الوقت- يومٌ بعد آخر يُثبت ترامب أنّه لا يقلُّ سوءً وخبث ولا لصوصية عن التاجر اليهودي المعروف شايلوك، بل ربما هو من يُعطي دروس الخبث لشايلوك ومن على شاكلته، وأيضًا يُثبت ترامب بما لا يدع مجالًا للشك أن قيادة العالم أمريكا المزعومة للعالم ليست أكثر من "سطوٍ مسلح" على هذه القيادة،
استغلال كورونا
آخر ألاعيب ترامب في الشرق الأوسط هو استغلال انشغال الحكومة السورية بمحاربة فايروس كورونا، وزادت من سيطرتها على آبار النفط في سوريا بالاشتراك مع الميليشيات الكردية المعروفة بـ "قوّات سوريا الديموقراطية"، وبدأت بمد أذرعها على آبار نفط جديدة، بهدف سرقتها وإيداع أموالها في البنوك الأمريكية.
عملية "السرقة الموصوفة" التي تقوم بها القوات الأمريكية شرق سوريا ستُجبر الحكومة السورية على مقاضاة الولايات المتحدة في محكمة العدل الدولية وهو الأمر الذي أكّدته مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان حين قالت إنّ سوريا تبحث إمكانية رفع دعوى قضائية دولية ضد الولايات المتحدة، لأنها تسرق النفط السوري".
أكثر من ذلك؛ تأتي خطوة ترامب هذه بالتزامن مع شن فلول تنظيم داعش الإرهابي عمليات عسكرية على منشآت النفط والغاز في البادية السورية ومدينة حمص، الأمر الذي يُؤكد بما لا يدعُ مجالًا للشك التعاون بين التنظيم الإرهابي وبين القوات الأمريكية، للسيطرة على منابع النفط والغاز السورية، وما كان وجود تنظيم داعش إلّا نوعًا من التكتيك الأمريكي.
سرقة موصوفة
مهمة الجيش الأمريكي في سوريا والتي كانت حسب ادعائهم لمواجهة تنظيم داعش الأمريكي؛ بدأت هذه المهمة تأخذ أبعادًا جديدة، وذلك بناءً على الحالة التي يفرضها الوضع العام شرق سوريا.
بدايةً أعلن ترامب عن انسحاب جميع القوات الأمريكية تقريبًا من شمال شرق سوريا، والتخلي فعليًا عن حلفائه من الأكراد في المنطقة، وبعد أن تأكد أنّ ما يُعرف بقوات سوريا الديموقراطية لا يؤمن جانبهم؛ عمل على الإبقاء على بعض فلول داعش في البادية السورية، مُتبعًا هذا الإبقاء بإعلانه أن القوات الأمريكية ستبقى في سوريا إلى أجلٍ غير مُسمى، معلنًا وبكل وقاحة أنّ قوات بلاده ستبقى لتأمين حقول النفط!.
أكثر من ذلك؛ فقواته الموجودة شرق سوريا لم تقم حتى هذه اللحظة بمحاربة تنظيم داعش منذ إعلان النصر على هذا التنظيم، كما لم تقم بحماية حلفاءه من الأكراد، لتأتي تصريحات ترامب وتؤكد المؤكد من أنّ جنود بلاده في الشرق السوري للاحتفاظ بالنفط فقط ليس أكثر.
طبول الحرب
تصريحات ترامب المُتناقضة أو ربما سياساته؛ أوقعت الجيش الأمريكي نفسه في حيرة، فمرة يقول بأنّه يريد الاستحواذ على النفط، وأخرى يؤكد فيها أنّه يُريد حماية الأمريكيين من تهديدات الإرهابيين، وحتى هذه اللحظة بقيت القوات الأمريكية لا تعرف بالضبط ما هي مهمتها، وماذا يفعلون في الشرق السوري، خصوصًا بعد أن قام ترامب بتوسيع مهمة الجيش الأمريكي في سوريا.
الوجود الأمريكي الكثيف والمُريب في آنٍ معًا، بات يُنظر إليه بأنّه احتلال مباشرة لأراضي دولة مستقلة، وبات يُخشى من هجمات ضد القوات الأمريكية شرق الفرات، وبتنا نسمع بتساؤلات تخرج من أوساط الإدارة الأمريكية عن ماذا لو حاولت القوات السورية أو الروسية أخذ النفط بالقوة؟ ماذا عن تركيا "حليفة الناتو" الموجودة فعليًا في الشمال السوري والتي تُدير مساحات هائلة من الأرض السورية والتي تحلم بالسيطرة على منابع النفط، وهو الاقتراح الذي قدمه فعليًا أردوغان، مبررًا ذلك بأنّه يجب صرف مداخيل النفط على السوريين الموجودين تحت إدارته!.
ولحظة إعلان مقتل قائد تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي قالها ترامب علانيةً بأنّ ينبغي على قواته في الشرق السوري أن تُقاتل من أجل النفط، حيث يقول ترامب حرفيًا: "قد نضطر إلى القتال من أجل النفط، ربما هناك شخص آخر يريد النفط"، ومنذ هذا الإعلان سُمِحَ للقوات الأمريكي بإطلاق النار على أي شخص يُحاول الاقتراب من آبار النفط.
وفي النهاية؛ يُجادل البعض بأنّ عملية صنع السياسة في إدارة ترامب عملية عشوائية للغاية، وفوضوية جدًا في مسألة الحرب أو السلام، لكن من الواضح أنّ هذا اللص يعرف ما يُريده بالضبط، ويعرف أيضاً أنّ وجوده في المنطقة برمتها وليس سوريا فقط بات على كف عفريت، ولهذه الغاية يقوم بإرسال المزيد من الجنود إلى منطقة الشرق الأوسط تحسبًا لنشوب أي حرب هناك جراء السياسات الأمريكية العدوانية ضد المنطقة وشعوبها.