يحذر الخبراء الأمنيون، من استمرار الدعم الأميركي لعناصر داعش الإرهابية في المناطق الغربية وقرب الشريط الحدودي مع سوريا، واستهداف القطعات الأمنية وخاصة معسكرات الحشد الشعبي بالطائرات المسيرة، مشيرين الى أن "عشرات الطلعات الجوية تسجل يوميا للجانب الأميركي من دون ان يكون هناك أي موقف للحكومة".
الوقت-مع إعلان فوز جو بايدن بإنتخابات الولايات المتحدة الأمريكية وعدم إعتراف دونالد ترامب بالنتائج والمناكفات التي تحدث حولها، تدور تساؤلات عن مدى تأثيرها على المشهد العراقي في حال الإعلان النهائي عن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على رئيس الإدارة الحالية دونالد ترامب.
وفي وقت سابق، كشفت الخارجية العراقية في بيان عن تشكيل لجنة فنية تضطلع بمهمّة التنسيق مع الجانب الأمريكي لجدولة إعادة انتشار القوات الأمريكية خارج العراق، كونها تعد من مُخرجات الحوار الاستراتيجي المتواصل بين حكومتي البلدين.
لكن ما يهم في هذا الخصوص، هو قرار البرلمان العراقي الذي ينص على ضرورة خروج القوات الأجنبية من العراق. وفي هذا الخصوص، أكد عضو لجنة الامن والدفاع النيابية النائب كاطع الركابي، السبت، ان خروج القوات الامريكية من العراق ساري سواء مع بايدن أو ترامب.
وقال الركابي، في تصريح صحافي، إن "قرار خروج القوات الامريكية من العراق محسوم والموضوع مسألة وقت لتنفيذه وهو يقع على عاتق الحكومة" مؤكدا بان "القرار لايمكن الغائه وهو محسوم من قبل البرلمان".
واضاف "على الحكومة العراقية أن تعمل على جدولة خروج القوات الامريكية بالتنسيق مع البيت الابيض سواء مع الرئيس الحالي او جو بادين"، لافتا الى ان "قرار اخراج تلك القوات لا رجعة عنه ونعتبره امر بالغ الاهمية لانه يمثل رؤية وطنية مدعومة بموقف شعبي رافض لوجود القوات الامريكية".
من جانبه، أكد تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، يوم الأحد، أن فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لن يمنعهم من الاستمرار بإخراج القوات الأمريكية من العراق.
كما قال النائب عن التحالف عدي شعلان، إن "فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لن يمنعنا من الاستمرار بإخراج القوات الأمريكية من العراق، فنحن سنبقى نطالب بهذا الأمر وسنضغط على حكومة مصطفى الكاظمي لتطبيق قرار البرلمان".
وبين شعلان، أن "سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العراق، لن تتغير بعد فوز جو بادين بالرئاسة، فالسياسية الأمريكية شبه ثابتة، وهي ستبقى تعمل على عدم استقرار العراق، وفي المقابل، سنبقى نحن نعمل على تحرير العراق من كامل الهيمنة الأمريكية".
من جانب آخر، أبدى وزير الدفاع الأميركي بالوكالة الجديد، كريستوفر ميلر، عزمه تسريع سحب القوات الأميركية من أفغانستان والشرق الأوسط، قائلا: "حان وقت العودة إلى الوطن". وقال ميلر "جميع الحروب يجب أن تنتهي"، وذلك في أول رسالة له للقوات المسلحة الأميركية منذ أن عينه الرئيس دونالد ترامب الإثنين وزيرا للدفاع بالوكالة.
في حين، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، الجمعة، أنها ستطلب من الولايات المتحدة الأمريكية عدم سحب قواتها من أفغانستان والعراق. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح ، إن بلاده ستطلب من الولايات المتحدة عدم الانسحاب من العراق وأفغانستان "لاستمرار محاربة التشدد الإسلامي".
وفي هذا السياق، علق تحالف الفتح، السبت، على تصريحات لوزير الخارجية الفرنسي، جان أيف لودريان حول انسحاب القوات الأمريكية من العراق. وقال النائب عن التحالف، أحمد الكناني، إن "هذه التصريحات تعد تدخلا سافرا في الشأن العراقي، وأن الحكومة السابقة ومجلس النواب العراقي طالب بإخراج جميع القوات الأجنبية وبالتالي نحن نثق بقدرات قواتنا الأمنية لمحاربة الإرهاب".
وأضاف الكناني: "ويعتبر هذا الحديث تدخل من قبل وزير الخارجية الفرنسي بعدم انسحاب القوات الأمريكية بحجة محاربة الإرهاب"، مؤكدا أن "قواتنا الأمنية لاتزال تقوم بعمليات تطهير ومطاردة عصابات داعش الإرهابية بالتالي لاحاجة لنا بأي قوات أجنبية".
الأهداف الأمريكية من إستمرار قواتها
يبدو أن حديث الولايات المتحدة عن نيتها سحب قواتها من العراق مناورة وعملية استغلال للأوضاع الاقتصادية الصعبة فيه وخلق لحالة ارتباك.
بالتأكيد أن هناك استراتيجية ثابتة لدى الإدارة الأمريكية خصوصا في العلاقات الخارجية، فبالنسبة للعراق فإنه يمثل واحدة من الحلقات الأساسية في منهجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
إن الأخطاء التي ارتكبها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما من المحتمل أنها لن تتكرر، لأنها كلفت الولايات المتحدة خسائر بالغة على مستوى العلاقات الدولية، كونها سمحت بإحداث الفوضى بمنطقة الشرق الأوسط، وما حصل لسوريا وغيرها دليل على ذلك".
الوجود العسكري
بخصوص مصير الوجود العسكري الأمريكي، فإن العراق لا يمكن أن يخلو من وجود أمريكي سواء انخفض عدد القوات أو تزايد، وأنه في زمن أوباما انسحبت قوات بلاده بالكامل، لكن التمثيل الدبلوماسي والعديد من الدوائر المرتبطة بالإدارة الأمريكية بقيت تعمل في العراق.
وفي هذا الصعيد قال تقرير للجنة الأمن والدفاع في البرلمان يوم الإثنين 2 نوفمبر إن ملف جدولة انسحاب القوات الأمريكية يجب أن يحسم بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وأنه سيشهد انفراجا في حال فوز مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن بالرغم من التعقيدات التي يحاول بايدن وضعها في إطار خطته لتقسيم العراق .
التقرير أكد أن تجربة مفاوضات الانسحاب العسكري الكامل للقوات الأمريكية من العراق كانت مريحة العام 2011 عندما كان بايدن نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، مشيرا إلى أن معظم القوى السياسية الرئيسية ترى أن مفاوضات الانسحاب الحالية مع إدارة الرئيس ترامب تبدو صعبة وإن القوى الشيعية بالتحديد المؤمنة بخيار العراق المستقل، ليست واثقة بجدية إدارة ترامب في الايفاء بالتزام الانسحاب العسكري الأمريكي الكامل من العراق، وبالتالي هناك قناعة بأن ترامب قد يناور في مرحلة مقبلة ويؤخر او يتملص من أي تفاهمات عراقية أمريكية لتطبيق قرار البرلمان بانسحاب كل القوات الأجنبية من البلاد.
تقرير لجنة الأمن البرلمانية رجح أن يعرف ملف جدولة انسحاب القوات الأمريكية، في حال إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، تعقيدات وقد تعود مشاكل القوات الأمريكية التي يفتعلها مستهدفاً الحشد الشعبي، وتوقع عودة هجمات الصواريخ، بوتيرة أخطر ضد هذه القوات بمجرد إعلان فوز ترامب.
ويحذر الخبراء الأمنيون أيضًا، من استمرار الدعم الأميركي لعناصر داعش الإرهابية في المناطق الغربية وقرب الشريط الحدودي مع سوريا، واستهداف القطعات الأمنية وخاصة معسكرات الحشد الشعبي بالطائرات المسيرة، مشيرين الى أن "عشرات الطلعات الجوية تسجل يوميا للجانب الأميركي من دون ان يكون هناك أي موقف للحكومة".
وعقب العدوان الامريكي قرب مطار بغداد والتي أدت الى استشهاد قائد فيلق القدس الفريق قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني، صوّت البرلمان لإلزام الحكومة بالعمل من أجل إنهاء وجود جميع القوات الأجنبية وعلى رأسها القوات الأمريكية، لكن الكاظمي لايبدو أنه يعمل في هذا الاتجاه، ما يعرض العراق وأمنه القومي، وأمن مواطنيه، لمخاطر جدية تتعارض مع الهدف الأصلي من استدعاء القوات الأمريكية، وهو محاربة تنظيم داعش الإرهابي، الذي تقول واشنطن نفسها إنها انتصرت عليه في العراق وفي سوريا.
لذلك يجب الإسراع باخراج القوات الأمريكية وعرقلة مساعي الولايات المتحدة لاستعادة السيطرة على نقاط مهمة وإستراتيجية من العراق والشريط الحدودي بين العراق وجيرانه ومحافطات شمال بغداد مثل صلاح الدين وديالى.