الوقت- بعد أن ابتعدت حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس) الی حد ما عن محور المقاومة، باتت هذه الحركة تواجه العديد من الصعوبات غير المسبوقة في مواصلة مشوارها النضالي ضد الكيان الإسرائيلي والمشروع الأمريكي الداعم لـ تل أبيب. حيث أنه للاسف وبعد أن عرف الكثير من قادة حماس الخطأ التاريخي الذي ارتكبته الحركة من خلال معاداة سوريا، لازالت هذه الحركة تصر علی مواصلة خطئها الإستراتيجي دون معالجته، والذي أضر الكثير بالقضية الفلسطينية، حيث باتت واشنطن عملياً تخطط لإغتيال القادة الجهاديين في حركة حماس وعلی رأسهم المجاهد الكبير «محمد الضيف» قائد «كتائب عزالدين القسام» وسائر رفاق دربه، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية الأمريكية مؤخرا علی لائحتها المسماة بلائحة "الإرهابيين الدوليين"، حيث أن الكثير من الذين وردت أسمائهم علی هذه اللائحة، مثل قادة حماس وسمير القنطار هم أبعد الناس عن الإرهاب، فمتی تنتبه حماس الی أن مكر واشنطن والكيان الإسرائيلي بات يحاصرها من كل جانب؟ لكي تعود الی حضن من دعم القضية الفلسطينية ولايزال، دون مقابل.
وفي هذا السياق أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية الثلاثاء الماضي، أسماء ثلاثة من کبار أعضاء حركة حماس وهم يحيى سنوار وروحي مشتهى، والقائد العسكري العام لـ «كتائب عز الدين القسام» محمد الضيف، بالاضافة الی الاسير اللبناني المحرر «سمير القنطار» علی لائحتها السوداء لمن تصنفهم بـ "الإرهابيين الدوليين". لا شك أن هذا التصنيف الأمريكي لهؤلاء المقاومين سوف يفشل في النيل من إرادة وعزم هؤلاء الابطال الذين ضحوا بكل غال ونفيس لتحرير لبنان وفلسطين من دنس الکيان الإسرائيلي.
ومن بين هؤلاء المجاهدين فان محمد ضيف قائد كتائب عزالدين القسام، نجی لحد الآن من الكثير من المؤامرات الأمريكية والإسرائيلية التي هدفت لاغتياله، وقدم زوجته واثنين من أبنائه شهداء في درب تحرير فلسطين والاقصی المبارك، بعد أن استهدف جيش الکيان الإسرائيلي منزلا في غزة لاغتياله في الـ 20 من أغسطس/آب عام 2014 خلال الحرب الاخيرة علی غزة، حيث لازال يعتبر المطارد رقم واحد علی قائمة الاشخاص الذين يسعی الكيان الإسرائيلي الی تصفيتهم منذ ما يقارب عقدين من الزمن.
وفي المقابل فان كلاً من سمير القنطار ويحيی سنوار بالاضافة الی روحي مشتهی، امضوا أحلی أيام حياتهم في سجون الکيان الإسرائيلي، حيث عُرف القنطار بعميد الأسری اللبنانيين قبل اطلاق سراحه من قبل الكيان الإسرائيلي في صفقة تبادل للأسری والتي جرت بين الكيان وحزب الله في عام 2008، بعدما أمضی حوالي 30 عاما من حياته في سجون الکيان. وهذا السجل الحافل بالإنجازات المشرفة لكل من محمد الضيف ويحيى سنوار وروحي مشتهی وسمير القنطار، يوضح أن أمريكا اختارت كوكبة من ألمع نجوم سماء المقاومة، في فلسطين ولبنان، لتصفيتهم من خلال الإستخبارات الإسرائيلية وعملائها في المنطقة. لذا بات من غير المقبول علی حماس بعد الیوم أن تستمر في رهانها علی وساطات ومخططات «جيمي كارتر» و«توني بلير» المشبوهة، لتوقيع هدنة طويلة الأمد مع الكيان الإسرائيلي.
في المقابل حذرت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، من أن إدراج كوادر حماس علی "لائحة الإرهاب" الامريكية، يعتبر بمثابة الضوء الأخضر للکيان الإسرائيلي لملاحقة وإغتيال قيادات حماس، مضيفة أن هذه السياسة الأمريكية تهدف الی «الابتزاز السياسي والترهيب لكل من يخالف السياسات الأمريكية». كما أكدت حركة الجهاد الإسلامي أنه «ليس من حق الإدارة الأمريكية أن تعطي لنفسها الحق في تصنيف المقاومين الذين يمارسون حقهم في الدفاع المشروع عن النفس ودفع العدوان والظلم ويسعون إلى تحقيق الاستقلال وتقرير المصير الذي نصت علیه القوانين الدولية».
وياتي هذا الضوء الاخضر من قبل أمريكا والذي يسمح للكيان الإسرائيلي بتصفية قيادات المقاومة من الطراز الأول، وفق اعتقاد بعض المحللين، لارضاء الكيان الإسرائيلي فيما يخص توصل مجموعة دول "5+1" مع إيران، الی إتفاق تاريخي، ينهي الخلاف بين إيران وهذه الجهات، دون استخدام الطرق العسكرية ضد طهران، بعدما بذلت تل أبيب والرياض جهوداً جبارة لتوريط واشنطن في حرب عسكرية ضد إيران.
هذا التعاون الأمني الواسع من قبل أمريكا مع الكيان الإسرائيلي من المفترض أن يجعل حماس تنظر بمنتهی الريبة تجاه أي تهدئة مع الكيان، الذي لم يتوان حتی لحظة واحدة عن تنفيذ مخططاته لاغتيال القيادات من الصف الأول في حماس، كما حدث قبل هذا لكل من الشهداء، الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وأحمد الجعبري ومحمود المبحوح وسعيد صيام والعشرات من الشهداء الآخرين الذين تمت تصفيتهم عبر الإغتيالات الإسرائيلية. وفي هذا السياق يجب أن لا ننسی التقاعس الدولي تجاه الإغتيالات التي نفذها الكيان الإسرائيلي ضد كوادر حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث أن هذا التقاعس من قبل المجتمع الدولي أدی الی زيادة الصلف الأمريكي والإسرائلي، حيث أننا نشهد الیوم، تصنيف مجموعة جديدة من المواطنين الفلسطينيين واللبنانيين، علی قائمة وزارة الخارجية الأمريكية المسماة بقائمة الإرهاب.
إذن بعد أن كشرت أمريكا مرة اخری عن أنيابها المتعطشة لسفك دماء المقاومين الفلسطينيين واللبنانيين من خلال وضع أربعة من ألمع أسماء المقاومين علی لائحتها الموسومة بلائحة الإرهاب، لم يبق أمام حماس، طريق سوی الخروج من فنادق الدوحة والعودة الی مقراتها العسكرية في دمشق باعتبارها الخط الأمامي لمواجهة الكيان الإسرائيلي.