الوقت- في فبراير المنصرم من هذا العام ذكرت صحيفة هسبريس المغربية الالكترونية أن أنظار الإسرائيليين باتت موجهة نحو المملكة المغربية في الآونة الأخيرة؛ فبعد الحديث عن وجود مساعٍ مكثفة من بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، لنيل موافقة المغرب على خطة السلام في الشرق الأوسط، أعرب مستثمرون في تل أبيب عن رغبتهم في ولوج السوق التجارية المغربية.
"إسرائيل فالي"، موقع إلكتروني متخصص في العلاقات التجارية الفرنسية الإسرائيلية، نشر مادة مقتضبة عن الموضوع، جاء فيها أن "العلاقات الاقتصادية بين المغرب وإسرائيل ضعيفة؛ فهي لا تتعدى بضعة ملايين من الدولارات، لكن رغم العقبات السياسية مازال رجال الأعمال في إسرائيل يراقبون السوق المغربية بكثير من اليقظة".
وأوضح المصدر الإعلامي المتخصص في الاقتصاد أن "السوق المغربية تُصنّف في طليعة الأسواق التجارية بالقارة الإفريقية كلّها"، كاشفا أن "المستثمرين الإسرائيليين يحلمون بخلق أعمال تجارية متنوعة في المملكة المغربية"، مشيرا إلى أن "المغرب بلد يتزايد فيه الناتج القومي الإجمالي".
ان طمع الإسرائيليين في الاستثمار بالمملكة جاء على خلفية تصنيف "أين تستثمر في إفريقيا لعام 2020"، الذي أعده بنك "راند ميرشانت" (Rand Merchant Bank)، الذي بوّأ المغرب مركزا متقدما في ترتيب أفضل الوجهات الاستثمارية بـ "القارة السمراء".
ووفق بنك "راند ميرشانت"، الذي يعد من أبرز البنوك الاستثمارية في جنوب إفريقيا، فقد صُنّف المغرب ثاني أفضل وجهة استثمارية على الصعيد الإفريقي، بعدما تصدرت جمهورية مصر الترتيب، في حين جاءت جنوب إفريقيا في المركز الثالث.
وتعد المملكة المغربية خامس أكبر سوق في القارة الإفريقية، لكن معدل النمو المتوقع لا يتعدى أربعة في المائة على المدى المتوسط رغم تحسن سوق الشغل بالبلد منذ "أحداث 2011". وقد ساهمت عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي سنة 2017 في تدعيم جاذبيته الاستثمارية.
وعلى الرغم من موقف المملكة المغربية آنذاك بخصوص مسألة التطبيع مع إسرائيل، إلا أن تل أبيب راهنت على سنة 2020 لتعزيز علاقاتها التجارية مع الرباط، حيث سبق أن أشار موقع " إسرائيل فالي" إلى كون المغرب يوجد في المرتبة الخامسة ضمن زبائن إسرائيل الأفارقة.
وفي ذلك أوردت صحف إسرائيلية أن بنيامين نتانياهو يسعَى إلى إبرام اتفاق ثلاثي، تعترف بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها، مقابل إقدام المملكة على تطبيع العلاقات السياسية مع الكيان الصهيوني.
وبحسب الصحف عينها، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي قادَ مبادرات عديدة، خلال الموسم المنصرم، لإقناع دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، بإنفاذ الاتفاق الثلاثي، لكنه لقي معارضة شديدة من لدن جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي.
اما الان وبفضل رأس الأفعى الامريكية التي تستغل نقاط الاختلاف والضعف بين الدول دخلت المغرب حظيرة التطبيع بعد أن أعلنت الولايات المتحدة انها ستعترف بالسيادة المغربية على الأقاليم الصحراوية المتنازع عليها.
الأهداف الصهيوأمريكية من تطبيع العلاقات مع المغرب
"مرحْبَا بكم يا شعب المغرب، اش اخباركم؟ كل شي زوين؟ تبارْك الله عليكم”، بهذه العبارة التي تُنطَق باللهجة المغربية، استهل مدير إدارة المغرب في وزارة الخارجية الإسرائيلية في مطلع العام الجاري دعوته رجال الأعمال والمستثمرين والباحثين والأطباء المغاربة لزيارة نظرائهم الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. فلماذا هذا الحرص على الحديث باللهجة المغربية العربية؟
يقول الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع، عزيز هناوي إن “الكيان الصهيوني بدأ إجراء تداريب وتكوينات منذ مدة على اللهجة المغربية في برامج التعليم الصهيوني، وداخل الكنيست أيضاً، وهي أداة وقناة لتنمية الاختراق الصهيوني للمغرب عبر التطبيع النفسي المزاجي”، يضيف المتحدث “من خلال استخدام اللغة الدارجة والتسلل عبر النسيج المجتمعي المغربي المعروف تاريخياً وحضارياً بوجود المكون العبري".
هذا اتهم تقرير صادر عن المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، في شهر مارس الماضي، مجموعة من الشخصيات المغربية بكونها "رموز الاختراق الصهيوني بالساحة المغربية ومن بين الأسماء التي جاءت باللائحة مثلاً: أندري أزولاي (يهودي مغربي) وهو مستشار للعاهل المغربي محمد السادس، وإدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي)، ونور الدين الصايل مدير المركز السينمائي المغربي (حكومي).
وتبين بعض الأحداث ارتباط السلطة والتطبيع بالمغرب، لكن الحصول على إحصاءات حكومية حول استثمار الإسرائيليين بالمغرب، يعد سباحة ضد التيار، بسبب لجوء عدد كبير من الشركات المطبعة الى إنشاء فروع لها بأوروبا حتى لا ينكشف أمرها إلا أن غرفة التجارة الفرنسية الإسرائيلية، من خلال موقعها الالكتروني، اكدت أن 45 شركة إسرائيلية تستثمر بالمغرب، مما يؤكد أن هناك من يقف وراء الستار ويتحكم في قانون اللعبة.
وعقب اعلان تطبيع العلاقات بين المغرب والكيان الصهيوني قال وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد المغربي حفيظ العلمي وزارته ستبدأ اتصالاتها ابتداء من الاثنين المقبل بجميع المستثمرين المغاربة الإسرائيليين الذين لهم رغبة في الاستثمار في المملكة موضحاً أن "مجالات الاستثمار المتوقع اختيارها من قبل الإسرائيليين تتمثل أساسا في مجال التكنولوجيا والصيدلة والأدوية، بالإضافة للزراعة والإلكترونيات".
أما فيما يتعلق بالمستثمرين الأمريكيين، أشار إلى أن مخاوف المستثمرين الأمريكيين في الصحراء الغربية سيتم تجاوزها بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب.
وأعلن العلمي أن من بين القطاعات التي سيستثمر فيها الأمريكيون، المجالات المرتبطة بالطاقة المتجددة والتكنولوجية، وكل ما يتعلق بالمواصلات، مبديا أمله في رفع الاستثمار الأجنبي في هذه المناطق.
بات واضحا أن الكثير من الحكومات العربية، ملكيّة كانت أم جمهورية، تحل أزماتها الاقتصادية، أو مخاوفها الأمنية الناتجة عن فسادها وفشل سياساتها الداخلية على حساب القضية والشعب الفلسطيني، والثوابت العربية. إن هذا الاتفاق المغربي الإسرائيلي قد يحقق السلام لتل أبيب ومستوطنيها، ولكنه قد يكون في المقابل مشروع فتنة، وربما حروب وعدم استقرار في دول الاتحاد المغاربي التي ظلت محصنة في وجه الاضطرابات والحروب التي سادت المشرق العربي طوال السنوات العشر الماضية تحت عناوين الديمقراطية، وبتخطيط ومشاركة من أمريكا والدّول الاستعمارية الأوروبية الأُخرى.