الوقت- أطلقت إيران مؤخرا "صاروخاً حاملاً للأقمار الصناعية هجين" مع "محرك يعمل بالوقود الصلب" الى الفضاء.
حيث تظهر الصور ومقاطع الفيديو والتقارير الإطلاق "الناجح" لحامل الاقمار الصناعية الهجين المتطور والمسمى "ذو الجناح"، رغم أنه بحسب الإعلان الرسمي، فإن الصاروخ لا يملك حاليا برنامجا لوضع القمر الصناعي في مدار الأرض وإطلاقه كان لمجرد اختباره.
قال وزير الاتصالات في الجمهورية الإسلامية الايرانية محمد جواد آذري جهرمي عن حامل الاقمار الصناعية الهجين ذو الجناح "إن هذا القاذف يدخل عملية الإطلاق بتكلفة أقل ويمكن أن يتحمل وزن أكثر من قمر صناعي واحد". وأشار إلى أن "الاختبار الأرضي لهذا الحامل قد اكتمل الآن بنجاح"، معرباً عن أمله في أن يبدأ "الاختبار الميداني" قريبا.
إلا أن الإطلاق الناجح لحامل الاقمار الصناعية هذا قوبل بردود فعل واسعة بما في ذلك اعراب امريكا يوم الثلاثاء عن قلقها من إطلاق صاروخ حامل للأقمار الصناعية في إيران، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في هذا الصدد: إن امريكا قلقة بشأن مساعي إيران لتطوير وسائل إطلاق فضائية (SLV)، لأنها ستكون قادرة على دفع الصواريخ الباليستية الإيرانية للامام.
وذكرت وكالة أنباء فرنسية أن "القاذفات الفضائية تشكل مصدر قلق كبير في مجال انتشار (الأسلحة النووية) لأنها تحتوي على تقنيات مشابهة وتقنيات قابلة للاستبدال ولها تطبيقات مستخدمة في الصواريخ الباليستية، بما في ذلك الأنظمة بعيدة المدى".
في الوقت نفسه، لا تقتصر المخاوف بشأن قدرة إيران الصاروخية على امريكا، ولكن أيضا على أكبر حليف لها وهو الكيان الصهيوني، والذي أعرب أيضا عن قلقه بشأن تطوير المعرفة التقنية الصاروخية الإيرانية من خلال محاولة تشويه صورة القدرة الصاروخية الإيرانية. وإلى جانب الكيان الصهيوني، أدلت بعض الدول الأوروبية، مثل فرنسا، بتصريحات مماثلة في الأيام الأخيرة ضد قدرات إيران العلمية والتقنية في مجال صناعة الصواريخ المتطورة وطالبت إيران بوقف هذه الأنشطة.
لكن في الحقيقة، لماذا تشعر الدول الغربية والكيان الصهيوني بالقلق من قدرة إيران الصاروخية؟
بشكل عام، يهدف برنامج إيران الفضائي، الذي تعتبر عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية جزءًا منه، إلى تعزيز القدرة التجارية لايران ولا ينتهك اتفاقيات إيران الدولية.
ومن ناحية أخرى، شدد مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى مرارا على أن البرامج الصاروخية دفاعية، رغم أنهم في الوقت نفسه استبعدوا أي مفاوضات للحد منها. في الوقت الحالي، تستخدم بعض الصواريخ العسكرية الإيرانية مثل شهاب 1 و 2 و 3، وقيام 1 وعماد الوقود السائل والبعض الآخر مثل فاتح وذوالفقار وسجيل الوقود الصلب.
تمتلك الجمهورية الإسلامية الايرانية أيضا برنامجا فضائيا نشطا ومتطورا، وكان إطلاق القمر الصناعي "أميد" في عام 2008 أول تجربة لإيران في هذا المجال.
إن استمرار برنامج إيران الفضائي هو علامة واضحة على تقدم وفشل سياسة الضغط والعقوبات ضد إيران. بعبارة أخرى، لطالما واجه برنامج الفضاء وتطوير الصواريخ في الجمهورية الإسلامية احتجاجات قوية وغضبا من امريكا والاتحاد الأوروبي، وقد صرحت امريكا أن أحد أسباب العقوبات الواسعة النطاق على إيران هو استمرار برنامجها الصاروخي.
ومن ناحية أخرى، في نفس وقت العقوبات الواسعة ضد إيران، وخاصة في الوقت الذي كانت فيه إدارة ترامب تكثف الضغط بشكل كبير، كان من الواضح أن طهران كانت قادرة على تطوير وتعزيز القدرات العلمية والتقنية لبرنامجها الفضائي والصاروخي. لدرجة انه تم اختبار الصاروخ الحامل للاقمار الصناعية ذو الجناح والذي يستخدم الوقود الصلب في المرحلتين الأولى والثانية والوقود السائل في المرحلة الثالثة. إن تطوير وتعزيز هذه القدرة العلمية والتقنية في ذروة العقوبات والضغوط القصوى هي علامة واضحة على فشل ضغط الغرب على إيران، وهذه الهزيمة السياسية للغرب هي التي دفعتهم بشدة إلى المطالبة بوقف أنشطة إيران العلمية والتقنية في مجال الفضاء والصواريخ.
وثمة هناك قضية أخرى في إعلان المعارضة الواسعة وردود الفعل الغربية على قدرات إيران الصاروخية والعلمية، وهي المساعي الغربية لتعزيز الخوف من إيران في المنطقة.
"إيران فوبيا" هي السياسة المستمرة للدول الأوروبية وامريكا ضد إيران، وهذه الدول تحاول حتى تبرير الخوف من إيران في المنطقة من خلال الهجمات اللفظية والانتهاكات لإمكانات إيران العلمية. واللافت للنظر أنه على الرغم من الدعاية السلبية وابتزاز الدول الغربية ضد إيران، إلا أن العديد من دول المنطقة لا تولي اهتماما كبيرا للدعاية ضد قدرات إيران العلمية والصاروخية. باستثناء عدد قليل من المشيخات على الساحل الجنوبي للخليج الفارسي، حيث تسعى دول أخرى في المنطقة، مثل تركيا وباكستان والعراق وجمهورية أذربيجان وحتى بعض الدول العربية الجنوبية مثل قطر وعمان، إلى توثيق وتعزيز علاقاتها مع إيران. ولم نر من قبل رد الفعل السلبي من جميع جيران إيران ضد القدرات الصاروخية والعلمية للعلماء الإيرانيين، لكن هذه ردود الفعل السلبية لم يتبعها سوى عدد قليل من الدول العربية والتي تقودها السعودية ضد إيران، لكن الدول المجاورة الأخرى لإيران لا تهتم بالدعاية السلبية والمعادية لإيران. وفي هذه الحالة يتضح أنه حتى سياسة "إيران فوبيا" في الغرب لم تحقق أي شيء حتى على المستوى الإقليمي.
القدرة الصاروخية، حاجة إيران الطبيعية
في العقدين الماضيين، بذلت إيران جهودا كبيرة لتطوير وتحسين الصواريخ وجعلها أكثر دقة. وفي الوقت الحاضر، تعد القوة الصاروخية الإيرانية أحد عوامل الردع الرئيسة بين القوات المسلحة في البلاد أمام الهجوم الأجنبي.
ومن ناحية أخرى، فإن معظم المقاتلات الإيرانية الحالية هي نفس الطائرات التي تم شراؤها من امريكا في السبعينيات، من ناحية أخرى، تنظر إيران في الحل لتعزيز قدرتها الدفاعية من خلال تبني استراتيجية حرب غير متكافئة وتكييف قدرتها الدفاعية من خلال تطوير القدرة الصاروخية، والتي تبدو استراتيجية منطقية وعقلانية.
والتطور الآخر في هذا الصدد هو حصول إيران على صواريخ تحمل الأقمار الصناعية الى مدار الأرض. فمن الناحية الفنية، يمكن لدولة بهذه القدرة أن تنتج صواريخ عسكرية يصل مداها إلى عدة آلاف من الكيلومترات. في ظل هذه الظروف، يمكن أيضا فهم سبب حساسية امريكا لقدرات إيران الصاروخية. وفقا للعديد من الخبراء، في حالة حدوث أي صراع عسكري بين إيران وامريكا، فإن الدولة الأخيرة ستعاني من ضربات شديدة من الصواريخ الإيرانية. حيث ان أنظمة الدفاع والصواريخ الأمريكية غير قادرة على التصدي لجميع الصواريخ التي ستطلقها إيران، كما أن تدمير منصاتها ومواقع الإطلاق من خلال الضربات الجوية المتعددة غير ممكن ببساطة. وبسبب هذا الضرر المتوقع، فإن امريكا قلقة من قوة الصواريخ الإيرانية وتحاول الضغط على إيران بحجة امكانية حملها لرؤوس نووية، رغم أن هذه الضغوط لم تسفر حتى الآن عن أي نتائج.