الوقت - لا تزال التوترات بين تركيا وسوريا في شمال غرب البلاد أي في منطقة ادلب الحساسة هي القضية السياسية والدفاعية الأكثر سخونة في الأوساط الإعلامية والمحافل السياسية في تركيا. حيث يبدو أنه في حكومة أردوغان وكذلك مراكز فكر حزب العدالة والتنمية ووسائل الإعلام التابعة لهذا الحزب، لا يوجد إجماع كامل بشأن القرار التركي النهائي حول ادلب.
يعتقد بعض مستشاري أردوغان أن الحل الوحيد للعبور من الأزمة في إدلب هو دعوة أمريكا. لكن مجموعة أخرى تعتقد أن تركيا يجب أن تعتمد فقط على قوتها في هذا الشأن.
عندما لا تفكر أنقرة مثل موسكو وطهران
ان أحد أهم الجوانب الدفاعية والأمنية الحساسة في قضية إدلب هو أن تركيا قد بقيت وحدها في هذه الساحة واعتمدت نهجاً يتناقض تماماً مع قرارات ورؤى شريكيها في عملية أستانة أي إيران وروسيا. لأن طهران وموسكو تعتقدان بأن فرض السيادة السياسية الكاملة للحكومة المركزية السورية على الشمال الغربي من البلاد ممكنة وميسرة في ظل ظروف تخرج إدلب فيها بالكامل من قبضة الارهابيين والقوى المتطرفة وتسقط بيد قوات الجيش السوري.
لكن تركيا تعتقد أن قضية إدلب معقدة للغاية ولا يمكن حلها عن طريق هجوم الجيش السوري ويجب أن تبقى هذه المشكلة دون حل في الوقت الحالي.
وفي هذا السياق حدد الرئيس التركي في خطوة غريبة مهلة وحذر حكومة الأسد من أنها يجب أن تعود إلى حدود اتفاق سوتشي بحلول نهاية هذا الشهر وأن تتوقف عن ممارسة السيادة على إدلب. إن هذا الطلب الذي قدمه الرئيس التركي من وجهة نظر القانون والعلاقات الدولية هو الطلب الأكثر غرابة من نوعه في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بالأزمة السورية.
مخاطر دعوة أمريكا
لدى البروفيسور برهان الدين توران وهو مستشار للرئيس التركي وعضو رئيسي في الدائرة الاستشارية للأمن القومي لأردوغان ، نظرية بشأن إدلب والتي اثارت الجدل بين أوساط اليمن واليسار في تركيا.
وبشأن تسوية الخلاف في ادلب، كتب توران الذي يرأس مركز سيتا لدراسات الشرق الأوسط ، في صحيفة "صباح" أن على تركيا كعضو في حلف الناتو أن تحث الولايات المتحدة الامريكية على التحرك وتغيير التوازن.
يأتي اقتراح توران في الوقت الذي عبّر فيه بعض نواب حزب العدالة والتنمية والصحفيين التابعين لغرفة أردوغان الرئاسية، عن الانزعاج من هذا الاقتراح بشدة ويعتقدون أن دعوة الولايات المتحدة الامريكية للتواجد العسكري في إدلب تعني أن تركيا ألقت بنفسها دفعة واحدة في احضان الولايات المتحدة الامريكية وغضت النظر عن استقلالها السياسي والعسكري.
وقارن محلل في صحيفة يني شفق و الذي كان رئيس تحرير الصحيفة و يرافق أردوغان في الجولات الخارجية ، هذا الاقتراح بأفعال ووجهات نظر جماعة فتح الله غولن ، ويعتقد أن تقديم مثل هذه الأفكار يعني محاولة لإبعاد تركيا عن روسيا وضرب العلاقات بين أنقرة وموسكو.
رئيس تحرير يني شفق ، شبّه هذا الحادث بإسقاط مقاتلة روسية من قبل ميليشيا تابعة لغولن ، وقال إنه لا ينبغي توقع مساعدة الأجانب في هذا الشأن وأن أنقرة يجب أن تعتمد فقط على قوتها العسكرية.
ماذا تقول الحكومة؟
أجرى الوفد العسكري التركي لليوم الثاني على التوالي في موسكو، محادثات مع المسؤولين السياسيين والعسكريين الروس حول إدلب. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، في مؤتمر صحفي الليلة الماضية إن هذه المحادثات لم تتوصل الى نتيجة بعد. كما أكد كالين على أن الحل الوحيد للعبور من المأزق الحالي في إدلب هو إعادة قوات الأسد إلى الخطوط المشار إليها سابقاً في اطار اتفاقية سوتشي.
اقتراح لافروف الذكي
يأتي طلب أردوغان غير المقبول بإعادة القوات التابعة للحكومة السورية إلى حدود اتفاق سوتشي ، في وقت قدم فيه الدبلوماسي المحنك ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اقتراحاً آخر لا يختلف كثيراً عن اتجاهات موسكو السابقة ، ولكن في الوقت نفسه. يحوي على فرصة جديدة لأنقرة. حيث يقول لافروف: "الحل الوحيد هو فصل الإرهابيين عن المعارضة المعتدلة".
يذكرنا اقتراح لافروف بتوقعات إيران وروسيا من تركيا لتحديد مصير هيئة تحرير الشام وغيرها من الجماعات التي تتخذ من إدلب مقراً لها.
التشجيع من القوميين والرفض من المعارضة
دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية و ميرال أكشنار زعيمة حزب "الخير" ومصطفى دستيجي زعيم حزب الوحدة الكبرى ، هم من القادة الذين يشجعون أردوغان على استخدام القوة العسكرية في إدلب. لكن زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كليجدار أوغلو يعتقد أن على تركيا البحث عن طريق للخروج من إدلب.