الوقت- اُنتخب "يحيى السنوار" للمرة الثانية على التوالي زعيما في قطاع غزة خلال الجولة الرابعة من الانتخابات الداخلية لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في 10 مارس 2021. وكان "نزار عوض الله" المنافس الرئيسي لـ"يحيى السنوار" في الانتخابات، ولكن في النهاية تم انتخاب "السنوار" رئيساً للمكتب بأغلبية 167 صوتاً مقابل 147 لمنافسه. ولقد لقيت الانتخابات الجديدة داخل حركة حماس ترحيباً ودعماً خاصاً من قبل قادة سياسيين آخرين في حماس، ومن المؤكد أن "السنوار" سيبقى في هذا المنصب حتى عام 2025. لكن السؤال الآن ما هي أهمية الانتخابات داخل حركة المقاومة حماس وما هي الآثار المحتملة لإعادة انتخاب "السنوار" في قطاع غزة على التطورات في فلسطين؟
أبعاد وأهمية انتخابات حماس الداخلية
أجريت انتخابات حماس الفرعية في 22 مارس 2021، بعد توقف دام 15 عامًا، عقب عقد انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. إن إجراء انتخابات داخل هذه الحركة، كما ذكر العديد من قادة حماس السياسيين، يدل على إدراكهم لإرادتهم في الإدارة الجماعية والعقلانية السياسية الديمقراطية التي تحكم سياسة حماس السياسية. والواقع أن اختيار "السنوار" في قطاع غزة كزعيم لحركة حماس في هذه المنطقة يعكس موقف الحركة كشريك في قيادة المشروع الوطني الفلسطيني. كما أن التزام حماس بالدور المحوري للانتخابات الداخلية يعكس نظرة الحركة في المشاركة الجادة في الانتخابات التشريعية والرئاسية.
ومن ناحية أخرى، وفيما يتعلق بالآثار المحتملة لإعادة عقد الانتخابات داخل حركة حماس، وانتخاب "السنوار"، كزعيم لحركة حماس والذي يتمتع بسجل عسكري وأمني، سيعزز من ناحية نظرة الفرع العسكري لمقاربة حماس في قطاع غزة، ومن ناحية أخرى، سيتم تعزيز نهج المقاومة بين أعضاء هذه الحركة في قطاع غزة. بمعنى آخر، وبحسب تحليل العديد من المراقبين السياسيين، فإن انتخاب "السنوار" زعيماً جديداً لحركة حماس في قطاع غزة سيكون له تأثير حتمي في تعزيز نهج قتال ومقاومة الكيان الصهيوني.
جذور موافقة المجلس التنظيمي لحركة حماس لمواصلة رئاسة "السنوار"
في المقابل، السؤال الآن لماذا صوت المجلس التنظيمي لحماس لصالح "السنوار" مرة أخرى في الانتخابات الأخيرة في قطاع عزة ؟ وعند تحليل هذه القضية، فإن أكثر شيء يجب الانتباه إلية هو الخلفية السياسية والعسكرية لهذه القيادة السياسية. فقد ولد "السنوار" عام 1962 في مخيم خانيونس للاجئين، لعائلة لاجئة، تعود أصولها إلى مدينة "المجدل"، الواقعة جنوب إسرائيل. وانضم منذ صغره لجماعة الإخوان المسلمين، التي تحول اسمها أواخر عام 1987، إلى حركة "حماس". ودرس "السنوار" في الجامعة الإسلامية بغزة، وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية. وخلال دراسته الجامعية، ترأس "الكتلة الإسلامية"، الذراع الطلابي لجماعة الإخوان. وأسس "السنوار" الجهاز الأمني لجماعة الإخوان، الذي عُرف باسم "المجد"، عام 1985. وكان عمل الجهاز يتركز على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ومكافحة المتعاونين معه من الفلسطينيين.
ويُعد "يحيى السنوار" أحد أبرز الشخصيات العسكرية لحركة حماس منذ تشكيل الحركة عام 1987. ولقد اعتقل من قبل الكيان الصهيوني عام 1988 بعد إنشاء الهيكل الأمني لحركة حماس وحكم عليه بالسجن المؤبد. ولقد كان السياسي البالغ من العمر 58 عاماً من بين المفرج عنهم في عام 2011 خلال صفقة تبادل أسرى عرفت باسم "وفاء الأحرار" أو "شاليط". وبموجب هذا الاتفاق تبادل الجيش الإسرائيلي "جلعاد شاليط" مع 1027 أسيرا فلسطينيا. وبعد إطلاق سراحه، واصل "السنوار" نضاله وأصبح عضوا بارزا في حماس ثم واحدا من أبرز أعداء الكيان الصهيوني في الأراضي المحتلة.
كما شغل "السنوار" عددًا من المناصب القيادية في حماس في السنوات التي تلت إطلاق سراحه، ومنذ عام 2021، كان أحد أعضاء المكتب السياسي للحركة والمنسق للجوانب العسكرية والسياسية للحركة. ولقد اكتسب "السنوار"، في أول انتخاب له كزعيم لحركة حماس في قطاع غزة عام 2017، خبرة كبيرة في المجال السياسي وكذلك في المجال العسكري. ومع ذلك، فعند تحليل أسباب إعادة انتخاب "السنوار"، فإنه من الضروري الانتباه إلى حقيقة أنه كان ممثلاً للطيف الذي يؤمن بأقصى قدر من المقاومة ضد الكيان الصهيوني والاحتلال، وقد انتصر على "نزار عوض الله"، الذي كان متسامحاً نسبيًا مع الكيان الصهيوني فيما يتعلق بإدارة قطاع غزة. كما يعارض "يحيى السنوار" بشدة عملية تطبيع العلاقات بين العرب والكيان الصهيوني ويعارض صفقة القرن أيضاً، ويؤمن بشدة أن المقاومة ضد الكيان الصهيوني ستستمر حتى النصر النهائي. النظام الحاكم.
وعلى هذا المنوال نفسه، أعلن "إسماعيل هنية" رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" يوم الأربعاء الماضي انتخاب "يحيى السنوار" رئيسا للحركة في قطاع غزة للدورة الثانية على التوالي. وعبّر "هنية"، في تصريح صحفي نشره الموقع الرسمي لحماس، عن أمله بالتوفيق لـ"السنوار" في أداء المهام الحركية والوطنية، من أجل تحقيق أهداف وتطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والعودة والاستقلال. وقال إن الانتخابات عكست موقع ومكانة الحركة بالخارطة السياسية الفلسطينية، كشريك في قيادة المشروع الوطني.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي في غزة "عدنان أبو عامر"، إن "فوز السنوار يظهر أن الرجل يمسك بزمام الأمور بقوة داخل الحركة وخاصة مفاصلها الرئيسة بما فيها الجهاز العسكري". وأضاف "الفوز سيسمح للسنوار باستكمال سياساته، سواء في قطاع غزة أو مع الدول الإقليمية وأيضا فيما يتعلق بإدارة الصراع مع إسرائيل". وفي الختام يمكن القول إن دعم مجلس حركة حماس في قطاع غزة لـ"السنوار" يشير إلى أنه وفي وقتنا الحالي هناك جزء كبير من الهيكل السياسي والعسكري للحركة ما زال يؤمن بالتطلعات الفلسطينية الحقيقية واستمرار المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني.