائر النساء اللواتي تم اختطافهن في مأرب، وابلغناهم استعدادنا مقايضتهن بأسرى موجودين لدينا لكن الطرف الآخر رفض." وأضاف: "عرضنا عملية تبادل بأسرى يمنيين وسودانيين تم أسرهم في جبهات الحدود فرفضوا إلا بعد إطلاق سراح الأسرى السعوديين. وأكد أن مزايدة أطراف العدوان بإنسانية ملف الأسرى ما هي إلا شعارات لا تتجاوز صفحات الإعلام.
وهنا تجدر الاشارة أيضا إلى أن حكومة صنعاء تشترط أيضا إخراج الأسرى الفلسطينيين في السعودية مقابل إطلاق الطيارين السعوديين المحتجزين لديها. وكان رئيس لجنة الأسرى في وفد صنعاء، "عبدالقادر المرتضى"، أشار في تغريدات سابقة إلى عرقلة حزب الأصلاح، أبرز قوى "منصور هادي" لأي تقدم يحرز في إشارة إلى رفض الحزب السير في انجاز صفقة جديدة في تبادل الأسرى نظرا لحكر "هادي" هذه الجولة التي كان يفترض أن تطلق سراح أكثر من 400 أسير من الطرفين واستثناء قيادات في حزب الإصلاح على راسهم القيادي المعروف "محمد قحطان". ولقد كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن الأمم المتحدة نظمت على مدى الأسابيع الماضية مفاوضات مباشرة بين وفدي صنعاء و"هادي"، وحققت توافقا مبدئيا على بعض الأسماء، لكن انتهاء المباحثات دون تحقيق تقدم يذكر يشير إلى انهيار ما تم تحقيقه خلال الفترة الماضية.
وعلى هذا المنوال نفسه، عّلق عضو المجلس السياسي الأعلى في صنعاء "محمد البخيتي" على ما اعتبره إفشال التحالف لمفاوضات تبادل الأسرى. وقال "الحوثي" في تغريدة على تويتر، مساء يوم السبت الماضي، إن "افشال العدوان إنجاز التبادل مقابل التبادل في ملف الأسرى الانساني يبعث رسالة بعدم الجدية في الحلول". وأضاف، إن ذلك "يؤكد أن دعوات السلام التي تطلق لم يترافق معها برامج عملية ولا حلول واقعية ودليل عدم الجدية لإيقاف المأساة اليمنية لإيقاف العدوان وآثاره". وفي تشرين الأول 2020، أنجزت أكبر عملية لتبادل الأسرى في اليمن، برعاية الأمم المتحدة وتيسير اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بعد مفاوضات بين الجانبين استمرت لأكثر من سنتين، آخرها الجولة التي احتضنتها مدينة مونترو السويسرية في 27 أيلول الماضي. وشملت العملية إطلاق 1081 محتجزا وأسيرا، بينهم 15 عسكريا سعوديا وأربعة عسكريين سودانيين، ضمن قوات تحالف العدوان الذي تقوده السعودية.
وعلى صعيد متصل، يرى الصحفي والكاتب اليمني "حميد رزق" أن حكومة "منصور هادي" المستقيلة لا يملكون جديداً ليقدموه غير التصعيد العسكري والتعنت في أي بادرة لعودة الحل السياسي، مشيراً إلى أن فشل مفاوضات الأردن ضمن سياق تفكير حكومة الفنادق التي تقابل جهود المجتمع الدولي دائماً بالتصعيد ومحاولات فرض أمر واقع جديد. ولفت "رزق" إلى ما يقوم به تحالف العدوان السعودي من الزج بمرتزقته في محاولات لمنع سقوط مأرب، موضحاً أن بقية القضايا، ومنها ملف المفاوضات حول الأسرى والمعتقلين، يعتبرها تحالف العدوان السعودي مجرد أوراق للضغط. ويعتقد "رزق" أن ما يحدث "يقود اليمنيين إلى مراحل أخرى من التصعيد العسكري، وخاصة على جبهة مأرب، وسط دعوات لتحرك بقية الجبهات"، مشيراً إلى أن الرأي السديد كما يراه كثير من اليمنيين هو توحد صفوفهم لمواجهة هذه التحالف الغاشم الذي لن يرضخ لمنطق السياسة إلا بكسره عسكرياً إلى حد بعيد.
وتابع: "من المؤكد أن التحركات الأمريكية تقدم لتحالف العدوان السعودي سبباً آخر للتعنت ومواصلة العمل العسكري لفرض إرادتها على اليمنيين، لذلك ليس جديداً الحديث عن حالات الدلال التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع تحالف العدوان، فثمة اعتقاد راسخ أن حياة اليمنيين على كل المستويات ستكون أفضل لولا تراخي المجتمع الدولي مع قادة تحالف العدوان السعودي. وانتقد في حديثه أيضاً المجتمع الدولي قائلاً: "إنهم لا يتركون خيارات متساوية لليمنيين، فالضغط الأكبر يمارس على حكومة صنعاء". وحول سبب إطالة الحرب يقول "رزق": "دخلت أجندات كثيرة ومتباينة لكثير من القوى الإقليمية والدولية على تفاصيل الحرب، ما عمق مأساة اليمنيين، لذلك نحن أمام تحالف دولي بربري يقدم دلائل كثيرة على أن ميدانه السلاح والحرب، ولا يترك مجالاً آخر للتعامل معه غير ميدان الجبهات".