الوقت- واهمون ساسة الإمارات إذ يعتقدون أنّ خيانتهم ستمرُّ مرور الكرام، وأنّ أحداً في هذا الشرق لن يكترث لجريمتهم، وأنّ تطبيعهم مع الكيان الإسرائيلي سيُلاقي الترحيب، وما هي إلّا أيامٌ قليلة حتى تداعا المُسلمون من كافة بقاع العالم للتنديد بجريمة دولة الإمارات بحق الشعب الفلسطيني، وآخر هذه التداعيات كان الاجتماع الذي دعت إليه مؤسسات فكرية وثقافية في لبنان وإيران -مؤسسة عاشوراء الدولية ومركز الأمة الواحدة ومركز الإسلام الأصيل ومجلس علماء فلسطين وتجمع العلماء المسلمين في لبنان- لعقدِ مؤتمرٍ عُلمائي عبر منصّة "zoom" حمل عنوان ""الإمارات والمطبعين بين التحريم والتضليل" "تصديا لمؤامرات الخيانة والتطبيع وبيع القضية الفلسطينية من قبل بعض الأنظمة العربية.
المؤتمر الذي ضمّ نُخبة من علماء المُسلمين على رأسهم آية الله الشيخ محمد حسين اختري وآية الله الشيخ عيسى قاسم من دولة البحرين ومفتي العراق الشيخ مهدي الصميدعي ومفتي لبنان الشيخ احمد قبلان ورئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية فادي السّيد، ندد بالجريمة التي اقترفتها الإمارات وخروجها عن الصّف الإسلامي بقبولها التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
وفي هذا السّياق قال آية الله الشيخ عيسى قاسم أنّ الكيان الإسرائيلي بؤرة شرّ عظيم في الأرض وعدوّ لدود للإسلام والأمّة الإسلاميّة، وموّدته وتطبيع العلاقات معه عونا له وتزكية لدوره، ونصرة له على المسلمين المضطّهدين على يده وإدانةً لدفاعهم عن النفس، وهو مخالفة شرعيّة بلا أدنى غشاء، مُشيراً إلى أنّ تطبيع الإمارات مع الكيان الإسرائيلي جريمة، وإعلانه جريمة أكبر لأنّه تشجيع عليه، ودعوة للآخرين إلى التسابق فيه، وهو تحدٍّ سافر للأمّة، وتسفيه لما هي عليه من موقف مضاد للعدوان الصهيوني، ونسف لموقف المقاطعة الذي هو نوع من السلاح في مواجهة العدوان.
أما الجريمة الأكبر هي ما وصفها الشيخ قاسم بأنّها التفاخر بالتطبيع والسبق فيه فهو من أشدّ القبائح في نظر الدين، ويمثّل تبجّحاً بمنقصة من أسوأ المناقص، مُطالباً الأمّة بوجوب إنكار هذا التطبيع ورفضه.
الشيخ ماهر حمود أمين عام اتحاد علماء المُقاومة أكّد أن الخيانات المتراكمة مع العدو التي كان كثير منها مستتراً واليوم فُضح لن يؤخرنا أو يبعدنا عن فلسطين، وأضاف: "يا محمد بن زايد أبشر بقتلٍ وذلٍ ومهانةٍ لأن الذي يعبد الكرسي والمال تماما كالذي يعبد العجل".
أبعد من ذلك؛ طالب حمود علماء ووعاظ السلاطين بالاستيقاظ من غفلتهم، مشدداً على وجوب دعم المقاومة التي حاولوا إسقاطها بحروب ومؤامرات وبتحريض مذهبي وأكاذيب وأضاليل ولم يفلحوا.
مفتي الأقصى الشريف الشيخ عكرمة صبري، ورئيس الهيئة الإسلامية في القدس، وتعليقاً على أنّ التطبيع سيسمح للمسلمين بزيارة المسجد الأقصى؛ أكد على أنّ أي زيارة للمسجد الأقصى من خلال التطبيع هي زيارةٌ مشبوهة، مُشيراً إلى أنّ القضيّة لا تنحصر في موضوع زيارة الأقصى، أو عدم زيارته، بل إن موضوعنا أعمق من ذلك بكثير، وهو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة البلاد إلى أصحابها، وعودة اللاجئين إلى ديارهم، هذا هو الأصل، وليس الأصل زيارة الأقصى وعدم زيارته.
ونوّه صبري إلى أنّ المسلمين ضد التطبيع مع المحتل من أي جهة كانت، ولذلك فإن حقنا هو حق إلهي قوي وهو أقوى من العسكر وأقوى من الجيش، وسيبقى حقنا فوق الجميع لأنه مستمد من قرار الله سبحانه وتعالى.
بدوره رئيس مركز الأمة الواحدة للدراسات الفكرية والاستراتيجية السيد فادي السيد أدان اتفاق تطبيع الإمارات مع الكيان الإسرائيلي، واصفاً إيّاه بالسافر وغير القانوني والشرعي، ويأتي في ظل الانبطاح العربي غير المسبوق للكيان، كما أنّه طعنة جديدة للشعب الفلسطيني الصامد، وخيانة للإسلام وللقرآن وللشعوب العربية والإسلامية المتمسكة بالقضية الفلسطينية ومقدسات المسلمين.
ونوّه السيد بأن الاتفاق الإماراتي يظهر مستوى هشاشة الأنظمة العربية في الصراع المستمر مع الكيان الغاصب لفلسطين المحتلة، داعياً في الوقت ذاته حُكّام الإمارات إلى العودة عن قرارهم الذي لا يخدم سوى الكيان الإسرائيلي وسيدفعه إلى ارتكاب المزيد من جرائم الحرب بحق الشعب الفلسطيني وقضم المزيد من أراضي الضفة الغربية والتطاول على بعض الأنظمة العربية.
الشيخ الدكتور محمد الموعد رئيس الهيئة الاستشارية والناطق الرسمي لمجلس علماء فلسطين في لبنان والخارج قال إنّ التطبيع مع الكيان الإسرائيلي هو بمثابة تقديم أوراق للكيان الصهيوني مجاناً تنفيذاً لصفقة القرن دون أي مكاسب سوى كرمى لترامب ونتنياهو، مؤكدا الشيخ الموعد أنه لا يغسل هذا العار، سوى جحافل المقاومة والتحرير التي ستطهر بيت المقدس من دنس الاحتلال.
تجدر الإشارة إلى أنّ المؤتمر ضمّ نخبة من كبار العلماء المسلمين كرؤساء لدور الإفتاء من مختلف الدول العربية والإسلامية، ويأتي المؤتمر كردٍ على جريمة الإمارات بالتطبيع المجاني مع الكيان الإسرائيلي، كما أنّه يتزامن مع ذكرى إحراق المسجد الأقصى قبل 51 عاماً على أيدي المُتطرفين الصهاينة.