الوقت – بعد ان كان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يعتبر في فترة من الفترات حليفا استراتيجيا للرئيس السوري بشار الاسد اختار اردوغان لعب دور سلبي جدا في سوريا منذ اندلاع الازمة في هذا البلد في عام 2011 وشارك في تدمير جارته عبر سيناريوهات متعددة وهكذا وقع الرئيس التركي في خطأ استراتيجي كبير الى ان جاء التدخل العسكري الروسي في سوريا ليردع التحرك التدميري التركي في سوريا.
وقد تسببت الغارات الروسية على تنظيم القاعدة وفروعه وتنظيم داعش وجبهة النصرة بخلط الحسابات العسكرية والاستراتيجية التركية كما ازدادت اوضاع اردوغان وفريقه في حزب العدالة والتنمية سوءا بعد الهزيمة في الانتخابات التشريعية التركية والعجز عن تشكيل حكومة ائتلافية وهذا ما اثر سلبا ايضا على قدرة انقرة على التدخل المباشر في الازمة السورية.
وقد بات اردوغان وحزب العدالة والتنمية مجبرون على السعي للفوز في الانتخابات التشريعية القادمة التي تجري في اول نوفمبر كما يجب عليهم من الناحية الامنية والعسكرية ان يتحملوا تبعات فشل عملية السلام مع الاكراد، وفيما يتعلق بسوريا وسيناريو اقامة "منطقة آمنة" على الحدود مع هذا البلد فيجب على اردوغان وحزبه ان يحصلوا على الدعم الامريكي ويقنعوا اوروبا بتقبل تسونامي اللاجئين السوريين كما يجب على تركيا ايضا ايجاد حلفاء لها من الجماعات المسلحة من السوريين وغيرهم لادارة "المنطقة الآمنة" في شمال سوريا.
ان "عاصفة السوخوي" الروسية قد افشلت المخططات التركية وخلقت مشاكل جديدة لاردوغان الذي يعاني اصلا من اوضاع صعبة وقللت من خيارات تركيا للرد على روسيا وقد ابدت أنقرة بعض ردود الفعل على العمليات الروسية وهي:
سياسة التفاوض مع التهديد
لقد حرص اردوغان منذ بدء الغارات الروسية على الربط بين المصالح الروسية في تركيا والعملية العسكرية الروسية في سوريا ملوحا الى امكانية الاضرار بالمصالح الاقتصادية الموجودة بين البلدين حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين انقرة وتركيا حوالي 33 مليار دولار في السنة بالاضافة الى قيام روسيا ببناء مشروع مفاعلات نووية في تركيا بقيمة 23 مليار دولار.
طلب المساعدة من حلف الناتو
طلب اردوغان من حلف الناتو تقديم الدعم لتركيا بعد خرق طائرات السوخوي الروسية للاجواء التركية وقد عقد حلف الناتو اجتماعا طارئا لدراسة موضوع التدخل العسكري الروسي في سوريا ووجه انذارات الى روسيا.
استخدام ورقة اللاجئين
استغلت تركيا ورقة اللاجئين السوريين واعلنت ازدياد عدد اللاجئين السوريين بسبب الغارات الروسية وذلك بعد فشل المفاوضات التي جرت بين تركيا والاتحاد الاوروبي حول ازمة اللاجئين السوريين.
التحدث عن أهمية الحل السياسي
بدأت تركيا بالتحدث عن اهمية الحل السياسي في تركيا بعد ان كانت ترفض هذا الحل طوال 4 سنوات الماضية وقد جاء ذلك على لسان رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو الذي قال انه سيتباحث مع الروس والايرانيين حول سبل الحل السلمي في تركيا.
وهكذا بدأ العجز التركي عن مواجهة الاوضاع الجديدة يظهر جليا بعد الخطوة العسكرية الروسية في سوريا وبدا واضحا ان اردوغان وحزبه لم يعودوا يعولون كثيرا على الجماعات المسلحة لقلب نظام الحكم في سوريا كما ان تنفيذ خطة تركيا لاقامة منطقة آمنة في شمال سوريا بات بعيد المنال.
ان الاتراك قد اصبحوا الان اكثر قلقا من التحركات السياسية والعسكرية للاكراد في سوريا واكثر خشية من تعاظم قدرات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا بعد فك الحصار عن كوباني وازدياد التوتر الامني في داخل تركيا بسبب فشل اتفاق السلام بين اردوغان وعبدالله اوجلان وهذا ما يفاقم المشاكل الامنية والتحديات التي يواجهها فريق اردوغان.
وتختصر خيارات اردوغان وحزبه في التعامل مع الشأن السوري في 3 خيارت هي :
اولا - القبول بالاوضاع الجديدة في سوريا كواقع لايمكن تغييره والانصراف نحو معركة الانتخابات التشريعية القادمة في تركيا والتخطيط للفوز فيها.
ثانيا - رفع مستوى جهوزية الجيش التركي وتأليب حلف الناتو على روسيا لمواجهة التهديدات الروسية الموجهة الى تركيا.
ثالثا – زيادة تقديم الدعم الى المعارضة السورية المسلحة والتخطيط لتحويل سوريا الى افغانستان ثانية لروسيا والجيش الروسي وجر الجيش الروسي الى حرب استنزاف.
هذا وتثبت قلة الخيارات المتاحة امام تركيا للتعامل مع الاوضاع الجديدة في سوريا بسبب التدخل العسكري الروسي ان الساسة الاتراك لم يكونوا يدرسون كافة الخيارات في التعامل مع الازمة السورية بشكل دقيق وصائب وانهم باتوا اكبر الخاسرين من بين الجهات الاجنبية التي تورطت في الازمة السورية بسبب ضعف التخطيط والخطأ الفادح في الحسابات الاستراتيجية.