الوقت- قبل خمس سنوات ونيف، شن تحالف العدوان السعودي حرباً عبثية على أبناء الشعب اليمني، تحت حجة إعادة الشرعية للرئيس المستقيل "عبد ربه منصور هادي" وحكومته القابعة في فنادق الرياض والقضاء على حركة "أنصار الله" اليمنية. وخلال تلك الحقبة الزمنية، أعرب المتحدث باسم قوات تحالف العدوان السعودي بأن الحرب لن تستغرق سوى أسبوعين، استهانة منه بالقدرات العسكرية التي يمتلكها أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية ومع مرور الوقت أثبتت القوات اليمنية بأنها قوة لا يستهان بها داخل ساحة المعركة. الجدير بالذكر أن تحالف العدوان السعودي لم يتوانا خلال السنوات الماضية على ضرب المدنيين والبنية التحتية اليمنية، بل إنه فرض حصاراً جائراً على هذا البلد الفقير وذلك من أجل إجباره على الاستسلام والموافقة على جميع شروط الرياض، ولكن أبناء الشعب اليمني، أثبت للعالم أجمع بأنه شعب لا يُستهان به وأنه لن يخنع ولن يستسلم لتلك القوى الظالمة. وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير الاخبارية، أن أهم سبب لبدء هذه الحرب العبثية في اليمن، يمكن اعتباره متمثلاً في عودة الهيمنة السعودية والأمريكية إلى اليمن ولقد أصبح هذا الهدف حلماً يراه قادة البيت الأبيض كل يوم وكل ليلة عقب وصول "محمد بن سلمان"، عديم الخبرة والمتعطش للدماء إلى السلطة وخلال السنوات الماضية بذلت السعودية الكثير من الجهود لتوسيع نفوذها السعودي ودورها الإقليمي في اليمن من أجل الهيمنة على مضيق "باب المندب" الاستراتيجي.
ولكن نتيجة للهجمات الوحشية التي نفذتها مقاتلات الجو التابعة لتحالف العدوان السعودي والتي قتلت الكثير من الأبرياء، قام أبطال الجيش واللجان الشعبية خلال السنوات الماضية بالرد على تلك الهجمات البربرية وضرب الداخل السعودي بالعديد من الصواريخ والطائرات المسيرّة المصنّعة محلياً والتي كان أخرها تلك الضربات الصاروخية التي تم تنفيذها الشهر المنصرم بعدد كبير من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيرة الهجومية على منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو في السعودية. ولقد تمكن أبطال الجيش واللجان الشعبية أيضا خلال الفترة الماضية من توجيه العديد من الضربات الموجعة لقوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقته في العديد من مديريات محافظة مأرب اليمنية وكل تلك الهجمات وكل تلك الانتصارات قلبت موازين المعادلة العسكرية كليا في اليمن لمصلحة أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية التي أصبحت لهم اليد العليا في الساحة اليمنية. وهنا تجدر الاشارة إلى أنه في الوقت الحالي، تقلق الرياض من هيمنة قوات "أنصار الله" اليمنية على مضيق "باب المندب" أكثر من أي وقت مضى، وذلك لأنها تعتقد أن طهران الحليفة الرئيسة لحكومة صنعاء أصبحت هي المهيمنة على هذا المضيق الاستراتيجي ولهذا فقد شنت السعودية، بدعم من عدد من الدول العربية، هجوماً عسكرياً على اليمن عام 2015 بهدف القضاء كليا على حركة "أنصار الله" في اليمن والسيطرة على مضيق "باب المندب" الاستراتيجي.
ووفقاً لتقارير عدد من مراكز الأبحاث العالمية، فإن الحرب اليمنية خلفت أكبر كارثة إنسانية سواء من الناحية الإنسانية أو من الناحية الاستراتيجية في العالم في القرن الحالي، ويجب أن تنتهي في أسرع وقت ممكن. ولفتت تلك التقارير إلى أنه بعد ست سنوات من اندلاع الحرب ودعم الدول العربية والغربية للسعودية وقيام هذه الاخيرة بتدمير المراكز الصحية والغذائية في اليمن، يعاني أكثر من 80 في المئة من سكان البلاد، بمن فيهم الأطفال، من سوء التغذية الحاد ووفق تلك التقارير فقد قُتل نحو 5700 طفل في هذه الحرب وهناك نحو 2 مليون طفل تركوا المدرسة. وأكدت تلك التقارير إلى أن هذه ليست سوى بعض تداعيات الأعمال الإجرامية لـ"آل سعود" الشريرة في اليمن وفي المنطقة. وفي غضون ذلك، حاولت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال إرسال سفيرها إلى اليمن، كسر الحصار السياسي المفروض على اليمن وإقناع الدول الأخرى بإعادة فتح سفاراتها في العاصمة اليمنية صنعاء، لأن سياسة إيران تجاه دول المنطقة تُركز على حل المشاكل من خلال الحلول الدبلوماسية وتحترم وحدة أراضيها واستقلالها السياسي.
وهنا تجدر الاشارة إلى أن زيارة ولي العهد السعودي لأمريكا ولقائه بالرئيس "ترامب"، كانت تهدف لوضع أمريكا حركة "أنصار الله" في قائمة الجماعات الإرهابية، وهذه المحاولة تعتبر هي آخر محاولة سعودية لتغيير الوضع وكسب بعض الانتصارات الوهمية. إن ضغط "آل سعود" على "ترامب" لوضع حركة "أنصار الله" على قائمة الجماعات الإرهابية في الأيام الأخيرة لإدارة "ترامب" يرجع إلى حقيقة أنه إذا وافق على هذا المطلب فلن يكون هناك حل متبقٍ للتفاوض مع اليمنيين ويمكن للسعودية بسهولة الاستمرار في ارتكاب جرائمها الوحشية في اليمن تحت ذريعة الحرب على الإرهاب وصرف أذهان المجتمع الدولي والرأي العام للأمم المتحدة عن كل تلك الجرائم التي ترتكبها في حق أبناء الشعب اليمني.
إن الدول الأوروبية تدرك جيداً أن حركة "أنصار الله" ليس جماعة أجنبية وأن هذه الحركة تشكلت من قلب المجتمع اليمني وأن أنصارها ليسوا مقتصرين على موقع جغرافي معين في شمال البلاد وأن قادة هذه الحركة مصرون على الحفاظ على المصالح الوطنية وأن هذه الحركة مدعومة من قبل جميع الطبقات والاعراق في مختلف المناطق اليمنية، وهذا الامر دفع القادة الأوروبيين إلى استنتاج أن إدراج هذه الحركة في قائمة الجماعات الإرهابية هو خطأ فادح، وسوف يكون له نتيجة معاكسة وقد يعقد الوضع على الساحة اليمنية. كما يعلم الأوروبيون جيداً أن إدراج جماعة "أنصار الله" اليمنية في قائمة الإرهاب يعني إغلاق جميع السبل للتفاوض، وهذا ليس في مصلحتهم، ومن ناحية أخرى يدركون أن هذه الحركة لديها القدرة على مفاجأة تحالف العدوان السعودي وتغيير ميزان القوى على الساحة اليمنية ولهذا فإن القادة الأوروبيين لا يريدون المشي على طريق ليس له عودة. والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا والتي لا تستطيع بعض الدول الغربية تجاوزها بسهولة وببساطة، هي أن حركة "أنصار الله" اليمنية أصبحت القوة الرائدة في اليمن خلال سنوات الحرب والعقوبات والحصار، ولا تزال لديها القدرة على تحمل أقصى قدر من الضغط، ولهذا السبب فإن الأوروبيين لا يريدون قطع علاقاتهم بهذا البلد بفعل متهور.
إن جمهورية إيران الإسلامية، من خلال لعب دور فعّال في دعم جبهة المقاومة الشعبية اليمنية، وباعتبارها المنبر الوحيد للعدالة لهذه الأمة المظلومة، تعتبر هي مولد وحاضنة الدبلوماسية القوية في منطقة الشرق الأوسط. اليوم، وبعد عدد لا يحصى من المعاناة الإنسانية والجرائم غير المعلنة التي ارتكبتها قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي وداعموهم الغربيون، لا تزال خطة إيران المكونة من أربع نقاط هي الخيار الوحيد الموثوق بها لحل الأزمة اليمنية. حيث تعتبر جمهورية إيران الإسلامية أن السبيل الوحيد لإحلال السلام والاستقرار في اليمن هو تهيئة الظروف لجميع الأطراف اليمنية لتشكيل حكومتها الوطنية والشاملة دون تدخل الدول الأجنبية. ولتحقيق ذلك ، يجب بذل جميع الجهود، ولا سيما أعمال الأمم المتحدة، وفقًا للمبادئ الإنسانية الدولية وتحقيق الأهداف التالية:
1) التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار الفوري لجميع الهجمات العسكرية الأجنبية
2) إرسال فوري المساعدات الإنسانية والطبية للشعب اليمني
3) استئناف الحوار الوطني اليمني بقيادة الشعب اليمني وبمشاركة ممثلي كافة الأحزاب السياسية في البلاد.
4) تشكيل حكومة وحدة وطنية يمنية شاملة
وفي النهاية يمكن القول أن الرابح الأكبر في هذا المجال هو الشعب اليمني ومقاومته الجديرة بالثناء ويجب القول إنه حتى العقوبات الاقتصادية الجائرة، إلى جانب العدوان والحرب المفروضة على أبناء الشعب اليمني، وصمت المجتمع الدولي التام، لم تستطع كسر إرادة هذه الأمة الصامدة.