الوقت- عقب تصريحات الأمين العام للجامعة العربيّة، أحمد أبو الغيط، الذي زعم في مقابلة على قناة "سكاي نيوز" الإماراتيّة، أنّ ما تسمى "معاهدة السلام" بين أبو ظبي والعدو الصهيونيّ، قيّدت مخططات حكومة الاحتلال لقضم أراضٍ في الضفة الغربيّة المحتلة، شنّ أمين سر اللّجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، صائب عريقات، هجوماً حاداً على الأمين العام لجامعة الدول العربيّة، مبيّناً أنّه فقد مصداقيته ليكون أمينا عاماً، داعياً إلى استقالته فوراً.
وبعد تحول ما تُسمى "جامعة الدول العربيّة" إلى عراب للتطبيع مع العدو الصهيونيّ لتمرير "صفقة القرن" التي تهدف إلى تصفيّة القضيّة الفلسطينيّة، وجّهت القيادة الفلسطينيّة انتقاداً لاذعاً للأمين العام للجامعة العربيّة، بسبب دفاعه عن الاتفاق الذي وقعته الإمارات مع الكيان الغاصب، والذي لاقى تنديداً عربيّاً واسعاً على المستوى الشعبيّ.
وبما أنّ أبو الغيط يمثل أرفع شخصيّة دبلوماسيّة عربيّة حالياً، كان من الصعب على الفلسطينيين تقبل تلك التصريحات التي وصفها البعض بالخنجر المسموم في ظهر القضيّة الفلسطينيّة، وخاصة بعد ما شهدته المنطقة مؤخراً من إدخال بعض الدول العربيّة إلى حظيرة التطبيع مع الكيان الصهيونيّ، بأوامر من الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر، أنّ انقلاب بعض المواقف العربيّة يصب بكل تأكيد في مصلحة الكيان الصهيونيّ، فيما باتت الجامعة العربيّة أداة طيعة في يد بعض ملوك النفط، ما جعلها عاجزة عن اتخاذ أيّ موقف يحمي قراراتها، ناهيك عن لجوء مسؤوليها إلى الدفاع عن اتفاقات الخيانة والتطبيع التي تخالف نص مبادرة "السلام العربيّة"، بدلاً من إدانتها ومواجهتها.
ومع استمرار المواقف المخجلة لـ "جامعة الدول العربيّة" وتراجعها تجاه القضيّة الفلسطينيّة حتى باتت مخجلة للغاية، يرى الفلسطينيون، أنّ الجامعة أعطت بمواقفها السلبيّة، الضوء الأخضر لمن يسعى من الدول العربيّة للتطبيع المجانيّ مع الكيان الصهيونيّ والتحالف معه أمنيّاً وعسكريّاً.
وعلى هذا الأساس، أكّد أمين سر اللّجنة التنفيذيّة لمنظمة التحرير الفلسطينيّة، أنّ أبو الغيط أصبح عاملاً مهماً يساهم في خرق ميثاق الجامعة العربيّة وقراراتها، فيما رفض عريقات الاتهامات الموجة لفلسطين بالانحياز إلى المحور التركيّ في المنطقة، مشدّداً على أنّ بلاده تتمسك بالقرار الوطنيّ المستقل، ولن تكون "قرباناً" يقدم في معابد اللؤم والتمحور السياسيّ في المنطقة، باعتبار أنّ فلسطين والقدس أكبر من كل المحاور.
وما ينبغي ذكره، أنّ عريقات استقبل سفراء مصر والمغرب والأردن وتونس، في إطار التحركات السياسيّة الفلسطينيّة لمواجهة المشاريع القذرة في المنطقة، معتبراً أنّ القضيّة المركزيّة هي إنهاء الاحتلال الصهيونيّ للأراضي العربيّة، وتجسيد استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على حدود ١٩٦٧، وعلى أساس القانون والشرعيّة الدوليّة، رافضاً التهديد بقضم الأراضي الفلسطينيّة واستمرار سياسة التوسع الاستيطانيّ الذي تقوم به قوات الاحتلال الغاشم.
بناء على ذلك تتجه الأمور بين منظمة التحرير الفلسطينيّة وجامعة الدول العربيّة نحو التصعيد، وخاصة بعد أن رفضت فلسطين تسلم رئاسة الجامعة مؤخراً بسبب رفض الأخيرة إدانة التطبيع باعتباره خيانة بكل المقاييس الأخلاقيّة والإنسانيّة، ما اعتبره الفلسطينيون تأيّيداً مباشراً للتوغل الاستيطانيّ، وتشريعاً لباب الخيانة على مصراعيه في العالم العربيّ.
وعلاوة على ما تقدّم، تنازلت الجامعة العربيّة عن أدنى معايير احترام الذات، وتحولت إلى منبر يصدح بصوت العدو ومساعيه الاحتلاليّة، رغم إيمان الشعب العربيّ بأنّ حدود فلسطين التاريخيّة هي من البحر إلى النهر، وأنّ ذلك حق مقدس لا يمكن التنازل عنه، ما يضيف تأكّيداً جديداً على أنّ تلك الجامعة لم تمثل في يوم من الأيام أحلام الشعب العربيّ ولا تطلعاته.
في النهاية، تتخذ الجامعة العربيّة يوماً بعد آخر خطوات تُظهر بشكل جليّ، أنّها باتت أداة طيعة في يد بعض الحكومات التي تسعى لفرض نهج خنوعها، على نحو ينتهي بتصفيّة أهم وأقدس قضايا العرب، والمقابل شراء صمت واشنطن ورضاها عمّا تقوم به تلك الدول من سياسات قمعيّة أو إجراميّة، إضافة إلى ضمان وجودهم في السلطة رغماً عن شعوبهم.
وفي الوقت الذي تحولت فيه الجامعة العربيّة إلى "جامعة للخيانة"، وإلى بوق إعلاميّ وسياسيّ لبعض دول البترول، القائمة على النفط والغاز، لا يوجد أيّ فائدة من استقالة أبو الغيظ إذا لم تُغير الجامعة نهج خنوعها وعبثها بمستقبل الأمّة العربيّة التي تعيش أسوأ أزمات في تاريخها.