الوقت- ضج العالم نهار الجمعة بخبر الخسارة الفادحة التي مُني بها ما يسمى بالتحالف العربي والتي تعتبر اسوأ انتكاسة يتعرض لها الحلف منذ بدء الحملة العسكرية على اليمن اول مارس الماضي. بحيث أكدت المصادر سقوط اكثر من 60 جندي قتلى بينهم 45 جندياً اماراتياً و10 سعوديون اضافةً الى 5 بحرينيين جراء الهجوم الصاروخي الذي نفذه الجيش واللجان الشعبية على قاعدة صافر في محافظة مأرب شرق صنعاء.
فکيف كانت ردود الفعل في الدول المشاركة في الحرب على صعيد حكوماتها وشعوبها؟
في الجانب الأول نرى الحماسة في الشارع اليمني حيث يؤكد أغلب اليمنيين بأن ما حدث لازال بدايات فقط لما سيلحق بالمعتدين من ويلات ومحن في المستقبل جراء اعتدائهم على اليمنيين وقتل النساء والاطفال.
هذا وقال الناشط السياسي امين حجر في تصريح لقناة العالم إن ما حدث هو مجرد اشارة بسيطة من الرسالة التي ترسلها القوى المقاومة للعالم وتقضي على أنظمة الهيمنة ولن تسمح لها بتنفيذ مشاريعها في المنطقة، وأكد ان الرسالة وصلت الى العدو الذي يرتكب جرائم حرب والذي يعتقد انه تحقق له تكافؤ.
ومع أن ردة الفعل الأولية السعودية كانت هستيرية بحيث قامت قوى التحالف بتكثيف غاراتها على المناطق المدنية في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق اخرى واستهداف عشوائي للمنشآت العامة كالادارة العامة للمرور ومنازل سكنية ومطاعم واسواق خلفت ثلاثة شهداء وعدداً من الجرحى إلا أن اليمنيين أكدوا ثباتهم وعزيمتهم التي لن تنثني على صد العدوان والصمود في أرضهم فلا تكثيف القصف ولا كثرة الشهداء ستدفعهم الى التراجع عن حقهم في البقاء في أرضهم والدفاع عنها بكل السبل.
في حين نرى في الجانب الآخر تداعيات مهمة على دول وشعوب التحالف كان أكثرها وقعاً على الامارات التي تكبدت أكبر الخسائر في هذا الهجوم وإذ أكدت حكومات هذه الدول على المضي قدماً صفا واحدا في اعتدائها على اليمن فقالت على لسان المتحدث باسم قوات العدوان السعودي العميد أحمد عسيري "هذا العمل لن يثني قوات التحالف عن مهمتها بل سيكون حافزاً للمضي قدما وفاءً لأرواح الشهداء" وأكد هذا الكلام أيضاً معظم شيوخها وحكامها عبر بيانات عبّرت عن الإستمرارية في العدوان دون أن تأبه لرأي شعوبها الذين يتحملون وزر هذه الحرب العبثية التي لن تؤدي الا الى القتل والتدمير وزيادة الحقد بين الشعوب الشقيقة المتجاورة.
إلا أن الواقع الشعبي يؤكد على تراجع وضعف في النفوس اذ بدأت شعوب دول التحالف بإعلاء الصوت عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحيث تزايدت الدعوات للعدول عن الإستمرارية في هذه الحرب السعودية والتي لا مصلحة لأهل الامارات ولا لغيرهم من الدول العربية فيها وعبرت هذه الشعوب عن التخوف من الاستمرار في الحرب خصوصا انه قد تبين أن أنصارالله والجيش قادرون على صد العدوان والحاق خسائر فادحة في جيوش دول التحالف. وبدأت الصورة الفعلية للخطأ الذي ارتكبه السعوديون في اشعال فتيل الحرب مع اليمنيين وتوريطهم للأطراف الخليجية الأخرى كالامارات وغيرها من الدول بالوضوح داخل الشارع العربي المضلل اعلامياً.
ففي الامارات على وجه خاص ولأن معظم جنود التحالف الذين سقطوا ينتمون اليها كان وقع هذه الضربة المدوية قوياً وذلك من صور الصدمة على وجوه الجنود الاماراتيين بعد سماع خبر مقتل العشرات من زملائهم و ما زاد على الصدمة مشهد وصول جثث القتلى غير المسبوق فجاءت ردود الفعل الاماراتية داعيةً الى سحب الجنود الاماراتيين من اليمن فوراً.
وقد نقلت مواقع إلكترونية عديدة عن مصادر إماراتية أنه وسط تكتم إعلامي خرج مواطنون إماراتيون بمسيرة كبيرة تندد بإرسال أولادهم إلى ما وصفوها بـ"الحرب العبثية" في اليمن.
وقد نشر موقع الامارات 71 مقالاً عبر فيه عن حالة الذهول التي يتعرض لها الاماراتيون واصفاً المشهد "بالجمعة المأساوية" وهذا الاصطلاح كناية عن الصدمة والحزن الذي خيم على الشعب الإماراتي في حالة نادرة اذ لم يسبق له أن تعرض لمثل هذه "الضربة المؤلمة" من قبل.
كما أضاف الموقع قائلاً "للشعب الإماراتي مطالب محددة لا بد من الاستجابة لها كما يشدد الناشطون. فالحالة الأمنية بالداخل مستتبة ولا عدو خارجي أو تهديد مباشر لأمن البلد، وعليه فلا حاجة للإماراتيين بحرب اليمن التي بدأت تتحول رويدا رويدا إلى "فيتنام" الإمارات. الإماراتيون يطالبون بسحب قواتنا المسلحة في اليمن على الفور من جميع المدن والقرى والمديريات ومن جميع المهام والمسؤوليات."
وتابع الموقع أنه "إذا كان يكتفي الإماراتيون اليوم بالدعوة لسحب قواتنا من هناك، فإن الإصرار على بقائهم سيؤدي في مرات قادمة للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحرب في اليمن" مؤكداً أن "قراراً واحداً ينتظره الإماراتيون لا غيره، وسواه بلا قيمة وهو وقف إرسال أبنائهم إلى مناطق الصراع والحروب إلى جانب تقديم رواية كاملة وصحيحة حول فاجعة اليوم للرأي العام".
ونحن أيضاً نضم صوتنا إلى التغريدات والمشاركات الغاضبة التي كثرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي فضحت تكتم السلطات ومؤسسات الدولة وحكامها وشيوخها ومسؤوليها عن تقديم رواية كاملة وصحيحة حول هذه الفاجعة كما ودعت الى المسارعة بالانسحاب الكامل من اليمن والضغط على السعوديين لايقاف هذه الحرب مع شعب اليمن الجار واستبدال الدموية وأساليب القتل بالحلول السياسية والحوار السلمي.
إن كل الأطراف اللاعبة سياسياً في الشرق الأوسط تعتبر أن هذه الخسارة كانت اختباراً أولياً لحكام السعودية والامارات بشأن مدى استعدادهم لتوسيع حملتهم وتكبد خسائر حتمية أخرى وإن كانت هذه الدول احتوت ردود الفعل الشعبية هذه المرة فهل هي قادرة على ذلك فيما سيأتي "قريباً"؟