الوقت- منذ ان وصل الملك سلمان بن عبد العزيز الى كرسي العرش في يناير/كانون الثاني 2015، بدأت رحلة نجله محمد بن سلمان في التسلق على أكتاف والده للوصول إلى مبتغاه وتجاوز كل أبناء عمومته وأعمامه الذين لهم أحقية أكثر في تولي منصب ولي العهد ومن خلفه عرش المملكة، لكن ابن سلمان استغل تواجد والده في السلطة وبدأ بإبعاد كل من يشعر بخطر اتجاهه أيا كان يكن، دون اعطاء اي اهمية لعادات وتقاليد المملكة، ومن هنا بدأت فكرة الاعتقالات تتملك ابن سلمان ليخطو خطوة أكثر جرأة ويبدأ باعتقال كل من يمكن أن يشعر بأنه عقبة امام وصوله للعرش، ليبدأ مشوار الاعتقالات منذ العام 2017 اي نفس العام الذي تولى فيه منصب ولي العهد وحتى كتابة هذه السطور، ليكون آخر المعتقلين الأمير فيصل بن عبد الله آل سعود، نجل الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، منذ 27 مارس/آذار الماضي، بحسب ما افادت منظمة هيومن رايتس ووتش.
المنظمة العالمية التي تعنى بحقوق الانسان، قالت ان السلطات السعودية اعتقلت الأمير فيصل بن عبدالله بمعزل عن العالم الخارجي، حيث رفضت الكشف عن مكانه أو وضعه، وفق مصدر على صلة بالعائلة تحدث لهيومن رايتس ووتش.
السلطات في السعودية من جهتها لم تعلق على المزاعم التي تأتي بعد تقارير صدرت في وقت سابق عن احتجاز الأمير أحمد بن عبد العزيز وولي العهد السابق محمد بن نايف، إضافة إلى اعتقال عدد من الدعاة والمفكرين والنشطاء الحقوقيين.
بن عبدالله ومحمد بن نايف يعانون من مشاكل صحية
رغم ان كل من الأمير فيصل بن عبدالله ومحمد بن نايف يعانون من مشاكل صحية، إلا أن السلطات السعودية لم تعر اي اهمية للموضوع، حيث أبدت عائلة الأمير بن عبد الله قلقها بشأن وضعه الصحي لمعاناته من مرض القلب.
أما بن نايف، فقد أعلنت السعودية رسمياً، الأحد 10 مايو/أيار 2020، عن إصابة ولي العهد السابق، الأمير محمد بن نايف بنوبة قلبية في سجنه، وتضمّن الإعلان أول اعتراف رسمي أيضاً من الرياض في اعتقال بن نايف، عقب شهرين من صمت السلطات على التقارير التي أكّدت توقيف الأمير مع آخرين في مارس/ آذار 2020.
الحالة الصحية لـ بن نايف تدهورت بشكل سريع لينقل على اثرها الى العناية المركزة، وقد كشف عن هذا الامر المديرية العامة للسجون في السعودية، التي تتبع لوزارة الداخلية، حيث قالت على حسابها الرسمي في موقع تويتر إن بن نايف نُقل إلى العناية المركزة إثر إصابته بنوبة قلبية، ونفى الحساب أن يكون الأمير البالغ من العمر 60 عاماً قد توفي.
وأضافت المديرية أن كادراً طبياً متخصصاً يباشر الحالة الصحية للأمير بن نايف على مدار الساعة، دون إعطاء أية تفاصيل جديدة حول وضعه الصحي الآن.
اعتقالات ابن سلمان شملت الأميرات أيضا، ويبدو انهن يتعرضن للتعذيب ايضا وأحوالهن الصحية ليست على مايرام، ففي 15 نيسان/ أبريل 2020، نشر حساب "تويتر" موثق للأميرة بسمة بنت سعود، 56 عاما، وهي ابنة الملك الراحل سعود، سلسلة من التغريدات تفيد بأنها وابنتها محتجزتان دون تهمة في "سجن الحائر" جنوب الرياض، وأن صحتها آخذة في التدهور، لكن التغريدة اختفت بعد عدة ساعات، وفي 5 أيار/مايو، ذكرت "وكالة فرانس برس" أنه منذ حذف التغريدات، لم يتلق أفراد العائلة أي معلومات حول وضعها.
يبدو ان ابن سلمان يتلذذ في تعذيب أقربائه، حيث افاد تقرير لصحيفة نيويورك تايمز في مارس/آذار 2018 بأن 17 شخصا احتاجوا الدخول إلى المستشفى بسبب سوء المعاملة من قبل السلطات السعودية في ريتز كارلتون في 2017، وأن اللواء علي القحطاني -مساعد الأمير تركي- توفي في الحجز فيما بعد.
ماذا يريد ابن سلمان من وراء هذه الاعتقالات؟
أولاً: ابن سلمان يعلم في قرارة نفسه ان هناك من أحق منه في تولي عرش المملكة ومن هم اكثر خبرة وتجربة، وبعضهم لديه شعبية كبيرة داخل البلاد وخارجها، ومنهم الامير محمد بن نايف الأكثر خطورة على ابن سلمان، ويعد بن نايف رجل الأمن الأول في البلاد حيث عين منذ 1999 مساعدا لوزير الداخلية للشؤون الأمنية، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2012 عين وزيرا للداخلية، ولقب بجنرال الحرب على الإرهاب حيث أشرف على خطط القضاء على العنف بالمملكة التي شهدت موجة من التفجيرات في مناطق مختلفة.
ويقال إنه كان محبوبا من قبل الحكومات الغربية لحملته ضد تنظيم القاعدة منذ 2003، وحصل على ميدالية جورج تينيت من قبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
ثانياً: ابن سلمان يعلم ان سياسته الطائشة جلبت الخراب للمملكة، خاصة وانه خرج عن القواعد الكلاسيكية التي كان يحكم بها الملوك السابقين، وأصبح أكثر تطرفا بعد ان كان يظن كثر أنه أكثر انفتاحا، ونتيجة سياسته غرقت المملكة في مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، خاصة ما يتعلق بالسياسة الخارجية كحرب اليمن وحصار قطر، والقضايا الحقوقية كملاحقة النشطاء وسجن المخالفين وجريمة اغتيال المواطن الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية في إسطنبول بداية أكتوبر/تشرين الأول 2018، بالإضافة إلى الراديكالية في اتخاذ قرارات اجتماعية تخالف طبيعة المجتمع المحافظة، وأخيرا سجن مجموعة من الأمراء النافذين في العائلة المالكة بزعم أنهم يحضرون لانقلاب، وعلى رأسهم عمه الأمير أحمد بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف.