الوقت- يبدو أن الإمارات لم تكتفِ بإعلان التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك عبر تشويه صورة الفلسطينيين والعمل على طمس الهوية الفلسطينية، كما فعلت قناة "سكاي نيوز" الاماراتية عندما حذفت اسم فلسطين من على ملصق فني ظهر في خلفية أحد اللقاءات التي تم تصويرها داخل مقر دار "النمر للفنون والثقافة" اللبنانية، وفق المقر نفسه.
الأمر لم يقف عند هذا الحد، حيث هاجم صحفي إماراتي، قناة الجزيرة القطرية واتهمها بتشويه صورة الإسرائيليين عبر الترويج بأنهم يقتلون الفلسطينيين. يعني يمكن القول بأن الإمارات ذهبت بكل كيانها إلى الضفة الاسرائيلية، واصبحت تدافع عن الاسرائيليين وتهاجم الفلسطينيين وقد نجدها يوماً ما تساهم في قمعهم، ولماذا نستغرب ذلك وهي تفعل الأمر ذاته وأبشع من ذلك في اليمن، التي هجرت أهلها من المناطق الجنوبية وسيطرت على مرافئها وثرواتها الباطنية لكي يكون لها منفذ على البحر الأحمر، وبالتالي قد تسعى الامارات ليكون لها منفذ أيضاً على البحر الأبيض المتوسط، وهي تعمل على ذلك بالفعل، وما تواجدها في ليبيا إلا خير دليل على ذلك، ولكن وبحكم وجود الخصم التركي هناك يبدو أن دور الامارات ليس بالقوة المطلوبة، وهي محاصرة هناك، ولذلك قد يساهم اتفاقها مع اسرائيل في دعم الامارات في ليبيا، ووصولها إلى البحر المتوسط، والكيان الاسرائيلي يحاول أن يقدم لها خدمات في هذا المجال، فقد كشف وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، الأربعاء الماضي، أن تل أبيب اقترحت انضمام الإمارات إلى منتدى غاز شرق المتوسط.والثلاثاء، وقع وزراء الطاقة في مصر وإسرائيل واليونان وإيطاليا والأردن وقبرص، اتفاق إطلاق المنتدى رسميا، في اجتماع عبر الاتصال المرئي، تغيبت عنه فلسطين الدولة المؤسسة السابعة. وقال شتاينتز، في بيان، "اقترحنا انضمام الإمارات وقالوا (الدول الست المشاركة في حفل التوقيع) إنهم يدرسون الأمر"، ويأتي الاقتراح الإسرائيلي رغم عدم وجود سواحل للإمارات على البحر المتوسط.
إذاً الكيان الاسرائيلي يحاول تقديم المزيد من الاغراءات للامارات للغوص أكثر في وحل التطبيع، ومن ثم يأتي الدور الاسرائيلي لاستغلال العلاقة وتوجيه الصفعات المتتالية لحكام أبو ظبي، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى وقت واسرائيل تعرف جيداً كيف تقوم بخطط طويلة المدى، ولكن ومع الأسف الامارات تعمل على المدى القصير، وقد تزدهر العلاقات في عهد محمد بن زايد ولكن ماذا عن أولاده وأحفاده كيف سيكون الوضع بعد عدة عقود؟، هل حسب الاماراتيين حساب المستقبل في العلاقة مع العدو الصهيوني.
الاعلامي الذي هاجم الجزيرة ظهر في مقطع فيديو تداوله ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهر في المقطع الإعلامي الإماراتي محمد الحمادي، خلال لقاء تطبيعي عبر الإنترنت مع صحافيين إسرائيليين، نشرته قناة "كان 11" العبرية. ويقول الحمادي في الفيديو إن قناة الجزيرة رسخت في أذهان العرب أن "الإسرائيلي هو من يقتل الفلسطيني" قائلا: "نحن بحاجة إلى أن نعمل كي نغير هذه الصورة النمطية".
السؤال للسيد حمادي، منّ اذاً يهاجم الفلسطينيين، رجال فضائيون أم وحوش الغابة؟، عن ماذا يتكلم هذا الرجل وإلى اي حد وصلت الوقاحة وقلة الضمير لكي تنقلب الحقائق بهذا الشكل، ويتم تصوير الفلسطيني على أنه مجرم والاسرائيلي حمامة سلام، ألم يشاهد هذا الاعلامي كيف يقوم الاسرائيليون بقنص الفلسطينيين وتهديم منازلهم على رؤوسهم وقصف منازلهم بالطيران ومحاصرتهم وقطع الكهرباء والماء وكل وسائل الحياة عنهم، أين يعيش الحمادي، ألا يوجد لديه شبكة انترنت في المنزل، لو اتى رجل من القرون الوسطى وقال هذا الكلام، ربما لا نستغرب لأنه مغرر به من قبل من نقل له القصة، ولكن أن يتحدث رجل يقول عن نفسه اعلامي بهذه الطريقة ويبرء الاسرائيليين من دماء الفلسطينيين هذا ما لا يمكن تصديقه، حتى ان رواد مواقع التواصل، هاجموا الحمادي، واتهموه بمحاولة طمس الحقائق، وإبراز الاحتلال الإسرائيلي على أنه ضحية، رغم كل الجرائم والاعتداءات التي ينفذها ضد الفلسطينيين وغيرهم من الشعوب العربية.
المزعج في الأمر أننا لا نسمع الرأي الآخر في الامارات، لا يمكن القول أبداً، أن الاماراتيين برمتهم يدعمون التطبيع، فهناك أصوات معارضة للتطبيع ولكن لا يسمح لها بأن تخرج للعلن، وتحدث عن هذا الامر الإعلامي الإماراتي حمد الشامسي، عضو الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع مع إسرائيل، حيث قال إن غياب الصوت الآخر داخل الإمارات بشأن التطبيع يعود إلى السياسة الأمنية التي تتبعها السلطات منذ نحو ١٠ سنوات. وتابع "الشعب الإماراتي داخليا مُكبل، ولا يستطيع أن يبدي رأيه إذا كان معارضا لسياسات الدولة، والسلطات اعتقلت العديد من أصحاب الرأي الآخر".
كما ذكرنا، قد تكون النتائج الأولية للتطبيع مع اسرائيل جيدة للامارات نظرياً، حيث يجري الحديث عن اتفاقيات اقتصادية وامنية، والتي لن يتحقق منها شيء والأيام بيننا، هل تعتقد الامارات أن معاداة اسرائيل لإيران تجعلها تنحاز لها وتوقع اتفاقيات امنية معها لمواجهة ايران، هل يظن حكام الامارات أن اسرائيل سترسل جنود صهاينة للدفاع عن أمن الامارات، كل ما يجري الحديث عنه وهم لخدمة الصهاينة بالمجان، مقابل حفاظ آل زايد على السلطة، ولكن ماذا عن الشعب ومستقبله؟.