الوقت- مُحاصرٌ داخل جُدران منزله؛ هذا هو الحال الذي وصل إليه رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، فقد وصل المُتظاهرون إلى أمام منزله مُحاولين اقتحام هذا الوكر، ليبدؤوا بحرق الإطارات ويحاولوا اقتحام منزله والهجوم عليه ودخوله، وذلك احتجاجاً على السياسات التي ينتهجها نتنياهو إن كان بما يخصّ الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب الكيان والناجمة عن تفشي فايروس كورونا، أو بما يخصُّ عمليات الضم التي ينوي نتنياهو الشروع بها، ناهيك عن اتهامات الفساد التي تُلاحقه، وبات واضحاً اليأس الذي يضرب ساسة الكيان جرّاء تلك السياسات، ليصل الأمر بهم إلى التشكيك في شرعية بقاء الحكومة التي يقودها نتنياهو وقدرته على إنقاذ الوضع المُتهالك الذي يعيشه الكيان الإسرائيلي والذي طفى على السطح خلال الأسابيع القليلة الماضية، ونتج عنه بداية تمرّدٍ مدني ضدّ الحكومة ورئيسها.
ماذا يجري في الكيان؟
خلال الشهر الماضي؛ حشدت جماعة "الأعلام السوداء" أنصارها وقاموا بالتظاهر والاعتصام أمام مقر إقامة رئيس وزراء الكيان داعين إياه إلى الاستقالة كونه يواجه اتهامات بالفساد، وخلال فترة الاعتصام لوّح المتظاهرون بالأعلام السوداء، التي يقولون إنها ترمز إلى موت الديمقراطية في الكيان الإسرائيلي خلال فترة حكم نتنياهو، مُطالبين بطرده من الكيان وليس فقط من رئاسة الوزراء، نتيجة سجلّه الحافل بالانتهاكات إن كان بحقِّ الفلسطينيين أو حتى اليهود.
وكان المُتظاهرون واضحين بشعاراتهم ومطالبهم، إذ عبّروا عن سخطهم من خلال الشعارات التي أطلقوها من قبيل "أنت منفصل عن الواقع.. لقد سئمنا"، أو "لا يمكن للسياسي بموجب لائحة الاتهام أن يكون رئيس الوزراء"، وتحدّى المتظاهرون أوامر الشرطة بالحفاظ على التباعد الاجتماعي، ملقين زُجاجات المياه على الشرطة الذين حاولوا تفريقهم.
حركات معارضة عدّة داخل الكيان الإسرائيلي نظّمت عدداً كبيراً من المظاهرات مؤكدين أنّ نتنياهو غير مؤهّل للقيادة خصوصاً وأنّ المحاكم تقوم بمحاكمته هذه الأيام، وينتظر الكثير من اليهود أن تنتهي هذه المحاكمات بإيداع نتنياهو السجن، كون جميع التهم الموجهة له ثابتة، ومن غير المُنتظر تبرئته.
أكثر من ذلك؛ فإنّ المظاهرات والتي شارك بها الآلاف تُساهم وبالإضافة إلى المشكلات التي يُعايشها نتنياهو بتعميق مشكلاته الجمّة التي يعيشها منذ وصوله إلى رئاسة الوزراء، فمنذ إعلان التشكيلة الحكومية لنتنياهو، اعترض عدد كبير من الأحزاب والشخصيات السياسية البارزة في الكيان على هذه التشكيلة وتنبؤوا بسقوطها قريباً نتيجة المُشكلات الجمّة التي يُعانيها نتنياهو.
صدامات
بالأمس وفي ساعات المساء ورداً على قيام الشرطة بإزالة خيام الاعتصام التي أقامها النشطاء أمام مقر إقامة نتنياهو، حاول النشطاء اقتحام مقر الإقامة، لتبدأ صدامات عنيفة بين ضباط وعناصر الشرطة من جهة، وبين المُتظاهرين الذين رفضوا الانصياع لأوامر الشرطة.
إذن؛ هذا الاعتصام وبمرور الوقت تحوّل إلى مواجهات دامية، ويؤكد المُتظاهرون أنّ قوّات الشرطة ودون أخذ أيَّ تصريح أو أمر من المحكمة؛ بدؤوا بمصادرة الممتلكات الخاصة للمتظاهرين وبعنفٍ مُفرط، دون إعطاء أيّ تفاسير لسبب الاستيلاء على الممتلكات، كما قامت الشرطة وعناصرها بإزالة اللافتات المعلقة.
ومن الواضح أنّ رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي يحاول بالقوة، العنف، التخويف، ودون تقديم أيّ أمرٍ قانوني يحاول قمع المُتظاهرين، ويقول المُتظاهرون إنّ نتنياهو يحاول قمع الاحتجاج و"تحصين الديكتاتورية" غير أنّ ذلك لن يساعده".
أمير هاسكل، جنرال سابق بجيش الكيان الإسرائيلي وأحد قادة الاحتجاجات، قال لوسائل إعلامية إنّ هذا الاحتجاج يزامن مع تاريخ اقتحام سجن الباستيل في باريس عام 1789، غير أنّ تصريحاته هذه أودت به إلى السجن، ليتحوّل بعدها إلى رمزٍ للمتظاهرين الذين يُعارضون استمرار حكم نتنياهو، الذين وصفو نتنياهو بـ "رئيس وزير الجريمة".
وفي النهاية؛ فإنّ شعبيّة رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شهدت انخفاضاً بشكلٍ كبير في الأسابيع الأخيرة وبات يتعرّض يومياً لانتقادات واسعة من كلّ أطياف المجتمع في الكيان الإسرائيلي، وباتت المُظاهرات شبه يوميّة في الكيان الإسرائيلي وصارت الرّياح تجري بما لا تشتهيه سفن نتنياهو، وهو الذي عمل طوال الأسابيع الفائتة على لملمة شظايا حكومته المفتتة، غير أنّ جهوده باءت بالفشل بل إنّ مشاكله زادت باضطراد؛ وبات الشارع يغلي تحت وطأة الفقر والعوز، وأصبح خروجه إلى الشارع مُطالباً بمحاسبة نتنياهو هاجساً يُؤرقه لا يعرف مخرجاً سوى زيادة الضغط على ذلك الشارع علّه يكفُّ عن التظاهر.