الوقت – بدأت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين بلعب دور عسكري وسياسي اكبر في الساحة الفسطينية وخاصة خلال الانتفاضة الحالية التي تشهدها الضفة الغربية وهناك اسباب عدة لسعي الجهاد الاسلامي للقيام بدور اقوى في مواجهة الكيان الاسرائيلي وان احد هذه الاسباب هو الاوضاع السيئة والمتردية التي يشهدها العالم الاسلامي فهذه الاضطرابات التي تشهدها الدول الاسلامية والعربية قد تسببت بتهميش القضية الفلسطينية واضفاء نوع من الشرعية على وجود الكيان الصهيوني ومن جهة أخرى هناك بعض الجهات الفلسطينية مثل حركة حماس التي اخطأت في حساباتها عندما اتخذت مواقف كان الفلسطينيون بغنى عنها مثل دعم بعض الحركات المسلحة في الدول العربية والوقوف مع كل من يقول بأنه من الاخوان المسلمين ومعاداة حكومات كانت تقف مع حماس ومع القضية الفلسطينية وقد رأى الجميع كيف اثرت هذه الخلافات سلبا على القضية الفلسطينية .
وهناك سبب آخر لتحرك الجهاد الاسلامي وهو فشل مفاوضات التسوية التي تجريها السلطة الفلسطينية مع الكيان الاسرائيلي برعاية امريكية فتطلعات الادارة الامريكية لعقد تسوية بين السلطة الفلسطينية وتل ابيب قد منيت بالفشل بسبب تعنت وعنجهية رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو .
ان قبول حركة حماس بتشكيل حكومة وحدة مع حركة فتح وقيام حركة فتح بالتفاوض مع الجانب الاسرائيلي لم يؤدي الا الى زيادة عنف الاسرائيليين واطلاق يدهم في التعدي على المقدسات الاسلامية في القدس المحتلة واستمرار سياسة التهويد والاستيطان.
ويرجع السبب الرئيسي لعنجهية نتنياهو الى حالة التفرقة السائدة بين الدول الاسلامية والفوضى التي تشهدها هذه الدول وهي التي اطلقت يد نتنياهو في تنفيذ جرائم جديدة ما استدعى ردا من قبل حركة الجهاد الاسلامي.
ومن الممكن ان تواجه الجهاد الاسلامي صعوبات في تحركه النضالي الجديد وقد تعتبرها الجهات الأخرى منافسة سياسية لها اذا استمرت الجهاد الاسلامي في تنفيذ العمليات في الضفة الغربية وهي عمليات من الممكن ان لايرحب بها جهات فلسطينية أخرى خشية ان تصبح الجهاد الاسلامي حركة عملاقة لايمكن السيطرة عليها .
ان جري السلطة الفلسطينية خلف متاهات التفاوض مع الاسرائيليين قد خفضت مستوى مشروعية هذه السلطة لدى الشعب الفلسطيني والتي كانت متدنية في الاساس ومن جهة اخرى تعاني حماس ايضا من نقص في قدراتها بسبب انخفاض الدعم السوري والايراني لها ما اثر على عمليات ادارة قطاع غزة وتبدو حماس الآن محتارة في امرها بعد ان ثبت خطأ حساباتها حيال التطورات السياسية في الدول العربية والتحالف مع محمود عباس وهكذا يمكن القول ان الساحة السياسية الفلسطينية تشهد الان فراغا قد تملأه حركة الجهاد الاسلامي.
اما نسبة نجاح الجهاد الاسلامي في القيام بالدور الجديد فهي تتوقف على قدرة هذه الحركة في القيام بدور هام في الضفة الغربية وكذلك الاستعداد الفكري والسياسي للشعب الفلسطيني لأن نجاح حماس في السابق في قطاع غزة كان رهنا بهذين العنصرين ويمكن القول ان اندلاع الانتفاضة الثالثة في الضفة الغربية وامكانية تسليح هذه المنطقة سيساعد الجهاد الاسلامي في القيام بهذا الدور المحوري على الساحة الفلسطينية.
وفيما تسعى حركة الجهاد الاسلامي الى لعب دور اكبر على الساحة الفلسطينية الامر الذي قد يضعها في صدام مع حركة حماس، يتوقف مدى نجاح الجهاد الاسلامي في عملياتها في الضفة الغربية على مدى الجهوزية السياسية للفلسطينيين وقدرة الجهاد الاسلامي على استغلال قوتها السياسية والتنظيمية في هذه العمليات، فالجهاد الاسلامي هي ظاهرة عقائدية عسكرية قبل ان تكون ظاهرة عسكرية سياسية بحتة.
ان العملية الاستشهادية التي نفذها احد اعضاء الجهاد الاسلامي في القدس كانت موضع ترحيب من قبل باقي الفصائل الفلسطينية لكن لايمكن التفاؤل كثيرا ببيانات الترحيب التي اصدرتها حماس وفتح لان السياسات الاعلامية تختلف مع السياسات العملية ويجب القول ان اللاعبين السياسيين الآخرين سوف لن يتحملوا عدم اكتفاء الجهاد الاسلامي بالعمليات العسكرية فقط وقيام هذه الحركة بلعب دور سياسي في المستقبل ما يؤهلها لتكون منافسا سياسيا للآخرين.
ان نجاح حركة الجهاد الاسلامي في تنفيذ استراتيجيتها الجديدة سيؤدي الى دخول لاعب فلسطيني جديد الى الساحة الفلسطينية بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص ولذلك يمكن التكهن من الآن بأن السنوات القادمة ستشهد منافسة بين الجماعات الاسلامية الفلسطينية وخاصة الجهاد الاسلامي وحماس خاصة اذا علمنا ان حماس قد خسرت قسما من شعبيتها وشرعيتها بين سكان غزة خلال الفترة الماضية لأسباب عديدة.