الوقت- كشفت العديد من التقارير الاخبارية أن قطاع غزة يعاني هذه الايام من تدهور الوضع الإنساني بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عدة سنوات، مع استمرار أزمة انقطاع الكهرباء ونقص الوقود الذي تسبب بخسائر فادحة في جوانب الحياة المختلفة في القطاع. ولفتت تلك التقارير إلى أن المئات من المرضى ماتوا خلال الفترة الماضية بسبب نقص الأدوية والتضييق على إمكانية السفر للعلاج في الخارج، حيث لم يعد يوجد سوى 230 نوعا من الأدوية الخاصة بالأمراض البسيطة، مع نقص كامل في الأدوات الأساسية والأجهزة الطبية في جميع المستشفيات، بالإضافة إلى توقف مئات الأجهزة الطبية عن العمل بسبب رفض قوات الاحتلال الإسرائيلي دخول قطع غيار لصيانة تلك الأجهزة. وأشارت تلك التقارير إلى أن المنفذ الوحيد المتبقي لدخول الادوية الضرورية والاجهزة الطبية، يتمثل في المنفذ الواصل بين قطاع غزة ومصر ولكن هذه الاخيرة للأسف لم تقدم شيئا لأبناء هذا القطاع بل إنها قامت بإغلاق هذا المنفذ للحيلولة دون دخول مساعدات انسانية لهذا القطاع.
وحول هذا السياق، أكد "سلامة معروف" رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، وعضو اللجنة الحكومية لمواجهة فيروس كورونا، أن قطاع غزة يعيش منذ سنوات طويلة واقعا صعبا، بسبب الحظر الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد على 14 عاما، والذي تسبب بسلسلة من الأزمات الإنسانية المتتالية والمتواصلة. ونوه "معروف"، بأن "تداعيات الحصار الخطيرة تطال مناحي الحياة وفي مقدمتها المنظومة الصحية التي تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية ومستلزمات المختبرات، حتى وصل العجز فيها لأكثر من 60 بالمئة. وأوضح "معروف"، أنهم وفي إطار خطة مواجهة الوباء خاطبوا الدول والمنظمات الدولية المعنية لوضعهم في صورة الاحتياجات الضرورية للقطاع الطبي، بما فيها اللوازم الملحة من أجل مواجهة الوباء، ومنها المواد والمسحات اللازمة لإجراء فحص الفيروس وتجهيزات غرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي. وأوضح أن الاستجابة من جانب هذه المؤسسات وعلى مدى الشهور الماضية لم تصل إلى الحد الأدنى المقبول لتوفير الاحتياجات المطلوبة. وعلى صعيد متصل، قال مسؤول فلسطيني: إنه "بات من الضروري إسعاف وزارة الصحة وتوفير ما يلزم لتمكينها من أداء عملها الطبيعي أو الطارئ، وضمان استمرار وزيادة إجراء فحص الإصابة بكورونا، وتوفير ما يلزم للتعامل مع الإصابات التي يتم اكتشافها".
الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي قررت في 13 آب الماضي منع إدخال الوقود إلى قطاع غزة، بذريعة استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه مستوطنات الغلاف، الأمر الذي تخلله تصعيد محدود في القطاع.وقالت بعض وسائل الإعلام العبرية إن سلطات الاحتلال قررت قبل عدة أشهر وقف إدخال الوقود الى قطاع غزة بشكل فوري وحتى اشعار آخر، وذلك بعد مشاورات أمنية، وبحجة استمرار إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه جنوب اسرائيل.
وعلى نفس هذا المنوال، ذكرت العديد من التقارير الطبية أنه بين التحذير من وضع كارثي، والوصول للانهيار، تباينت التقديرات حول الارتفاع المتكرر في معدل الإصابة بفيروس كورونا في قطاع غزة وبات معدل الإصابات اليومي في غزة لا يقل عن 600 ويقترب أحيانا من 1000، بعد أن كان الأمر يتعلق بعدد محدود من الإصابات خلال الأيام الأولى لانتشار الفيروس في المجتمع المحلي في 24 آب الماضي. وحول هذا السياق، وصف الدكتور "فتحي أبو وردة" مستشار وزيرة الصحة في قطاع غزة اليوم الاثنين 23/11/2020، الوضع الصحي في القطاع بالكارثي، مؤكداً أن أغلب المناطق في قطاع غزة باتت حمراء ويفضل الإغلاق الشامل لـ14 يوم . وبيّن الدكتور "أبو وردة"، أن الوضع كارثي وأغلب المناطق في قطاع غزة أصبحت مناطق موبوءة، وأن الحالات الحرجة في مستشفيات تتصاعد يوماً بعد يوم والوفيات تزداد. وأوضح "أبو وردة"، أن فيروس كورونا بات يصيب جميع الأعمار الشباب وكبار السن، وبات ينذر بكارثة كبيرة في قطاع غزة، وخاصةً أن قطاع غزة يمر بأجواء باردة وتقلبات الطقس.
وفيما يتعلق بالنظام الصحي في قطاع غزة، أكد "أبو وردة"، أن وضع النظام الصحي صعب، لافتاً إلى أنه في الأوقات الحالية فإن مستشفى غزة الأوروبي سعتها 360 سريرا من بينها أكثر من 300 سرير مشغولة. وكشف أن 20 حالة من الحالات حرجة على أجهزة التنفس الصناعي في الأوروبي فقط عدا عن الحالات في المستشفيات الأخرى وقال "أبو وردة": "إذا استمر الوضع على ما هو عليه الآن، لا نستطيع استقبال حالات حرجة، لذا يجب أن يكون هناك قرارات لازمة والتزام عال من المواطن بالوقاية ".
وأكد الدكتور "أبو وردة" أن المستشفى الأوروبي المجهز والمعد لاستقبال حالات الإصابة بكورونا اصبح ممتلئا بالمرضى الذي يحتاجون لرعاية صحية، ووصل عدد المصابين على اسرة العناية المكثفة إلى 60 حالة، والمشفى معد لاستقبال 100 مريض فقط وهذا ينذر بكارثة كبيرة. ولفت هذا المسؤول الفلسطيني إلى أن أسباب تفشي كورونا بغزة وزيادة أعداد المصابين ترجع إلى ثلاثة أسباب أساسية، وهي: عدم تقديم المنظمات الإنسانية والدول المانحة الاحتياجات الضرورية الطبية لمواجهة فيروس كورونا، وكذلك الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وأخيرا موجات البرد التي وصلت غزة مؤخرا وساهمت في الزيادة.
ومن جانبه، أكد الدكتور "عبدالناصر صبح"، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في قطاع غزة، أن المنظومة الصحية في غزة قد تتعرض للانهيار في حال استمرت اعداد الإصابات بفيروس كورونا بالارتفاع وعدم وصول المساعدات الضرورية الطبية للقطاع بسبب الحصار الإسرائيلي. وقال "صبح" : إن "زيادة أعداد المصابين خلال الأسبوع المنصرم مقلقة جداً لأن فيها استنزافا لقدرات المنظومة الصحية الموجودة في قطاع غزة". وحذر بأنه إذا استمرت الزيادة في أعداد الإصابات فإن المنظومة الصحية لن تصمد لأكثر من أسبوعين، مشيرا إلى أن سيناريو انتشار الوباء في قطاع غزة من أسوأ السيناريوهات حول العالم، إذ يسجل ما بين 21% إلى 29% من العينات الإيجابية من الفحوص التي تجري، وهو ما عده مؤشرا خطيرا يدل على استهتار المواطن وعدم وعيه بإجراءات السلامة والوقاية.
وفي الختام يمكن القول إن المنظمات الإنسانية وبعض الدول الغربية التي كانت تتغنى بحقوق الإنسان وتقديم المساعدات، ها هي اليوم تتخلى عن قطاع غزة وذلك بإيعاز من قادة الكيان الصهيوني وهذا الامر يكشف زيف تلك الشعارات التي كانوا يطلقونها والغريب في الأمر أن الدول العربية القريبة من قطاع غزة مثل مصر هي الاخرى ظلت صامتة ولم تقم بتقديم الدعم والمساعدات الطبية لهذا القطاع لمواجهة فيروس كورونا وإذا بقيت الأمور على حالها فإنه من المؤكد وقوع كارثة إنسانية في هذا القطاع في المستقبل القريب.