الوقت- يبدو أن الامارات لم تكتف بالتطبيع مع العدو الصهيوني بشكل علني واستيراد منتجات المستوطنات الاسرائيلية المخالفة للقوانين الدولية، بل اتجهت أيضاً بمشاركة السعودية لاشعال حروب التجسس في المنطقة من خلال التعاون مع العدو الصهيوني حتى قبل أن يلوح التطبيع في الأفق.
فضيحة من العيار الثقيل لاحقت الامارات بعد أن كشفت قناة "الجزيرة" القطرية من خلال برنامجها "ما خفي أعظم" أسرار برامج التجسس الإسرائيلية التي توظفها السعودية والامارات لاختراق هواتف الصحافيين والناشطين عاصفة مدوية عالمياً، ولفت انتباه الحكومات لخطورة التحركات التي تستهدف الكثيرين.
وكشفت آخر حلقة من البرنامج بعنوان: "شركاء التجسس"، تفاصيل حصرية وبالغة الأهمية عن عمليات اختراق هواتف ناشطين وإعلاميين للتجسس عليهم، من خلال ثغرات اختراق إلكترونية متطورة غير معهودة.
وتوصّل معدّ البرنامج الإعلامي الفلسطيني تامر المسحال لحقائق حصرية يُكشف عنها لأول مرة، وتوصل لمعلومات تفضح الجهات التي تستخدم برامج التجسس الإسرائيلية، وتنفق أموالاً ضخمة في سبيل تتبع هواتف الكثيرين.
اختراق هواتف الصحفيين في قناة "الجزيرة" وغيرها من الاختراقات، كشف عنها مركز أبحاث "ستيزن لاب" التابع لجامعة تورونتو الكندية، وقال المركز الكندي، في دراسة نشرها الأحد، إن عمليات الاختراق تمت باستخدام "برنامج بيجاسوس للتجسس الذي طورته مجموعة NSO الإسرائيلية".
وأضاف إن برنامج التجسس تم استخدامه لـ"اختراق 36 هاتفا شخصيا لصحفيين، ومنتجين، ومراسلين، ومديرين تنفيذيين في قناة الجزيرة، إضافة إلى هاتف شخصي واحد يعود لصحفي يعمل في تلفزيون العربي بالعاصمة البريطانية لندن".
تقنيات معقدة
أشار مركز أبحاث "ستيزن لاب"، أن عمليات الاختراق تمت خلال شهري تموز و آب الماضيين، من خلال تقنية "النقرة الصفرية" (زيرو كليك)، التي لا ترتبط بنقر الهدف (الشخص الذي سيتم التجسس عليه) على أي رابط من أجل الوصول إلى هاتفه.
وتلك الخاصية تقوم على رسائل نصية تصيب الهواتف الخلوية المستهدفة دون حاجة إلى اتخاذ أي خطوة من مستخدميها، فمن خلال الإبلاغ فقط بوصول الرسالة توجه البرمجيات الهواتف إلى تحميل محتوى الرسالة على خوادم على صلة بمجموعة NSO الإسرائيلية، وفق "ستيزن لاب".
ولفتت الدراسة التي أجراها "ستيزن لاب" إلى أن جميع الهواتف التي تعرضت للاختراق كانت أجهزة "آيفون" التابعة لشركة آبل، و تستخدم نظام تشغيل يسبق "iOS14".
مختبر "ستيزن لاب" أبلغ شركة "آبل" بنتائج دراسته، وقال إن الشركة الأمريكية تتولى بدورها التحقيق في هذه الثغرات الأمنية في هواتفها وعمليات الاختراق.
وفي كانون الثاني الماضي، ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن هاتف مالك شركة أمازون، الملياردير جيف بيزوس تعرض للاختراق عام 2018، بعد تلقيه رساله عبر تطبيق "واتس آب" مرسلة من الحساب الشخصي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.كما أشارت أنه تم استخراج كميات كبيرة من البيانات من هاتف بيزوس أثناء الاختراق.
نتائج التجسس في المرحلة المقبلة
أولاً: ما نشرته قناة "الجزيرة" ومركز "ستيزن لاب"، سيعقد ملف المصالحة الخليجية في الفترة المقبلة، اذ من المقرر ان تُعقد قمة خليجية في يناير المقبل، بحضور قطر لبدء التوصل الى نقاط مشتركة من اجل الحفاظ على وحدة الدول الخليجیة، ولكن ذلك سيأخذ وقتاً أطول على ما يبدو بعد الفضيحة الاخيرة.
ثانياً: نعتقد ونجزم بأن دول الحصار لن تشترط بعد الآن اغلاق قناة الجزيرة، ولاسيما أنها فضحت السعودية والامارات وقدمت حقائق موثقة، وقد تحصل مفاوضات تكون نتائجها أن تكف الامارات والسعودية عن التجسس مقابل ان تتوقف الجزيرة عن كشف المزيد من الحقائق او استهداف الامارات والسعودية اعلاميا.
ثالثاً: بعد هذه الفضيحة ستتراجع سمعة الامارات والسعودية كثيرا في المنطقة والعالم، وستصبح الثقة بهم شبه معدومة، وسيخشى الغرب من التعامل معهم، وقد تفضي نتائج ما نشرته الجزيرة إلى أمور أكبر في المستقبل القريب، وما حصل لا شك بأنه سيكون لمصلحة قطر سيرفع من أسهمها ويحسن من صورتها أمام العالم على اعتبار انها المستهدف من حملة التجسس الاخيرة.
رابعاً: الامر لا يتوقف عند التجسس، فقد قالت وكالة الأنباء الدولية "بلومبرغ"، إن ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، استخدم بنكاً خاصاً في لوكسمبورغ لمهاجمة الأسواق المالية في قطر، وتحدثت عن مشورات وصفقات أخرى مرتبطة بنشاطات إماراتية حول العالم. واستعرضت الوكالة في تقرير، الاثنين، نقلا عن مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والوثائق والملفات القانونية، ومقابلات صحفية مع مسؤولين سابقين، مدى الخدمات التي قدمها بنك هافيلاند في لوكسمبورغ، لأحد أكبر عملائه وهو محمد بن زايد.
وكانت واحدة من أكثر عمليات التعاون بين الطرفين، خطة عام 2017 التي وضعها البنك للهجوم على الأسواق المالية في قطر، وهي الدولة التي حاصرتها الإمارات والسعودية ومصر والبحرين بزعم أنها ترعى الإرهاب.
ووضعت تلك الخطة، خمس مهمات سيقوم بتنفيذها بنك هافيلاند من خلال هجوم منسق، تهدف في المحصلة إلى استنزاف احتياطيات قطر من العملات الأجنبية وإفقار حكومتها. وأوردت بلومبيرغ، أن ولي عهد أبوظبي كان معروفا في أروقة البنك باسم الرئيس، نظرا لحجم النشاط الكبير الذي يتعاون به الطرفان.
على الامارات أن تحذر من الانحدار أكثر من ذلك في فوضى التطبيع مع اسرائيل، لأن الكيان الصهيوني لن يكون داعما للامارات في حال تعرضت لاي ضغوط مقبلة، وستجد الامارات نفسها وحيدة وستعلم حينها ان الاسرائيليين اوقعوها في الفخ.