الوقت-أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إطلاق أول توربين لتوليد الطاقة على سد إليسو في 20 مايو 2020. وفي إشارة إلى بناء عشرات السدود في تركيا في السنوات الأخيرة، قال أردوغان: "كان لدى تركيا 276 سداً في عام 2002، وتم بناء 585 سدًا جديدًا في عصرنا، ونحن الان نخطط لفتح 403 محطة للطاقة الكهرومائية، حيث تم الإنتهاء من بناؤه، بحلول عام 2020.
على الرغم من أن افتتاح سد إليسو كان استمرارًا لسد "ساطي" التركي منذ سنوات، لكن يبدو أن مشروع سد أليسو سيكون له تأثير كبير على نهري دجلة والفرات، مما يجعل العراق أكبر الخاسرين في هذا المشروع، وسوريا بالدرجة الثانية. وعلى مدى العقود الماضية، استخدمت أنقرة المياه كأداة للضغط على دول أخرى، والآن يمكن اعتبار مشروع إليسو المنفذ النهائي لخطة أردوغان لاستغلال السد ومياه دجلة والفرات سياسياً.
سد أليسو، عامل ضغط سياسي وجيو سياسي
يعد سد إليسو جزءًا من مشروع "جنوب شرق الأناضول" او مشروع "جاب" الضخم الذي يتضمن بناء 22 سدًا وناظمًا (14 سدًا على نهر الفرات و 8 سدود على دجلة) وبناء 19 محطة للطاقة الكهرومائية في تسع محافظات في جنوب شرق تركيا (أدي يامان ، باتمان، ديار بكر، غازي عنتاب، كيليس، ماردين، سيرت، شانلي أورفا وشيرناك) تغطي مساحة 75،358 كيلومتر مربع.
على الرغم من أن تركيا لا تمتلك سوى 54،145 كيلومتر مربع (24.5 بالمائة) من حوض نهر دجلة و 400 كيلومتر (22 بالمائة) من طوله، إلا أنها توفر 25 مليار و 240 مليون متر مكعب (52 بالمائة) من تدفق مياه دجلة السنوي، ولكن سعة تخزين سدود تركيا ونواظمها على نهر دجلة هو 17.6 مليار متر مكعب، في حين يبلغ متوسط التدفق السنوي لنهر دجلة بالقرب من الحدود التركية العراقية حوالي 16.8 مليار متر مكعب، مما يشير إلى أن تركيا قادرة على تخزين جميع احتياطياتها من نهر دجلة داخل البلاد.
وعلى هذا الأساس، على الرغم من أن تركيا لديها 125000 كيلومتر مربع (28.2 في المائة) من حوض الفرات و 1230 كيلومترًا (41 في المائة) من طوله، إلا أنها توفر 31 مليارًا و 580 مليون متر مكعب (89 في المائة) من التدفق السنوي، لكن تقدر سعة تخزين السدود التركية على نهر الفرات بنحو 95 إلى 100 مليار متر مكعب، وتبلغ السعة الإجمالية لسد كيبان وأتاتورك وحدهما 79.6 مليار متر مكعب، في حين يبلغ متوسط التدفق السنوي لنهر الفرات في كل الحوض 30 مليار متر مكعب، وفي الإجمال يبلغ مجموع سعة التخزين لسدود ونواظم تركيا الجديدة على نهري دجلة والفرات أكثر من 1.5 مرة من المساحة الإجمالية للحوض.
بالإضافة إلى ذلك، من بين 23 مليون نسمة في حوض الفرات، يعيش 31٪ فقط في تركيا ويتوزع الأخرون على النحو التالي، 44٪ يعيشون في العراق و 25٪ في سوريا. ومن بين 23.5 مليون شخص يعيشون في حوض دجلة، يعيش 15٪ فقط في تركيا و 79٪ يعيشون في العراق و 6٪ في إيران. وعلى مستوى آخر، سيضيف السد 2.8 مليار ليرة سنوياً إلى اقتصاد البلاد من القيمة المضافة.
قلق عراقي شديد من افتتاح سد اليسو
لا شك أن افتتاح سد إليسو أثار قلق العراقيين أكثر من أي دولة أخرى. وبحسب عون دياب، خبير البيئة العراقي، في مقال له لموقع السومرية نيوز، فإن الأمطار الأخيرة منعت العراق من أثار نقص المياه في الوقت الحالي، لكن الدراسات السابقة أظهرت أن سد إليسو، ثاني أكبر سد في تركيا، سيعمل على تقليل تدفق المياه التي تدخل العراق من نهر دجلة من 21 مليار متر مكعب إلى 10 مليار متر مكعب، وسيتم حرمان 700 ألف هكتار من الأراضي الزراعية العراقية من الري وسيتم تشريد نحو 80 ألف آخرين من مناطقهم. ووفقا لتقارير اليونسكو، تم تشريد 100.000 عراقي منذ عام 2005 بسبب نقص المياه. وفي عام 2009 ، ورد أن 70 بالمائة من قنوات المياه والنواظم في المنطقة قد جفت، ونزح جراء ذلك أكثر من 36،000 عراقي.
كما أدى سد إليسو إلى تفاقم التصحر، وتآكل الأراضي وتجفيف معظم الأهوار العراقية، وخاصة هور الحويزة، والتي تعد أحد المصادر الرئيسية للغبار في إيران. في الواقع، هذا السد له قدرة أكبر بثلاث مرات من أكبر سد إيراني، أي سد الكرخة، والذي سيمنع المياه، بمستواها السابق، الى التدفق في نهري دجلة والفرات وسيسبب الأضرار البيئية أخرى.
أصبح المسؤولون الحكوميون العراقيون قلقين الآن أكثر من أي وقت مضى حول استخدام تركيا لسد إليسو. ففي صيف 2018، تزامنا مع تشغيل سد إليسو لمدة أسبوع، اشتكى العراق لتركيا من تقليص حقوقه المائية من نهر دجلة، وبعد ذلك اضطرت أنقرة إلى تعليق أنشطتها في سد إليسو.
تعتقد بغداد أن استغلال تركيا لسد إليسو سيسبب للعراق أزمة مياه حادة، حيث يعد نهر دجلة أحد المصدرين الرئيسيين لإمدادات المياه في جميع أنحاء العراق. وفي الواقع، يبدو أن الحكومة العراقية قادرة على تقديم شكوى ضد تركيا من تشغيل هذا السد؛ لأنه ستكون هناك أزمة مياه كبيرة في هذا البلد.