الوقت- لم تظهر أي بوادر حقيقية لإنهاء الأزمة الخليجية حتى اللحظة وهناك عناد منقطع النظير من قبل دول حصار قطر للحيلولة دون حل هذه الأزمة على الرغم من ان قطر تقول انها منفتحة في اي وقت لحل الازمة ومؤخرا دعت قطر دول الحصار لحضور مراسم توقيع اتفاق السلام بالدوحة بين حركة طالبان الأفغانية والولايات المتحدة الأمريكية، لكنها لم تتلق أي رد على دعواتها، وتبقى هذه الازمة مفتوحة على جميع الاحتمالات إلى حين حصول حدث سياسي ما يغير الموازين في المستقبل.
آخر تعليقات قطر على المصالحة الخليجية
أفاد وزير خارجية قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بأن المحادثات التي استهدفت إنهاء الأزمة الخليجية الممتدة منذ نحو ثلاث سنوات لم تشهد تحقيق أي انفراجة، مؤكداً أن بلاده لم تتلقَّ بعد أي تفسير لتعليق المحادثات التي كانت جارية.
وأكد وزير الدبلوماسية القطرية، في تصريحات لقناة "الجزيرة" الإخبارية، السبت (29 فبراير)، أنه لم يحدث أي اختراق لحل الأزمة الخليجية.
وقال "آل ثاني": "كنا نتمنى حلاً للأزمة الخليجية، لكن لم يكن هناك أي نجاح لجهود الحل... ما زلنا منفتحين على أن تكون هناك حلول إيجابية قائمة على احترام سيادة الدول".
وفي إطار متصل، قال وزير الخارجية القطري إن قطر لم تتلق أي رد على دعواتها التي أُرسِلَت لدول الحصار لحضور مراسم توقيع اتفاق السلام بالدوحة بين حركة طالبان الأفغانية والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك على الرغم من انهيار محادثات في يناير تهدف إلى حل الأزمة الخليجية.
وأكد الوزير القطري، في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس"، الأحد (1 مارس)، أن بلاده لم تتلقَّ بعدُ أي تفسير لتعليق المحادثات التي كانت جارية.
وأضاف: "لا يوجد سبب واضح لتعليقها. كان الأمر مفاجئاً جداً بالنسبة إلينا، وأيضاً نظراً للتوقيت في ظل كل ما يحدث في المنطقة. كنا نعتقد أن هذا هو الوقت الذي ينبغي أن يتوحد فيه الجميع نحو هدف واحد في ظل هذا الاضطراب الذي يحدث في العراق وإيران، وغيرهما. لكن للأسف، هذا الأمر لم يحدث".
إن استمرار المقاطعة له أسباب كثيرة تتعلق بتعارض السياسات المختلفة للدول المتنازعة، ويبدو أن الطرفين يرى أن لديه نقاط قوة تمنعه من التنازل للطرف المقابل، ولطالما "لعبة شد الحبل" بينهم لا تزال متوازنة فيما بينهم سيستمر الصراع حتى تتغير بعض المعادلات الخارجية التي من شأنها ايجاد حلول لهذه الأزمة التي هزت البيت الخليجي وسيكون لها آثار كبيرة على مستقبل دول مجلس التعاون الخليج الفارسي.
ما هي نقاط الخلاف الاساسية؟
أولاً: دول الحصار والمتمثلة بالسعودية والإمارات والبحرين ومصر، قطعت العلاقات السياسية والتجارية وروابط المواصلات مع قطر في منتصف 2017، واتهمت حينها دول الحصار قطر بالتدخل بشؤونها الداخلية، وطالبتها بتغيير سياستها وايقاف بث قناة "الجزيرة" ومطالب اخرى، بالاضافة إلى توجيه تهمة دعم الارهاب لها هذا ما تنفيه قطر جملة وتفصيلا وتقول إن الحظر الذي فرضته الدول العربية يهدف إلى النيل من سيادتها.
الوضع القائم لايزال على ما هو عليه ولا تزال هذه الاتهامات قائمة حتى اللحظة، ورغم جميع المحاولات التي قامت بها الامارات والسعودية لثني قطر عن مواقفها واجبارها على الرضوخ لإرادة آل سعود إلا ان جميع المحاولات باءت بالفشل.
ثانياً: هناك شرخ كبير في الرؤى السياسية لدول الحصار من جهة وقطر من جهة أخرى، حيث كانت دول الحصار تميل إلى دعم الانظمة العربية القديمة ومنع تمدد الثورات العربية إلى دولها، خوفا من اي انقلاب قد يحصل على الأسر الحاكمة، لكن قطر دعمت هذه الثورات وهذا ما اعتبرته دول الحصار خطا أحمر.
الأمر الثاني أن هناك نزاع قوي جدا فيما بينهم في ليبيا، حيث تعاني ليبيا من حالة فوضى منذ الإطاحة بالزعيم السابق معمر القذافي وقتله في عام 2011. واتهم خليفة حفتر، القائد العسكري الليبي الذي تدعمه مصر والإمارات، قطر بدعم "الجماعات الإرهابية"، بينما تحالف حفتر مع الحكومة التي تتخذ من مدينة طبرق الشرقية مقرا لها، تدعم قطر حكومة منافسة تتخذ من طرابلس مقرا لها.
وتميزت قطر بعلاقات جيدة بنظام أردوغان في تركيا، بينما وجهت اتهامات تركية للإمارات بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل، وظهرت قوة العلاقات التركية القطرية، في نشر قوات عسكرية تركية في قطر بمجرد اندلاع الأزمة الخليجية، كما اتهمت دول الخليجية قطر بأنها على علاقات ممتازة بإيران، وطالبتها بتقليص تلك العلاقات.
الأمر الثالث: هناك اتهامات موجهة لقطر بدعم "الاخوان المسلمين" واحتوائهم على اراضيها، وحول هذا الموضوع قال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن بلاده "لا تقيم علاقة مع الأحزاب أو الكتل السياسية، وإنما مع الدول وحكوماتها الشرعية"، وإنه "إذا حدث وفاز حزب الإخوان المسلمين ووصل بالانتخابات ووصل للسلطة بقرار من الشعب، فإن قطر لا يمكنها تجاهل التعامل معه، لأن قيادة الدولة تتبع لحزب معين"، وأشار إلى "عدم وجود حزب للإخوان المسلمين في قطر أو حتى أي حزب سياسي آخر"، وذلك ضمن احديث اجراه مع قناة الجزيرة في 16 كانون الاول الماضي.
ولايختصر الخلاف في السياسة الخارجية على موضوع دعم "الاخوان المسلمين"، اذ تريد السعودية من قطر ان تغير من طبيعة تحالفاتها مع الدول الاقليمية وهنا نقصد "ايران وتركيا"، اذ ان هناك صراع اقليمي بين المملكة وكل من طهران وانقرة، إلا أن الدوحة لم تبدي اي استعداد لقطع علاقتها مع هاتين الدولتين اللتين كانتا مفتاح الحلول لقطر عندما تم حصارها برا وبحرا وجوا، وحتى لو استغنت قطر عن هؤلاء الحلفاء ما هو الضمان بأن الرياض لن تقدم على اي عمل آخر.
ثالثاً: هناك غضب عارم لدى آل سعود من نجاح قطر في تخطي الحصار وعدم فشلها في أي ملف خارجي، بل على العكس تحسنت مكانتها الدولية عاما بعد عام بينما تراجعت مكانة آل سعود، لاسيما بعد جريمة مقتل خاشقجي والغرق في وحل اليمن، اما قطر التي تبني علاقات ممتازة مع دول اقليمية كبرى وأقطاب عالمية، تمكنت من تعميق هذه العلاقات وها هي تمضي نحو استقبال مراسم كأس العالم في الدورة المقبلة وفي حال استمر الحصار الى ذلك الحين وتمكنت قطر من انجاح هذه المناسبة ستكون صفعة قوية لدول الحصار وستعزز قطر في المقابل مكانتها الدولية والعالمية.