الوقت- دفعت المفاجأة المثيرة للجدل والمدهشة لاستضافة الكويت الرسمية لرئيس إحدى الجماعات المعارضة والانفصالية والإرهابية الأكثر شهرة في ايران، طهران إلى استدعاء القائم بأعمال السفارة الكويتية إلى وزارة الخارجية يوم السبت الماضي للاحتجاج على هذا العمل المعادي والتدخلي ولإبلاغ الحكام الكويتيين بذلك.
حيث استقبل رئيس مجلس الأمة (البرلمان) في الكويت مرزوق الغانم يوم السبت الفائت حكيم الكعبي، وهو عضو وممثل ما يسمى "مؤتمر تحرير الأهواز" المجموعة المعادية لإيران وقام بتقليده درع مجلس الكويت.
سياسة استهداف الذات
كانت العلاقات الإيرانية الكويتية علاقة تاريخية طويلة الأمد تم اعتمادها رسمياً من خلال إنشاء سفارة البلدين في عام 1960. وبعد الثورة الإسلامية، على الرغم من التذبذبات في العلاقات الايرانية الكويتية عقب تأييد الكويت لهجوم صدام على إيران، ولكن بعد معارضة طهران لاحتلال الكويت من قبل العراق، تحسنت العلاقات بين البلدين وعززت صيغة التعاون بينهما. حيث أدانت ايران بشدة إجراءات "صدام حسين" وحزب البعث العراقي لاحتلال الكويت عام 1990 من مبدأ حسن الجوار, وقامت ايران بفتح حدودها لتسهيل دخول المواطنين الكويتيين اليها ورفضت مطالب صدام بهذا الخصوص.
وان العلاقات الودية بين الطرفين مازالت سائدة، على الرغم من التأثير السلبي الذي لا يمكن إنكاره للتطورات الإقليمية على علاقات طهران ومجلس التعاون الخليج الفارسي، وخاصة السعودية. وكمثال على ذلك دعم الكويت الحل السلمي للقضية النووية الإيرانية، بالإضافة الى دعم الكويت الحكومة الشيعية العراقية ومعارضة التدخل العسكري في سوريا. ومن ناحية أخرى، لم تتبع الكويت في عهد الشيخ صباح أحمد الصباح، الذي تولى دفة حكم هذه الامارة الثرية في الخليج الفارسي منذ عام 2006 ، سياسات السعودية بشأن القضايا اليمنية والقطرية من خلال تقديم نفسها كشخصية معتدلة ونائية بنفسها في المنطقة. الأمر الذي أدى إلى رفض الكويت إغلاق سفارتها في طهران حتى بعد قرار الرياض بقطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران عام 1994 ، على الرغم من الضغوط السعودية القوية.
ومن جانبها تعتبر ايران الكويت بأنها جهة فاعلة بناءة وتشاركية في الشؤون الإقليمية والدولية، وتتطلع إلى تعاون الكويت ووساطتها لدعم المشاريع المتعلقة بأمن الخليج الفارسي.
ولكن في الظروف الحالية وبعد أن اقتربت إيران من قطر وسلطنة عمان كأعضاء آخرين في مجلس التعاون الخليجي ما أفسح المجال لتهميش وجهات النظر المثيرة للجدل والمزعزعة للاستقرار في القطب الآخر للمجلس، بما في ذلك الرياض وأبو ظبي والمنامة. وبالنظر إلى أن هذه الآراء تشكل أيضًا تهديدًا للمصالح الكويتية في الخليج الفارسي - فإن الخطوة الأخيرة التي اتخذها رئيس البرلمان الكويتي ضد إيران كانت في الواقع لصالح المركز المتطرف لمجلس التعاون وضربة للسياسة الإقليمية والخارجية الكويتية.
ويجب ألّا ننسى أن الخصائص الجغرافية السياسية مثل المساحة المنخفضة، والافتقار إلى العمق الاستراتيجي، واستحالة إيجاد بديل لتصدير النفط غير مضيق هرمز هي الأسباب الرئيسة لعدم رغبة الكويت في خلق التوتر في الخليج الفارسي.
الجراحة الخاطئة تحت مبضع الرأي العام
من جهة أخرى، وبالنظر إلى أن زمرة الأهوازية الارهابیة، التي تتلقى أموالها وأسلحتها وحملاتها الدعائية من قبل السعوديين والصهاينة. قد كرهها العامة كثيراً بسبب أعمالهم وتبنيهم لمختلف الهجمات الإرهابية ضد المدنيين والمجندين العاديين حتى في مناطق العرب داخل ايران. فإن استضافة الكويت لزعيم هذه الزمرة والاحتفال به سوف يدمر العلاقات الودية بين البلدين. ويمكن أن يعزى ذلك إلى ردود الفعل السلبية التي حدثت بين الناشطين السياسيين والإعلاميين والمواطنين الكويتيين العاديين.
حيث كتب النائب البرلماني الكويتي خليل عبد الله ابل في صفحته على تويتر: ان استقبال وفد ما يسمى مؤتمر تحرير "الاحواز" وتكريم حركتهم من قبل رئيس مجلس الأمة أمر في غاية الخطورة سياسياً، فليس من المصلحة وغير مقبول اتخاذ موقف رسمي داعم لحركة مسلحة ضد دولة جارة تربطها بالكويت مصالح مشتركة!".
وقال " فليس من المصلحة وغير مقبول اتخاذ موقف رسمي داعم لحركة مسلحة ضد دولة جارة تربطها بالكويت مصالح مشتركة!".
وفي هذا السياق كتب نائب البرلمان الكويتي السابق عبد الحميد عباس دشتي في تغريدة له على موقع تويتر: "أليس هذا عملاً عدائيًا ضد دولة جارة صديقة؟ أم العمل العدائي ينطبق على تغريدات وآراء "دشتي" فقط و لا ينطبق على افعال رجل السعودية الأول في الكويت؟"
وبسبب الانتقادات المتزايدة لهذه الخطوة يفكر المسؤولون الكويتيون الآن في التعويض عما فات ويريدون اظهار عمل رئيس البرلمان المعادي لإيران موقفا شخصيًا ليس له جوانب سياسية. وفي هذا الصدد ، ادعى البرلماني الكويتي عبد الله فهاد، في مقابلة مع صحيفة "القبس" الكويتية ، أنه خلال لقاء مرزوق الغانم بممثل زمرة الاهوازية، لم يتم مناقشة أي قضايا متعلقة بإيران. وانهم بحثوا في الاجتماع موضوع أطروحة ماجستير للكعبي حول "الديمقراطية في الكويت".
وعلى الرغم من اعتذار السلطات الكويتية لمثل هذا الاجتماع، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تزال تشعر بالقلق إزاء هذه القضية ويتوقع أن تعلن السلطات الكويتية الزمرة المعارضة كزمرة إرهابية كاجراء عملي بالإضافة الى الاعتذار الرسمي.