الوقت- ضجت المواقع الإخباريّة بتصريحات الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، بعد لقائه نجل أمير الكويت، ناصر الصباح، الجمعة المنصرم، حيث زعم أنّ دولة الكويت قد تقوم قريباً بتطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيونيّ، فيما لم يصدر أيّ تأكيد أو نفي من الأخيرة بهذا الخصوص، وتسعى واشنطن إلى وضع الكويت في مأزق الخيانة بعد أن قامت أبو ظبي والمنامة بالتوقيع على اتفاق التطبيع دون حق معرفة أيّ بند من بنوده.
موقف رسميّ غامض
يتساءل الشارع العربيّ عما إذا كانت دولة الكويت ستنجر نحو اتفاقيّة التطبيع مع العدو الصهيونيّ برعاية ترامب، في ظل حالة الغضب والغليان في الأوساط الشعبيّة العربيّة، وعلى وجه الخصوص داخل المجتمع الكويتيّ، فيما زاد النجل الأكبر للأمير تلك التساؤلات بسبب عدم تعليقه على الموضوع، كما أنّ السفارة الكويتية لم ترد على طلب الصحفيين للتعليق على تصريح الرئيس الأمريكيّ.
ومن الجدير بالذكر، أنّ ترامب قرر منح "وسام الاستحقاق العسكريّ" بدرجة القائد العام، لأمير الكويت، الشيخ صباح الصباح، لدوره في تجاوز الانقسامات وحل النزاعات في المنطقة، حيث أوضح البيت الأبيض أنّ الشيخ ناصر سيتسلم الجائزة نيابة عن والده خلال حفل خاص، ضمن الزيارة العلاجيّة بولاية "مينيسوتا" الأمريكيّة.
وفي هذا الصدد، يتصاعد الرفض الشعبيّ الكويتيّ لمسألة التطبيع مع الكيان الغاصب، بعد توقيع اتفاقيّة العار بين كل من الإمارات والبحرين والعدو الغاصب، في ظل العباءة الأمريكيّة، بالإضافة إلى التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكيّ حول تطبيع العلاقات مع الكويت، رغم قيام رئيس مجلس الأمة الكويتيّ وعدد من الأعضاء بطلب تعجيل بالبت في القوانين المقترحة المقدمة بشأن مقاطعة الكيان الصهيونيّ، وحظر التعامل أو التطبيع معه، لإقرارها قبل نهاية تشرين الثاني المقبل.
هاوية التطبيع
تسعى الإدارة الأمريكيّة إلى شق الصف بين الحكومة والشعب الكويتيّ، من خلال جر البلاد نحو هاوية التطبيع، بسبب الرفض القاطع من قبل الكويتيين لأيّ تراجع حكوميّ يخص القضيّة المركزيّة للعرب، بالتزامن مع إصدار العديد من القوى السياسيّة والطلابيّة، بيانات استنكار وتنظيم فعاليات إلكترونيّة رافضة للتطبيع، ومؤكّدة على صلابة الموقف الكويتيّ الداعم للقضيّة الفلسطينيّة.
وفي السياق نفسه، يعتبر الكويتيون أنّ تصريحات ترامب ومن قبلها مستشاره كوشنر، تعد تدخلاً سافراً في الشأن الداخليّ الكويتيّ، وأكبر دليل على ذلك الوقفة الاحتجاجيّة التي نظمها مواطنون كويتيون أمام السفارة الفلسطينيّة، للتأكيد على تضامنهم مع حقوق الشعب الفلسطينيّ المنتهكة، ووقوفهم سداً منيعاً أمام مسألة التطبيع مع العدو الغاشم.
علاوة على ذلك، لم تحترم الإدارة الأمريكيّة رغبة الكويت في اتخاذ القرارات، رغم تأكيد السفارة الأمريكيّة هناك عكس ذلك، في محاولة فاشلة لامتصاص غضب الشارع الكويتيّ، مع تصاعد الضغوط على الكويت للرضوخ للإملاءات الأمريكيّة، ولا سيما مع زيادة حدة الخيانة لدى بعض الدول الخليجيّة.
وباعتبار أنّ الرأي العام يلعب دوراً محورياً في مثل هكذا قضايا، وخاصة في الكويت التي تتميز بوجود هامش حريّة كبير، من الصعب أن تنجح أمريكا بسهولة في إجبار الحكومة على التطبيع مع العدو الصهيونيّ، لأنّ الشعب الكويتيّ بمجمله يرفض رفضاً قاطعاً أيّ تضحيّة بالقضيّة الفلسطينيّة ومقدسات المسلمين.
وعلى هذا الأساس، ذكرت بعض الشخصيات السياسيّة المعروفة داخل الكويت، أنّ ما قاله الرئيس الأمريكيّ حول تطبيع بلادهم مع الكيان الصهيونيّ لا يعدو كونه دعاية انتخابيّة يستغل فيها الرئيس الأمريكيّ، خنوع واستسلام بعض البلدان المعروفة، بالتوقيع على اتفاق العار مع العدو دون إعطائهم حق معرفة بنوده، تحت عناوين "السلام" الزائفة، في استغلال واضح لتلك القضيّة باعتبارها ورقة رابحة لتحقيق الهدف المنشود و هو رفع أسهم ترامب الهابطة أمام شعبه، خلال الانتخابات الرئاسيّة الأمريكيّة القادمة، والتي يحاول جاهداً أن يفوز بها، رغم بعض التكهنات المطروحة في بعض وسائل الإعلام العالميّة التي تتحدث عكس ذلك.
وما ينبغي ذكره، أنّ صحيفة القبس الكويتيّة، نقلت عن مصادر حكوميّة مطلعة في البلاد، في 16 آب الماضي، أنّ الموقف الكويتيّ ثابت تجاه قضيّة التطبيع مع العدو الصهيونيّ، ولن يتغير وأنّ الكويت ستكون آخر دولة تطبع معه، باعتبار أنّ هذا الموقف متسق مع نهج السياسة الخارجيّة الراسخ على مدى عقود في دعم ومساندة قضيّة الشعب الفلسطينيّ.