الوقت- ليست كثيرة تلك الدول التي لازالت تصر علی دعم الإرهاب في المنطقة، ولعل هذه الدول التي لازالت متهمة بدعم الإرهاب في منطقتنا، تنحصر في هذه المرحلة علی تركيا والسعودية وقطر، بغض النظر عن جهد الكيان الإسرائيلي المتواصل في دعم المجموعات الإرهابية والتكفيرية في المنطقة. لا نقول أن أمريكا أوقفت دعمها للجماعات الإرهابية في سوريا او حتی في العراق، بل علی ما يبدوا فان واشنطن باتت تشعر بالخطر الذي يمكن أن يمسها من خلال مواصلة دعمها لهذه الجماعات، والتي بات من الصعب السيطرة علیها في مابعد، ولهذا باتت واشنطن تأخذ علی محمل الجد التحذيرات في ما يخص مواصلة دعم الجهات الإرهابية في سوريا والعراق. حيث كتبت يوم أمس (الجمعة) صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية نقلا عن مسؤولين لم تذكر أسماءهم في إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» قولهم إن واشنطن ستتخلى عن برنامج يتكلف 500 مليون دولار لتدريب مجموعات من المعارضة السورية، حسب ما جاء علی موقع رويترز. إذن لماذا لاتزال تركيا والسعودية تستمران بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، رغم أن واشنطن فقدت الأمل في مواصلة دعم مثل هذه المجموعات؟.
لا شك أن الكثير من الدول الغربية وكذلك العربية ومن ضمنها بريطانيا وتونس، قدمت الكثير من الدعم للجماعات الإرهابية طيلة السنوات الفائتة للجماعات الإرهابية التي تقاتل ضد الشعب والحكومة السورية، ظنا منها بان هذا الدعم سيؤدي في النهاية الی إسقاط النظام السوري، لكن في ما بعد إنتبهت هذه الدول الی مخاطر هذا الدعم، خاصة بعد عودة الكثير من العناصر الإرهابية الی تلك الدول، وقيامهم بتنفيذ مجازر دموية، راح ضحيتها علی سبيل المثال العشرات من السياح الأجانب في تونس، في حادثي الهجوم علی متحف «باردو» والمنتجع السياحي في مدينة «سوسة» التونسية. وبعد هذه الضربات القاسية من قبل داعش ضد تونس، والتي أثرت بشكل كبير علی عائدات السياحة التونسية، سعت تونس الی تغيير منهجها العدائي تجاه دمشق الی حد ما، وذلك بالرغم من اصرار الرئيس التونسي السابق «المنصف المرزوقي» المحسوب علی حركة النهضة الإخوانية، علی مواصلة دعم الجماعات الإرهابية في سوريا.
لا شك أن تركيا لعبت دورا بارزا في قضية إنتشار الإرهاب بين دول المنطقة خاصة في سوريا والعراق، حيث تم إتهام تركيا من قبل مسؤولي هاتين الدولتين، علی أنها فتحت الباب علی مصراعية لدخول الإرهابيين من الحدود التركية، لدخول الأراضي السورية والعراقية. لا بل ليست الحكومة السورية والعراقية لوحدهما من أتهم أنقرة بدعم الإرهاب، بل حتی العديد من الاحزاب التركية أيضا اتهمت الرئيس التركي «رجب طيب اردوغان» والقيادات الاخری مثل وزير الخارجية التركي السابق ورئيس الوزراء الحالی «أحمد داوود اغلو» بدعم الإرهاب في المنطقة.
الیوم وبعد دخول روسيا وبشكل قوي علی خط مواجهة الإرهاب، باتت تستعد كل من إيران والعراق ومصر والی حد ما دول اخری مثل تونس، لمواجهة التطرف والإرهاب في المنطقة، بعيدا عن المزايدات الأمريكية، والتركية. وقال في هذا السياق «كمال الجندوبي» الوزير لدى رئيس الحكومة التونسية المكلف بالعلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني قبل عدة ايام إن «تونس قد تحتضن المؤتمر الدولي حول الارهاب الذي اقترحته منظمة الأمم المتحدة». وفي نفس الموضوع صرح «الباجى قائد السبسى»، الرئيس التونسي، خلال الايام الماضية بعد لقائه بالرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» أن الإرهاب «مصيبة» مشتركة مفروضة على مصر وبلاده، ولكن كلا البلدين جاهزان لمواجهة الإرهاب بإمكانيات مختلفة، مشيرا الی عزيمة تونس والقاهرة للقيام بمكافحة الإرهاب.
الی ذلك أشار مصدر رئاسي مصري في حديثه مع صحيفة العرب أن مصر لعبت دورا اساسي في تغيير المواقف التونسية تجاه تركيا، حيث كشفت المخابرات المصرية لتونس معلومات تؤكد قيام تركيا بدور في دعم الإرهاب، وقدمت لها صورا لسفن تركية ترعى حركة نقل الإرهابيين في البحر المتوسط، وهو ما عكسته تصريحات «للطيب البكوش» وزير الخارجية التونسية اتهم فيها أنقرة صراحة بمساعدة الإرهاب في تونس، وتسهيل تنقل إرهابيين نحو العراق وسوريا، تحت مسمى الجهاد، وفق ما اعلنته هذه الصحيفة خلال الأيامالماضية.
واخيرا، يجب القول أن جميع دول المنطقة وعلی رأسها مصر وإيران والعراق بالاضافة الی تونس وروسيا، شعرت بخطر الإرهاب المتنامي في بلاد الشام وأرض الرافدين، واتخذت هذه الدول قرارها بتوحيد جهودها لمواجهة هذا الإرهاب الظلامي، مما سيؤدي تحرك هذه الدول الی عزلة تامة بالنسبة لترکيا في حال أرادت الإستمرار بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق، بهدف اسقاط الرئیس السوری بشار الأسد. وبعد ما شعرت واشنطن بتبدد جهودها في دعم الإرهابيين في المنطقة و بعد الائتلاف الاقليمي الذي تشكل بقيادة روسيا وإيران ضد الإرهاب، ستشعر أنقرة والرياض عن قريب، أن دعمهما للمنظمات الإرهابية في المنطقة لا طائل منه.