الوقت- بعد ستة أشهر من توصل الحزب الأزرق والأبيض بقيادة بني غانتس وحزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو إلى اتفاق لتقاسم السلطة لإنهاء الأزمة السياسية الرئيسية في الأراضي المحتلة، يبدو الآن أن الائتلاف قد انهار تماما. حيث انضم غانتس وحزبه يوم الأربعاء إلى مجلس العموم الذي صوت لمصلحة حل الكنيست، البرلمان الإسرائيلي، لتمرير مشروع القانون بأغلبية 61 صوتا مقابل 54. ولهذا السبب يجب على الصهاينة التحضير للانتخابات النيابية الرابعة في أقل من عامين.
ضعف الحكومة الائتلافية في حل الأزمة السياسية العميقة
يواجه الكيان الصهيوني أزمة سياسية عميقة خلال العامين الماضيين نتيجة الانقسام الداخلي الواسع، حتى أنه بعد إجراء ثلاث انتخابات في أقل من عام، لا يزال قادة هذا الكيان غير قادرين على تشكيل حكومة. ودفعت مخاوف الإسرائيليين من سيناريو كابوس الانتخابات الرابعة ، إلى جانب تفشي فيروس كورونا على نطاق واسع والأزمة الاقتصادية المنتشرة للكيان، نتنياهو لاقتراح حكومة ائتلافية طارئة مع بيني غانتس. وبموجب هذه الاتفاقية ، كان من المقرر أن يتولى كل جانب رئاسة الوزراء لمدة 18 شهرا. لكن نتنياهو، الذي تنتهي ولايته في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2021 ، أظهر في الأشهر الأخيرة أنه غير راغب في تسليم المنصب إلى بيني غانتس وقام بخداعه في الواقع، في حين تسبب توقيع هذه الصفقة في حدوث شقاق كبير بين أعضاء حزب الأزرق والأبيض.
ومع ذلك، ومع بداية الحكومة الائتلافية، لم يكن هناك في الأساس أي مؤشر على اهتمام الأحزاب بالحفاظ على الشراكة فيما بينها على المدى الطويل. ومن ناحية أخرى، يتهم قادة حزب الليكود والأحزاب اليمينية المتحالفة معه غانتس بتخريب عملية سياسة الحكومة ، لا سيما في مناقشة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في صفقة شراء غواصات من ألمانيا والتي يعتقد المعارضون انهم وجدوا في هذا الملف عن طريق رشوة نتنياهو. وفي الأسابيع الأخيرة، أصبح واضحا أن نتنياهو لم يسمح لغانتس بتسجيل هذه الإنجازات باسمه في العديد من القضايا المهمة، مثل المشاورات بشأن اتفاقية التطبيع مع الإمارات والبحرين، والرحلة إلى السعودية للقاء بن سلمان.
وفي ظل هذه الظروف، على الرغم من أن حزب غانتس قد انخفض بشدة في استطلاعات الرأي الآن ، يبدو أنه توصل إلى نتيجة مفادها أن اجراء الانتخابات امر حتمي وأنه كلما كان ذلك أسرع كان ذلك أفضل.
حيث تتنبأ استطلاعات الرأي بأن الليكود سيظل أكبر حزب برلماني في الانتخابات المقبلة ، لكنه سيفوز بمقاعد أقل بكثير من العدد الحالي. ويشغل الليكود وحزب الأزرق والأبيض حاليا 35 مقعدا في البرلمان.
حيث يأمل غانتس، على وجه الخصوص، في إجراء انتخابات خلال محاكمة نتنياهو في فبراير، والتي من المقرر أن يحضرها عدد من الشهود، لتؤدي إلى الإطاحة بنتنياهو، حيث أدى الفساد المستشري وفترة ولاية نتنياهو الطويلة في السلطة إلى ان تصبح الإطاحة به هدفاً مشتركا بين أحزاب المعارضة.
نتنياهو يحاول الهروب من المحاكمة
هناك أدلة مهمة على أن نتنياهو يستعد لانتخابات مبكرة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه عقد سلسلة لقاءات مع أعضاء كتلة الليكود النيابية خلال الأيام القليلة الماضية.
ويسعى نتنياهو إلى التهرب من المحاكمة في ثلاث قضايا فساد كبرى ضده وأفراد من أسرته بتهم الاحتيال والاختلاس وإساءة استخدام السلطة.
وكشفت المصادر أن نتنياهو أكد خلال هذه الاجتماعات أنه لا ينوي المصادقة على ميزانية الحكومة للعام المالي المقبل. إذا لم تتم الموافقة على ميزانية 2020 بحلول 23 ديسمبر ، فإن القانون الإسرائيلي ينص على الحل التلقائي للبرلمان وإجراء انتخابات جديدة بعد ثلاثة أشهر في أواخر مارس. كان من المقرر الموافقة على الميزانية في أغسطس ، لكن بعد ذلك اتفق الجانبان على تمديد الموعد النهائي حتى 23 ديسمبر. لكن لم يتم إحراز أي تقدم.
في حال انهيار الحكومة.. سيبقى نتنياهو رئيسا للوزراء لمدة ثلاثة أشهر حتى تشكيل ائتلاف جديد.
يقول غانتس ومنتقدون آخرون إن نتنياهو يأمل في نهاية المطاف في أن يكون هناك برلمان أكثر تماسكًا العام المقبل يمنحه حصانة قانونية من الملاحقة القضائية. ومن ناحية أخرى، يأمل في تعيين شخص آخر في منصب وزير العدل. ومن ناحية أخرى، يسعى نتنياهو إلى تأجيل الميزانية، على أمل تأجيل الانتخابات إلى الصيف المقبل، على أمل وصول اللقاح الخاص بكورونا وتحسين الوضع الاقتصادي.
وفي هذا الصدد قال غانتس في بيان له ان "جهود نتنياهو في تهدف الى بقاءه في السلطة. حيث ان المؤشر الوحيد لقراره هو محاولته الهروب من المحاكمة."
أزمة كبيرة من عدم الثقة العامة وانقسام سياسي في اتساع
لكن التحضير لانتخابات جديدة في الأراضي المحتلة واستئناف الأزمة السياسية في السنوات الأخيرة يأتي في وقت تلاشت فيه المطالب الشعبية بتشكيل حكومة وسط خلافات حزبية غير مثمرة ومعوقة، أدى الى نظرة الرأي العام السلبية للقادة الإسرائيليين وانعدام الثقة العامة بالنظام.
بينما لم توافق الحكومة بعد على ميزانية عام 2020. أدى نقص التمويل إلى زيادة الضغط الاقتصادي وخفض الدخل الإسرائيلي بشكل كبير في وقت يقدر فيه البطالة بأكثر من 20٪ في زمن انتشار وباء كورونا.
هذه النظرة العامة السلبية للقادة والتعب من الألعاب السياسية غير المثمرة والانتخابات المتكررة دفعت نتنياهو وغانتس إلى إلقاء اللوم على بعضهما البعض في الأزمة الحالية والانتخابات الجديدة.
فمن جهة، اتهم نتنياهو حزب الأزرق والأبيض بزعامة بني غانتس بعدم التعاون وتشكيل حكومة في الحكومة.
ومن ناحية أخرى، اتهم غانتس نتنياهو بالنقض المتكرر لوعوده، الأمر الذي أدى بإسرائيل إلى انتخاباتها الرابعة خلال عامين. وقال غانتس في خطاب متلفز "الشخص الوحيد الذي يمكنه وقف هذه الانتخابات هو نتنياهو."
وقال غانتس في شريط الفيديو هذا "كلنا نعرف الحقيقة. أنتم تعرفون الحقيقة. إذا لم تكن هناك محاكمة، ستكون هناك ميزانية وستكون هناك وحدة".