الوقت- ارتفعت حدة الاحتجاجات والانتقادات الدولية خلال الايام القليلة الماضية ضد العقوبات القاسية التي فرضتها الإدارة الامريكية قبل عدة أيام ضد إيران بالتزامن مع تفشي فيروس كورونا في عدد من المدن والمحافظات الإيرانية وفي معظم دول العالم وخلال الفترة الماضية تم إطلاق العديد من الحملات داخل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ودول أخرى لإقناع إدارة "ترامب" برفع العقوبات التي فرضها على طهران. وفي هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية أنه مع انتشار فيروس "كورونا" هذه الأيام بشكل كبير أكثر من أي وقت مضى في العديد من بلدان العالم، أثيرت قضية التضامن والتعاون العالمي لمكافحة هذا الفيروس الخطير وهذه الأزمة العالمية بشكل جدي. وفي غضون ذلك، ازداد الضغط الدولي على أمريكا لرفع العقوبات عن إيران خلال الأسابيع القليلة الماضية ورفع الضغوط المالية والاتصالات التي قد تساعد طهران على التعامل مع هذا الفيروس الخطير ومنع انتشاره في البلاد.
وفي هذا الصدد، دعا مسؤولون في دول مثل الصين وروسيا والهند وباكستان واليابان وفرنسا وألمانيا وحتى بريطانيا، واشنطن لرفع العقوبات القاسية التي فرضتها في وقت سابق على إيران وفي خطوة ملحوظة، بعث بعض نواب الكونغرس الامريكي رسالة إلى الرئيس الامريكي "دونالد ترامب"، طالبوه فيها برفع بعض العقوبات الاقتصادية التي فرضها خلال الاشهر الماضية على طهران. في الواقع، لقد استيقظت ضمائر العديد من الدول والكثير من المسؤولين الغربيين وأدركوا أن إيران تعيش في وقتنا الحالي في وضع صعب جداً وذلك بسبب العقوبات التي لا تزال مفروضه عليها والتي منعتها من توفير المعدات الطبية والموارد المالية وتأمين المنتجات الصحية اللازمة لمواجهة فيروس "كورونا" الذي انتشر في العديد من المدن والمحافظات الإيرانية خلال الاسابيع القليلة الماضية.
وفي موجة جديدة من هذه السياسية الامريكية الخبيثة، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأن الإدارة الامريكية فرضت عقوبات على 20 من المسؤولين والأفراد والشركات التي مقرها إيران والعراق، واتهمتهم بدعم جماعات إرهابية في تصعيد للضغط على طهران في الوقت الذي تحارب فيه تفشي وباء كورونا وزعمت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان إن الكيانات والأفراد الذين فرضت عليهم العقوبات دعموا الحرس الثوري وفيلق القدس التابع له، والمسؤول عن العمليات الخارجية، ونقلوا مساعدات تستخدم في القتل لجماعات مسلحة تدعمها إيران في العراق منها كتائب حزب الله العراقية وعصائب أهل الحق.
وفي سياق متصل، ذكر موقع "أمريكان كانسرتيو" الاخباري المقرب من المحافظين الأمريكيين في مذكرة كتبها "دانييل لاريسون"، الذي أدان فيها سياسة الحكومة الأمريكية والبيت الأبيض المعادية وغير الصحيحة تجاه إيران، حيث قال: " لقد قال بول أناتاراجا تامبيا، رئيس علم الأحياء الدقيقة في مركز آسيا والمحيط الهادئ عند عقده مؤتمراً صحفياً مع صحيفة ووالستريت حول الحالات الجديدة المصابة بمرض كوفيد 19 في منطقة شرق آسيا، حيث أعرب، طالما أن جميع الناس حول العالم لا يعيشون في أمان، فإننا أيضا لن يكون لدينا مناعة حيث ما كُنا". وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون سابقون في وزارة الخارجية الأمريكية أشرفوا على امتثال إيران للاتفاق النووي: "يجب أن يكون من الأسهل إرسال الإمدادات الطبية. أي شخص يقول شيئاً ويفعل شيئًا آخر، هو شخص مريض نفسي. يجب على الولايات المتحدة أن تبذل قصارى جهدها لضمان وصول الإمدادات الطبية إلى إيران. هذا الامر سوف يصب في مصلحتنا".
الجدير بالذكر أن حملة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها الإدارة الأمريكية تجاه إيران ترتبط إرتباطاً وثيقاً بقصر نظرها الخبيث والوحشي الذي تعمد فيه التضحية بصحة وحياة الإيرانيين الأبرياء من أجل زعزعة استقرار الحكومة الإيرانية والإطاحة بها. وغالبًا ما يقارن أنصار الحرب مع إيران هاجسهم بالإطاحة بالنظام الإيراني بسياسة "ريغان" تجاه الاتحاد السوفيتي، لكن الفرق كبير جداً بين ما يفعلونه وما فعله "ريغان" مع تلك القضية.
ففي عام 1988 عندما ضرب فيه الزلزال المدمر دولة أرمينيا، أرسلت أمريكا إغاثة كبيرة إلى ضحايا ذلك الزلزال وحتى إن إدارة "بوش" كانت حريصة على إرسال المساعدة لإيران بعد زلزال "بام" الذي وقع في عام 2003. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه منظمة الصحة العالمية وباء فيروس كورونا بأنه أكثر خطورة وأسوأ سيناريو تعيشه البشرية في القرن الواحد والعشرين، فإنه كان يجب على أمريكا أن تقدم الكثير من المساعدات للجانب الإيراني، لكن إدارة "ترامب" بدلاً من ذلك قامت بفرض المزيد من العقوبات القاسية قبل عدة أيام على عدد من الشخصيات والكيانات الإيرانية. وكما يقول "بلان"، فإن "مساعدة إيران خلال هذه الأزمة هي أيضا سوف تصب في مصلحتنا. إن مساعدة البلدان الأخرى على احتواء الفيروس أمر جيد، ولكن إذا لم يكن ذلك كافياً لإقناعنا، فإنه يجب علينا معرفة أن ذلك الامر سوف يساعدنا على حماية أنفسنا".
وفي جزء آخر من هذه المذكرات، قال "لاريسون"، "إذا كنا لا نريد رفع العقوبات، فلماذا لا نعلقها أو نخفضها على الأقل ؟ إن حملة "أقصى ضغط" التي تنتهجها الإدارة الامريكية تجاه إيران غير عادلة، وإن استمرار هذه السياسية في أعقاب تفشي فيروس كورونا في عدد من المدن والمحافظات الإيرانية يعتبر أمراً مأساوياً بحق وغير مقبول. إن رفض إدارة "ترامب" تخفيض العقوبات في مثل هذه الاوضاع يُظهر مدى غبائه ووحشية سياسته ولهذا فإنه ينبغي على الجميع معرفة كيف كانت الحرب الاقتصادية التي شنها "ترامب" على عدد من دول العالم وعلى رأسها الصين، حمقاء ومدمرة منذ البداية. إن سياسة إدارة "ترامب" تجاه إيران ليست عنيدة وجاهلة فحسب، بل إنها غير أخلاقية بشكل أساسي؛ وذلك لأنها كشفت الوجه القبيح لإدارة "ترامب" أكثر من أي وقت مضى. إن أخذ أمة رهينة في وقت تمر فيه تلك البلاد بأزمة صعبة هو بالضبط ما تفعله أكثر الحكومات الشرسة والقاسية. ومع ذلك، فإن هذه هي السياسة هي نفسها التي يتبعها وزير الخارجية "بومبيو" حاليًا ضد إيران، حيث أشار بيان "بومبيو" الأخير بشأن فرض عقوبات جديدة إلى الموقف العدائي لإدارة "ترامب" تجاه الشعب الإيراني.
وفي نهاية ملاحظته، أقر "لاريسون"، قائلا: "يجب تذكير الجميع بأن وباء كورونا يمثل تهديدًا لنا جميعًا بسماتنا البشرية المشتركة، ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا لمساعدة الشعب الإيراني والدول الأخرى المنكوبة. يجب ألا تشن حكومتنا على الأقل حرباً اقتصادية وحشية ضد عشرات الملايين من الأبرياء. يجب على الحكومة الأمريكية رفع جميع العقوبات حتى يتمكن الشعب الإيراني من التغلب على هذا التهديد بشكل أفضل".