الوقت - هذه هي إحدى المرات العديدة التي يحذر فيها مسؤولون أمريكيون ، وخاصة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ، تحت عناوين مختلفة من أن نهاية حظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن على طهران بدأ يقترب هذا العام ، وقاموا بحثّ دول مجلس الأمن على الموافقة على تمديد هذه العقوبات خلافاً لقوانين مجلس الأمن ، حيث استخدم بومبيو مجموعة من الاتهامات الواهية والذرائع الكاذبة لدعم مطلبه هذا ، بما في ذلك دعم الإرهاب ، ومنع بدء سباق تسلح في المنطقة ، وان هناك "منظمات غير مسؤولة" تحصل على أسلحة متطورة أيضا.
وفي محاولة منه لقلب الواقع وتشويه الأحداث ، قدم بومبيو سلسلة من الاتهامات الغامضة ، بما في ذلك تهريب الأسلحة وإطلاق الصواريخ على البلدان المجاورة ، والاستيلاء على السفن وإسقاط طائرة ركاب مدنية ، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ، ما هو سبب قلق الولايات المتحدة الامريكية العميق من رفع العقوبات ، وما هي الأهداف المرجوة من هذا الطلب؟
إبطال قرار مجلس الأمن
بعد الانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات أحادية الجانب على إيران ، استخدم البيت الأبيض جميع التكتيكات الممكنة من أجل كسب جميع الأطراف الأخرى لصفه لإفشال الاتفاقية بالكامل وإرجاع جميع عقوبات مجلس الأمن تلقائيًا ، ولكن رد إيران المنطقي من خلال اتخاذ خطوات تدريجية في التقليل من التزامات بالاتفاق النووي ومخاوف أوروبا من المستقبل الغامض برفقة ترامب وفقدان بروكسل المتزايد لمصداقيتها تدريجياً كممثل مستقل في الساحة الدولية ، أدى الى فشل واشنطن في الوصول الى هدفها.
وهذا في حال ان ترامب تعرض لانتقادات واسعة النطاق من قبل منتقديه قبل بضعة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية الامريكية الحاسمة ، أولاً لانسحابه غير المدروس من الاتفاق النووي ، مما عرض مصداقية الولايات المتحدة وأمن القوات الأمريكية في المنطقة للخطر الشديد ، وثانيًا ، لانه جعل إيران تريد ارجاع قدرتها النووية الى ما قبل الاتفاق النووي وعدم رغبتها في التفاوض مجدداً.
وفي ظل هذه الظروف ، ترى الولايات المتحدة الامريكية أن الخيار الأفضل لتدمير ما تبقى من الاتفاق النووي نهائياً هو إعادة تفعيل حظر الأسلحة المفروض على إيران ، وهو ما يعني إلغاء القرار 2231 ، الذي ينص على رفع حظر الأسلحة ، حتى لا تحقق طهران أي فوائد من الاتفاق النووي وان تجبر على الجلوس على طاولة التفاوض مع ترامب مرة اخرى.
وفي هذه الحالة ، يتركز قلق البيت الأبيض بشكل أساسي على روسيا والصين بصفتهما عضوين دائمين في مجلس الأمن ، والتي كانتا مخالفتين للنهج الأمريكي والغربي الذي يعتمد على نكث المواثيق في الكثير من القضايا ، بما في ذلك الاتفاق النووي ودعمهما لطهران.
وفي هذا الصدد كتب مندوب روسيا في فيينا "ميخائيل اليانوف" على حسابه الشخصي على تويتر ردا على تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول تمديد حظر الأسلحة الإيرانية قائلاً: " "إن سباق التسلح في العادة ليس من جانب واحد ، إنه جهد جماعي سواء على مستوى القوى العظمى أو على المستوى الاقليمي" وبناءً عليه ، يتابع مسؤولو البيت الأبيض تمهيد الأجواء السياسية والإعلامية ضد المعارضة المحتملة لهذه الحكومات لحظر الأسلحة الجديد ضد إيران من خلال الاسقاط النفسي وتحريف الوقائع.
وفي خضم ذلك ، من المهم ملاحظة أنه على الرغم من الجهود التي يبذلها البيت الأبيض ، الا اجراءات ترامب لتقويض القواعد والمنظمات والمعاهدات الدولية أدت إلى فقدان الولايات المتحدة لقدرتها الناعمة لإشراك جهات فاعلة أخرى في عقوبات غير قانونية ضد دول أخرى تحت ذريعة دعم الإرهاب والحفاظ على الاستقرار الدولي.
وان الدور الأساسي لايران ومحور المقاومة في دحر داعش والإرهاب في المنطقة ، والالتزام المسؤول والمحترم بالتعهدات في الاتفاق النووي أي (منح الأطراف الأخرى فرصة للوفاء بالالتزامات من خلال تقليل الالتزامات خطوة بخطوة) ، مع التركيز على الدبلوماسية للتفاوض مع الجيران من خلال اقتراح اتفاقية أمنية إقليمية ، إلى جانب التهديدات الإقليمية والأدلة المتكررة على تجاهل البيت الأبيض لسيادة واستقلال الدول ، جعلت لإيران الشرعية والأحقية في أن تكون لها علاقات عسكرية مع دول أخرى لتعزيز قدراتها الدفاعية المتبادلة ، هذا في حين أن حلفاء الولايات المتحدة الامريكية ، مثل السعودية وإسرائيل يقومون بقتل الأناس الأبرياء يومياً بأسلحتها الأكثر تقدمًا في العالم وخاصة الغربية ، وتقوم بترويج خطاب الكراهية وتقويض الاستقرار الإقليمي ، ولكن جميع هذه الأفعال مدعومة وموافق عليها من قبل البيت الأبيض.
القلق من الإرهاب أم من فشل العقوبات؟
فيما يتعلق بأهداف البيت الأبيض من اعلان مخاوفها بشأن رفع العقوبات الدولية المفروضة على صناعة الأسلحة الإيرانية ، من المهم ملاحظة أنه على مدى السنوات الأربعين الماضية ، وعلى الرغم من العقوبات ، لم تكن طهران قادرة فقط على تلبية معظم احتياجاتها من الأسلحة ، ولكنها صناعة الدفاع الإيرانية استطاعت اليوم منافسة أكثر الأسلحة تقدماً في العالم أيضاً في مختلف المجالات ، وعلى سبيل المثال يكفي الإشارة الى تحطيم الطائرة الأمريكية المتطورة جداً والتي لا يمكن اكتشافها من قبل الرادارات "غلوبال هوك" والتي تم اسقاطها من قبل الدفاعات المحلية وفاجأت العالم.
وبالإضافة إلى الأسلحة التقليدية ، أصبحت إيران الآن واحدة من القوى العسكرية الكبرى في العالم في مجال الصناعات العسكرية المعقدة للغاية مثل أنظمة الدفاع والحرب الإلكترونية والصواريخ والطائرات بدون طيار. وبطبيعة الحال ، ستسمح هذه القدرة لإيران بتوقيع صفقات أسلحة مع دول أخرى ، خاصة في المنطقة ، في حال تم رفع العقوبات عنها ، الأمر الذي لن يكون في صالح الولايات المتحدة الامريكية في نواح كثيرة.
ومن ناحية أخرى ، تبيع الولايات المتحدة الامريكية أسلحة بمليارات الدولارات سنوياً ، كما انها تبرر تدخلها في المنطقة من خلال هذه الصفقات ، وعلى سبيل المثال فهي تستغل ضعف الأمن في العراق كذريعة لاستمرار وجودها هناك ، وبطبيعة الحال ، فان الصفقات العسكرية الإقليمية ستقلل من التنافس على الأسلحة في المنطقة ، والتي يكسب البيت الأبيض منها بالفعل مليارات الدولارات.
ومن ناحية أخرى ، فان قدرة إيران على بيع الأسلحة جعلت العقوبات الأحادية أقل فعالية ضد إيران من أي وقت مضى ، وهذا ما سيضعف أسس سياسة الضغط الأقصى على إيران.