الوقت- أكد الحقوقي وعضو اللجنة الثورية العليا في الیمن، «عبدالرحمن المختار»، أن ذريعة "دعم الشرعية" والتي من خلالها، شنت السعودية عدوانها السافر علی الشعب الیمني، لم تكن سوی خدعة كبری لفبركة الحقائق أمام المجتمع الدولي، وذلك لتبرير عدوانها ولا يوجد لهذه الشرعية المزعومة، شيء من الحقيقة علي أرض الواقع.
وأوضح «المختار»، خلال حوار خاص ومطول مع مراسل موقع «الوقت» الإخباري، أن الرئيس «منصور هادي» قد انتهت مهلته القانونية لرئاسة البلاد، وبعد ذلك تم التمديد له بشكل غير قانوني لفترتين، فضلا عن أنه اعلن استقالته بالاضافة الی استقالة الحكومة، قبل أن تشن السعودية عدوانها السافر علی الشعب الیمني، وبناءً علی هذا فان الرئيس هادي لم يكن رئيسا للبلاد وهو يفتقد لأي نوع من الشرعية التي تتشبث بها السعودية لتبرير عدوانها علي الیمن.
وفي مايلي نص الحوار الكامل وفقا لقواعد القانون الدولي، مع «عبدالرحمن المختار»، حول تفاصيل العدوان السعودي علی الشعب الیمني والمسؤولية القانونية والدولية الملقاة علی عاتق الرياض بعد إنتهاك سيادة الیمن وإرتكاب العديد من الجرائم والمجازر في هذا البلد.
*****************
الوقت: ما هی الأسباب التي تعتمدها السعودیة لإضفاء نوع من الشرعیة علی تدخلها السافر في الشأن الیمني؟وهل هذه الأسباب مشروعة من الناحیة القانونیة؟
الحقوقي الیمني «عبدالرحمن المختار»: من المهم جدا أن يعرف العالم المعطيات والاسباب التي سبقت العدوان السعودي علی الیمن وهذه الأسباب هي التي ستحمّل النظام السعودي المسؤولية الكاملة لارتكابها هذا العدوان وهذه الجرائم علی الیمن. العدوان السعودي علی بلادنا مستمر منذ الستينات، والتدخل السافر في شؤون بلادنا منذ ذلك التاريخ مستمر وهذا التدخل بحد ذاته يعد عدوانا علی الیمن. لكننا لم نتحدث عن هذه المراحل السابقة للعدوان العسكري، لانها ستأخذ وقتا طويلا ووقتنا هنا لا يسمح باستعراض كل جرائم النظام السعودي علی بلادنا خلال المرحلة السابقة، لهذا فان حديثنا حول العدوان العسكري المسلح، سيكون حول ما اعقب ثورة الشعب اليمني في سنة 2011. تدخلت السعودية في الشأن اليمني بعد هذه الحقبة، بما عرف بـ «المبادرة الخليجية»، والتي احتوت الثورة الیمنية والتفّت علیها، وتمكّنت السعودية من خلال هذه المبادرة من إعادة عملائها واتباعها الی مركز السلطة، رغم أن الثورة قدمت الكثير من الدماء، فداس العملاء علی دماء وجماجم الثّوار، وارتقوا سلّم السلطة وعملوا بالفعل علی تنظيم الثورة ونتائجها لمصلحة السعودية.
المبادرة الخليجية لم تكن حلا للأزمة الیمنية في 2011، بقدر ما كانت عدوانا سافرا علی السيادة الیمنية. فنحن في الیمن يحكمنا دستور وهو دستور 1990 وهو دستور الجمهورية الیمنية، الذي حدد مدة ولاية رئاسة الجمهورية بستة سنوات، ينتخب في إنتخابات تنافسية حرة متساوية، فاتت المبادرة الخليجية بمدة سنتين لرئيس الجمهورية وبدون منافس وهذا بحد ذاته يشكّل عدوانا سافرا علی دستور الجمهورية الیمنية، وعلی الشعب الیمني، الذي صوّت علی هذا الدستور ووافق علی أن تكون مدة ولاية الرئيس ستة سنوات. فهذا الإتفاق السياسي العابر للحدود والذي أتی من خارج الحدود الیمنية رغماً عن إرادة الشعب الیمني، هو إعتداء كما ذكرت علی الشعب الیمني وتدخل في شؤونه الداخلية، والمبادرة الخليجية لم تكن إلا تطوير من جانب السعودية لأسالیب تدخّلها في الشأن الیمني.
لا يدرك حجم العدوان علی الیمن وعلی دستور الیمن الذي جائت به المبادرة الخليجية، إلا من يشتغل بالعمل في مجال القانون الدستوري. الدستور الیمني اعطی حق تعديل أي من نصوصه او حكم من أحكامه الی الشعب الیمني، من خلال الإستفتاء علی أي تعديل، يعني أن الشعب الیمني هو صاحب الحق. وبما في ذلك مدة رئاسة الجمهورية، بمقدار ست سنوات، حيث جائت المبادرة الخليجية وعدّلت مدة رئاسة الجمهورية الی سنتين، دون إعتبار رأي وحق الشعب الیمني في هذا المجال. فاصبحت المبادرة الخليجية التي أتت من خارج حدود البلاد، فوق الدستور وسامية علی الدستور وبذلك تكون قد إنتهكت سيادة البلد وصادرت إرادة الشعب الیمني. وعطّلت هذه المبادرة كل مؤسسات الدولة الدستورية.
ومع أن قبول القوی السياسية يعد جريمة للشعب الیمني وجريمة في حق الدستور، فان هذه القوی قبلت بالمبادرة الخليجية وقبلت بالمدة التي حددتها لرئيس الجمهورية، حيث يتم إختياره بدون منافس لمدة سنتين ومع ذلك إنتهت مدة السنتين في 21 فبراير 2014. والاصل بعد إنتهاء هذه المدة أن يرحل الرئيس هادي المجرم عن السلطة، لكن مع ذلك أجبرت السعودية القوی السياسية الیمنية لتمدد ولايته لمدة سنة إضافية، وبالفعل حصل ذلك ومددت القوی السياسية هذه الفترة وبمخالفة الدستور وهي مخالفة بحق الشعب الیمني. وانتهت هذه السنة في 21 فبراير 2015.
إذن فان هادي أخذ مدة ولاية، مرتين، مرة بالمبادرة الخليجية ولم ينتخبه فيها الكثير من الشعب الیمني في الجنوب والشمال، ومدة ثانية من خلال التمديد له ولم تكن واردة في المبادرة الخليجية، ولكنها بالضغط السعودي والقوی السياسية تم التمديد له بمدة سنة. إذن فان المجرم هادي بعد 21 فبراير عام 2015 لم يعد له حق البقاء في السلطة، حتی لساعة واحدة، لا وفقا للمبادرة الخليجية، ولا وفقا لتوافق القوی السياسية، لم يمكن التمديد له، لانه لم يحصل تمديد علی الاطلاق. وأضف الی ذلك أنه كان قبل ذلك بشهر قبل إنتهاء المدة، تقدّم باستقالته.
الحكومة قد تقدمت باستقالتها لهادي، وهادي لم يتصرف وفقا للترتيبات الدستورية لما تمليه علیه من واجبات كرئيس دولة. يعني في حال قبوله الاستقالة أن يكلف الحكومة بتصريف الاعمال، الی ان يتم تشكيل حكومة جديدة، لكنه تصرّف أيضا بشكل غريب، فقدم هو أيضا استقالته إضافة الی استقالة الحكومة وكان الهدف من ذلك هو خدمة الخارج وخدمة السعودية تحديا، بان تسقط السلطة التنفيذية ومن ثم تدخل البلاد في حالة فوضی. لان الترتيبات الدستورية تلزم الرئيس والحكومة في حال تقديم الإستقالة، البقاء في المنصب الی أن يتم قبول الاستقالة وأن يتم تشكيل حكومة بديلة أو انتخاب رئيس بديل. لكن الرئيس هادي كان متعمدا أن تدخل البلاد في حالة فوضی، وهو هدف كانت تسعی الیه السعودية لاحداث التدمير الذاتي في الیمن وليقتتل الیمنييون في مابينهم. إذا وفقا لهذه المعطيات التي ذكرتها، فان الحديث عن شرعية هادي، لا أساس له. يعني أن يكون هادي صاحب شرعية وصاحب سلطة كما ذكرت بعد 21 فبراير 2015، لم يبق له حق البقاء في السلطة، فهو ليس منتخب وليس متوافق علیه ومن ثم مواقف الخارج بان هادي صاحب الشرعية، لا صحة لهذه الشرعية المزعومة وما يصدر من كلام من قبل الخارج، فانه يعد تدخل في الشأن الداخلي لليمن، لان الشرعية لم تمنح، إلا من الداخل ومن قبل الشعب وليس من خارج الحدود.
إذن فان الحديث عن الشرعية هو أحد أسباب العدوان علی بلادنا وكما ذكرت أنه لم يكن أساس منطقي لهذا السبب وأن السبب غير موجود، ومن ثم تذرعت السعودية بانها تدخلت في الیمن وقصفت الیمن، دفاعا عن الشرعية في الیمن. هذه الدولة (يقصد السعودية) التي لا تملك دستور وليس هناك اي مجال للحديث عن الشرعية في هذه الدولة، وهي كما هو معلوم دكتاتورية ملكية، لا تقيم أي اعتبار للدستورية ولا تقيم أي اعتبار للشعب وهي كما هو معلوم ملكية وراثية. فان سبب تدخلها تحت عنوان دعم الشعبية يعد باطل لا أساس له من الصحة. اعتقد أن هذا السبب يحتاج الی مناقشة وتسليط الضوء حوله، ليعرف الرأي العام العالمي أن هذا التدخل ليس له اي مبرر.
السبب الثاني المعلن للتدخل السعودي، هو الإستفزاز علی الحدود ومحاربة التمدد الذي يسمونه التمدد الصفوي الفارسي في الیمن، وإذا ما ناقشنا هذا السبب وهو الإستفزاز، فانه يرد الی أن الجيش الیمني واللجان الشعبية، فقد قاموا خلال الفترة السابقة للعدوان، باجراء مناورات عسكرية داخل الحدود الیمنية وداخل الأراضي الیمنية ولذلك إعتبرت السعودية ان اجراء مثل هذه المناورات يمثل تهديدا لأمنها واستقرارها، ولذلك قد تدخلت بشكل استباقي لايقاف هذا الخطر الذي تدعي أنه هدد أمنها وإستقرارها. والاصل الآن هو أن تواجه السعودية والدول المتحالفة معها لمناقشة هذا السبب، أن الیمن هي دولة مستقلة وذات سيادة ومن حقها أن تجري مناورات داخل حدودها الجغرافية ومن ثم لا يجور أن يشن عدوان بمجرد تخمين أو بمجرد نوايا أن هناك خطر مستقبلي يمكن أن يلحق بدولة ما.
فالدول كما هو معلوم تجري المناورات وتجري الاختبارات وتجري ماتريد طالما كان ذلك داخل حدودها الجغرافية. ومن ثم فان هذا السبب والمبرر يعتبر باطل لانه لا يجيز العدوان لدولة لمجرد أنها اجرت مناورات عسكرية داخل حدودها. ومايتعلق بالسبب الذي روجت له السعودية وهو محاربتها لايران ومحاربتها لمشروع سمته التمدد الفارسي في الیمن من خلال من أسمتهم الحوثيون فان هذا الكلام عندما يناقش من حيث الاساس فانه لم يكن هناك علی الاطلاق اي مؤشر لوجود تدخل إيراني في الیمن، لم تطلق رصاصة واحدة في الیمن من جانب الإيرانيين، لم يكن هناك سلاح من جانب الإيرانيين. كان يشاع أنه تم القبض علی سفينة تحمل أسلحه، لكن هذا كان فقط في إطار الترويج الاعلامي فقط، لم يكن شيء علی أرض الواقع. وكان في أحد المرات يمكن أن یقبض علی صيادين وسجنوا للضغط علی الجمهورية الإسلامية.
إذن نحن عندما نناقش هذه الأسباب، فاننا نناقشها بموضوعية ليس لمجرد أن نطرح كلام، وإذا ما كانت بالفعل موجودة علی أرض الواقع، وحتی إن وجدت هذه الأسباب!، فانها لا تخوّل السعودية عسكريا في إنتهاك شؤون دولة ذات سيادة. فان إنتفاء هذه الأسباب يحمّل السعودية المسؤولية الكاملة عن العدوان، وأن ما ذهبت الیه فهو عدوان سافر وتدخل همجي في الشأن الیمني، وهو يحملها مسؤولية الجرائم التي إرتكبتها ويحمّل الإمم المتحدة أيضا هذه المسؤولية، لانها هي المسؤولة عن تطبيق القانون الدولي والميثاق الدولي وتحديد سلوكيات الدول في اوقات السلم و الحرب. ونحتاج الی وقت طويل لمناقشة الوثائق القانونية المتعلقة بشرعية هادي وكذلك الوثائق الصادرة عن مجلس الأمن الدولي بشأن الیمن. باعتبار هذه القرارات التي صدرت من قبل مجلس الأمن كانت كلها ودون استثناء، تؤكد علی وحدة الیمن وسلامته الاقليمية. هذه القرارات الأممية الیوم تنتهك، سيادة الیمن و سلامتة الاقليمية تنتهك. فان السعودية والإمارات والدول المتحالفة، تسعی الی تفكيك الیمن وإدخاله في صراعات وحروب داخلية.