الوقت- على هامش قمة مجموعة العشرين التي ترأسُتها السعودية ، أجرى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز محادثة هاتفية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واتفق الجانبان على فتح قنوات حوار لتطوير العلاقات الثنائية وتقليل الخلافات ، بحسب ديوان الرئاسة التركية. وهذا حوار نادر بين قادة البلدين في السنوات الأخيرة ويُعد تعبيرًا عن الأمل في تقليص الخلافات في ظل الظروف التي لا تظهر فيه المواجهة المتزايدة بين الرياض وأنقرة أي بوادر لوقف إطلاق النار السياسي.
حرب سعودية خفية ضد تركيا
توترت العلاقات بين أنقرة والرياض منذ سنوات ، وأدى اغتيال الكاتب الصحفي في صحيفة واشنطن بوست جمال خاشقجی في القنصلية السعودية في اسطنبول عام 2018 إلى تصعيد التوترات.
وبدأ القضاء التركي مؤخرًا إجراءات محاكمة المتهمين بالقتل وطلب من السعودية تسليم المتهمين. وأثار ذلك النار على حطب الخلافات بين البلدين ، حيث شنت السعودية حربًا اقتصادية وسياسية سرية للرد على تركيا. وفي منتصف أكتوبر ، غرد عجلان العجلان رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة بالرياض: "العقوبات على البضائع التركية سواء من حيث الواردات أو الاستثمار أو السياحة هي مسؤولية كل مواطن سعودي".
بعد ذلك ، تم إطلاق هاشتاغات مختلفة حول موضوع مقاطعة البضائع التركية على وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لهذه الحملة في دول عربية أخرى ، حيث كان من الواضح نشاط الجيش الإلكتروني لمحمد بن سلمان في هذا الخصوص. وبحسب صحيفة الشرق الأوسط ، كانت المغرب من بين الدول التي انضمت إلى الاستراتيجية السعودية لمقاطعة المنتجات التركية الصنع.
وفي 15 أكتوبر ، فرضت الرباط قيودًا على سلاسل محلات السوبر ماركت التركية ، ورفعت الضرائب على الواردات التركية بنسبة 90٪. وتأتي هذه الخطوة قبل يوم من موافقة الحكومة المغربية على مراجعة الاتفاقية التجارية الحرة بين الرباط وأنقرة عام 2004. ووفقًا لجمعية المصدرين الأتراك ، كانت المغرب أكبر سوق تصدير تركي في شمال إفريقيا بـ 2.24 مليار دولار.
وفي الشهر الماضي أيضًا ، ذكرت صحيفة Financial Times أن ماركة الأزياء الإسبانية Mango اضطرت إلى إعادة النظر في مورديها الأتراك بسبب العقوبات السعودية غير الرسمية. تركيا هي واحدة من أكبر منتجي المنسوجات في أوروبا والشرق الأوسط ، حيث صدرت في عام 2019 ملابس بقيمة 18 مليار دولار. وتنطبق العقوبات على الصادرات الثقافية التركية ، مثل العروض التلفزيونية والسينمائية ، وكذلك السياحة في تركيا.
وفي العام الماضي ، توقف مركز إذاعة الشرق الأوسط (MBC) ومقره الرياض عن بث المسلسل الدرامي التاريخي التركي الشهير "Diriliş Ertuğrul" واستبدله بمسلسل يصور غزو السلطان العثماني سليم الأول لمصر ما يبرز العداء التاريخي بين العرب والأتراك.
قلق سعودي من النفوذ التركي في الخليج الفارسي
السعودية ، التي تعتبر نفسها الشقيق الأكبر ولاعبًا رئيسيًا في تطورات مجلس التعاون ، ترى أن تنامي حضور الإخوان ونفوذهم في المنطقة في السنوات الأخيرة يشكل تهديدًا محتملاً لمصالحها الأمنية ، خاصة وأن الخلافات الأيديولوجية مع أنقرة غير المسبوقة نتيجة للإستراتيجية ذات الصبغة العثمانية لأردوغان ، أدى بها الى اتساع نطاقها الى المنافسة الجيوسياسية على مختلف المجالات.
الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي ، إلى جانب العناصر التي تمكن تركيا من التنافس مع الجهات الفاعلة الدولية في الخليج (بما في ذلك القوة الاقتصادية والقوة العسكرية وعضوية الناتو وأيديولوجية الإخوان والخلفية التاريخية للإمبراطورية العثمانية) أثرت على رغبات دول هذه المنطقة على تركيا.
بعد قضية إهانة المسؤولين الفرنسيين للمسلمين ، دعا أردوغان ، بصفته زعيمًا إسلاميًا ، إلى مقاطعة البضائع الفرنسية الصنع بسبب خطاب ماكرون المعادي للمسلمين ، وقال في حينها اتحاد الجمعيات التعاونية في الكويت أنه بدأ بالعمل على رفع المنتجات الفرنسية الصنع من المحلات التجارية. كما أعلنت آل ميرا ، وهي سلسلة سوبر ماركت كبيرة في قطر ، أنها ستقاطع المنتجات الفرنسية حتى إشعار آخر.
في السنوات القليلة الماضية ، عززت تركيا والكويت علاقاتهما من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات التي تشمل التجارة والدفاع والتعاون الاقتصادي. وأثارت دعوة أمير الكويت الجديد لإجراء محادثات وطنية وإجراء انتخابات برلمانية جديدة تكهنات بشأن صعود جماعة الإخوان المسلمين ، التنظيم السياسي المستقل الأكثر نفوذاً في البرلمان الكويتي.
في حين أن التجارة الثنائية بين البلدين ،تركيا والكويت ، لا تزال صغيرة للغاية ، حيث بلغت 278 مليون دولار فقط في عام 2018 ، ويهدف البلدان إلى زيادتها إلى 3 مليارات دولار. وتشارك تركيا أيضًا في خطة التنمية الطموحة للكويت لتصبح مركزًا تجاريًا وماليًا رئيسيًا في الخليج الفارسي بحلول عام 2035.
كما أجبرت أزمة الدول الخليجیة ، الكويت على الإقتراب من تركيا كجزء من استراتيجيتها الأمنية. وبينما قيل إن الكويت تدرس منح تركيا قاعدة عسكرية في البلاد ، فإنها في النهاية أعادت النظر في قرارها حتى لا تثير غضب السعودية والإمارات. لذلك ، ازدهرت العلاقات بين عمان وتركيا في أعقاب أزمة الخليج. وفي الآونة الأخيرة ، أبدى المسؤولون العمانيون اهتمامًا خاصًا بمنتجات الدفاع التركية. وتعد مسقط الآن واحدة من أكبر زبائن المعدات العسكرية التركية ، حتى أنها تجاوزت قطر. وتشير معلومات غير مؤكدة إلى أن البحرية العمانية قد تحصل أيضًا على غواصات تركية.
لذلك ينبغي القول إنه بينما يحاول أردوغان التأكيد على مشاركة تركيا في التطورات العربية (مثل قضية فلسطين ومعارضة التطبيع) ، انقلبت السعودية على هذا الاتجاه. الأمر الذي جعل من الصعب التكهن بأجواء هادئة للعلاقات بين البلدين.