الوقت-على الرغم من مرور أكثر من عامين على انتهاء الخلافة المزعومة لداعش في العراق، لا تزال هناك موجة من القلق في الوسط السياسي العراقي حول نوايا واشنطن في تنشيط الإرهاب في البلاد ويبدو أن أمريكا لا تزال تحلم بإحياء الجماعات الإرهابية في العراق، حتى مع رحيل ترامب البيت الأبيض.
إرسال الإرهاب من سوريا وإعداد الجيش العراقي
مع استمرار بقاء الأراضي السورية بؤرة لوجود عناصر داعش الإرهابية بسبب وجود القوات الأجنبية، وخاصة الأمريكيين، أعاد قادة عسكريون عراقيون نشر قواتهم على الحدود مع سوريا، مدركين الخطة الأمريكية لإحياء تنظيم داعش الإرهابي. في الواقع ، تشير جميع التقارير إلى أن أمريكا تقوم بنقل أسرى من تنظيم داعش في الحسكة شمال شرقي سوريا بواسطة مروحية إلى الحدود السورية العراقية لتنفيذ أعمال إرهابية.
ووفق الميادين، هناك طائرات هليكوبتر عسكرية أمريكية تنقل سجناء داعش يوميا على عدة مراحل من سجني غويران والصناعة في شمال شرق سوريا إلى القواعد الأمريكية في العراق. ووفق مصادر ميدانية سورية، فإن أسرى تنظيم داعش، ومعظمهم من الجنسية العراقية، يتجمعون في مجمع غويران الرياضي ثم يتم نقلهم إلى الحدود بواسطة مروحيات تحت إشراف الجيش الأمريكي. وأضافت المصادر: "في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، نقل الأمريكيون عشرات معتقلي تنظيم داعش من سجني الشدادي والحسكة إلى مديرية التنف 55 واستخدموهم لمهاجمة مواقع للجيش السوري". ووفق التقرير ، تم نقل أكثر من 100 أسير إلى الحدود العراقية وإطلاق سراحهم بعد تسليحهم لمهاجمة مواقع للجيش السوري وحلفائه في صحراء سوريا والعراق.
يأتي ذلك في وقت بلغ عدد عناصر داعش المسجونين في سجون قوات سوريا الديمقراطية الموالية لأمريكا نحو 12 ألفاً، منهم 2500 إلى 3000 من 54 دولة. كما يُحتجز في هذه السجون 5000 عراقي من عناصر داعش. كما تم إيواء نحو 70 ألف مقاتل من داعش ، معظمهم عراقيون ، في مخيم الهول ، على بعد 40 كلم شرق الحسكة.
وفي هذا الصدد، نرى أن "يحيى رسول" المتحدث الرسمي باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية ، قال الأحد الماضي ، إن القوات الأمنية تعمل جاهدة لحماية الحدود ، ولا سيما المنافذ الحدودية مع سوريا، تنفيذاً لأوامر القائد العام. من ناحية أخرى، قال العميد تحسين الخفاجي المتحدث باسم العمليات المشتركة، إن القوات المتمركزة على الحدود العراقية السورية تمنع عناصر داعش الإرهابية من دخول الأراضي العراقية. وقال إنه تم تأمين الشريط الحدودي ولا يمكن لعناصر داعش الاقتراب من الحدود العراقية.
العراقيون مقتنعون بدور أمريكا في احياء الارهاب
إن الإجراءات والسياسات التخريبية لأمريكا في العراق، وخاصة في السنوات التي تلت 2013، أقنعت الآن الرأي العام وجزءًا كبيرًا من التيارات السياسية بأن واشنطن لها دور لا يمكن إنكاره في إنشاء الجماعات الإرهابية ودعمها وتعزيزها. كما بات السياسيون العراقيون مقتنعون الآن بأن أمريكا ستلعب دوراً رئيساً في خلق الإرهاب وتعزيزه وزعزعة الاستقرار السياسي في البلاد، سواء في ظل حكم الديمقراطيين أم الجمهوريين.
وفي هذا الصدد ، قال "عدي الشعلان" ، النائب عن تحالف الفتح" في مجلس النواب العراقي ، اليوم (الاثنين) ، إن أهدافا خارجية وبعض الأطراف وعلى رأسها أمريكا تقف وراء ما يحدث على المستوى السياسي والاجتماعي. وأضاف إن أمريكا والجماعات الإرهابية تدعم الفوضى والدمار في العراق من أجل دعم الوجود العسكري الطويل لواشنطن في البلاد. وقال الشعلان: "الكل يعرف أن أمريكا كانت ولا تزال داعمة للجماعات الإرهابية المتطرفة، وأمريكا هي التي شاركت على نطاق واسع في جلب تنظيم داعش الإرهابي إلى العراق".
كما أعلن الوقف السني العراقي، بمناسبة مراسم أقيمت في محافظة الأنبار لإحياء ذكرى الشهيد أبو مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني: "كان الشهيد ابو مهدي المهندس عراقيا مسلما قتل على يد القوات الأمريكية لأنه أبعد الإرهاب عن العراق". والواقع أن أهل السنة في العراق الذين رأوا ثمار تضحيات المقاومة في تحرير أراضيهم من الشيطان ، يراقبون بقلق تصرفات أمريكا.
استراتيجية فريق السياسة الخارجية لبايدن لتعزيز الإرهاب في العراق
إن خطابات وتصريحات مختلف المسؤولين العراقيين والقوى السياسية في موضوع دعم واشنطن للإرهاب لها أسس حقيقية، ويمكن رؤية هذا القلق في قراءة سياسات الحكومة الأمريكية على مدى السنوات القليلة الماضية.
تبنت الحكومة الأمريكية استراتيجية "إضاعة الوقت" خلال إدارة دونالد ترامب، بعد إقرار قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق في 5 يناير 2020. ووفق هذا النهج، وضع الأمريكيون في البداية سياسة الضغط على الحكومة العراقية والسياسيين على جدول الأعمال من أجل البقاء في العراق، واستمرت تكتيكات الحكومة الأمريكية في الاعتماد على إيجاد ذريعة لإبقاء القوات في العراق، لكن تحت ضغط من وسائل الإعلام والرأي العام، لم تحقق هذه السياسة الكثير، وفي الأشهر الأخيرة كان هناك ضغط متزايد لطرد الأمريكيين.
على الرغم من الضغوطات على المستوى الكلي للمجتمع السياسي العراقي، يسعى الأمريكيون بشكل مستمر إلى ترسيخ وجودهم في العراق، بالطبع، هذا النهج لم يكن مختصاً بإدارة دونالد ترامب فقط، بل يبدو أنه ايضا على جدول أعمال حكومة جو بايدن على نطاق أوسع. الفرق هو أن إدارة بايدن، على عكس ترامب ، تسعى إلى عدم الدخول في مواجهة عسكرية مع الحشد الشعبي وغيرها من التيارات المعادية لأمريكا.
في مثل هذه الحالة، يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة تبحث عن عذر شرعي وسبل للحفاظ على وجود قواتها في العراق. لذلك ، يبدو أن الاستراتيجية الرئيسة لأمريكا في الفترة الجديدة هي الاعتماد على تهديدات الإرهاب، ويمكن تنفيذ ذلك في شكل إحياء أو حتى إنشاء مجموعات إرهابية جديدة.