الوقت- بذل ولي العهد السعودي الامير "محمد بن سلمان" الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية لتنفيذ العديد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية بهدف تغيير صورة بلاده العنيفة وخفض الانتقادات الدولية عليها وقبل عدة أيام أعلنت هيئة الترفية السعودية بأن المملكة أصبحت مستعدة للاحتفال بعيد ميلاد المسيح "رأس السنة الميلادية" وحول هذا السياق، ذكرت العديد من المصادر الاخبارية بأنه لأول مرة في التاريخ السعودي، تخطط الحكومة السعودية إقامة احتفالية لليلة رأس السنة الميلادية في منطقة "ملهم" الواقعة شمال العاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء القادم، وسيشمل هذا الاحتفال اطلاق الألعاب النارية واقامة العديد من الحفلات الموسيقية، إلى جانب أنشطة أخرى وهذه الخطوة أثارت غضب الكثير من أبناء الشعب السعودي المحافظ.
الاحتفال بعيد ميلاد المسيح في أعقاب إصلاحات "ابن سلمان"
إن الاحتفال بعيد رأس السنة الميلادية "عيد ميلاد المسيح" يعتبر امتداداً لسلسلة الإصلاحات التي أعلن عنها ولي العهد السعودي قبل عدة أشهر. يذكر أن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" بدأ مؤخرًا في تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في عدد من المدن السعودية وذلك وفقا لرؤية 2030 التي أعلن عنها قبل عدة أشهر. وفي هذا السياق، يرى العديد من الخبراء بأن الإسراع في تنفيذ هذه الإصلاحات الاجتماعية، وعدم توافق هذه الإصلاحات مع الهيكل الاجتماعي المحافظ للسعودية، فضلاً عن الطبيعة غير الواقعية وغير الحقيقية لهذه الإصلاحات، قد جعل رؤية "ابن سلمان" الجديدة استعراضية وغير واقعية.
في الواقع، إن الإصلاحات الاجتماعية الغريبة على المجتمع السعودي التي قام بتنفيذها ولي العهد السعودي خلال الفترة القليلة الماضية، مثل إعادة فتح دور السينما والحفلات الموسيقية وإعطاء تراخيص للنساء لقيادة السيارات وإلغاء وصاية الرجال عليهن، قد تساعد هذا الأمير على خلق وجه عالمي جيد للسعودية بالإضافة إلى كسب أصوات الشبان المحليين الذين أصبحوا سعداء بهذه الإصلاحات المنفتحة، ومع ذلك، فإن العديد من الخبراء يشككون في متانة هذه الإصلاحات وهذه التدابير ويرون بأنها سوف تنهار في المستقبل القريب.
سجل "ابن سلمان" المخزي لقمع حقوق الإنسان بالتزامن مع قيامه بالكثير من الإصلاحات الوهمية
على الرغم من أن ولي العهد السعودي قام خلال الفترة الماضية بالعديد مما يسميه إصلاحات اجتماعية بهدف تغيير صورة بلاده العنيفة وخفض الانتقادات الدولية عليها، إلا أن الحقيقة هي أنه على الرغم من قيامه بكل هذه الإصلاحات، لا تزال الحكومة السعودية تقوم بالكثير من الإجراءات المناهضة لقضايا حقوق الإنسان في البلاد. وفي وقتنا الحالي وبالتزامن مع اعلان هيئة الترفية السعودية بأنها سوف تحتفل بعيد ميلاد المسيح "رأس السنة الميلادية" يوم الثلاثاء القادم، انتشرت الكثير من الاخبار التي تفيد بأن الحكومة السعودية تنوي خلال الايام القليلة القادمة اعدام رجل الدين السعودي البارز "سلمان العودة" الذي يعد من أبرز الناشطين الدينيين والسياسيين في السعودية. يذكر أن السلطات السعودية القت القبض على الشيخ "سلمان العودة" قبل عامين واخفته في جهة مجهولة وبعد مرور عامين على احتجازه، كشفت العديد من الصحف ووسائل الاعلام السعودية، بأن نظام آل سعود أصدر حكم الاعدام على هذا الشيخ بعدما لفق له العديد من التهم الباطلة والمفبركة.
الجدير بالذكر أن الشيخ "سلمان العودة" لم يتخيل يوماً أن تعليقاته في موقع التواصل الاجتماعي تويتر حول الأزمة الحاصلة في منطقة الخليج الفارسي، سوف توصله إلى حبل الاعدام. يذكر أن السلطات السعودية قامت خلال السنوات الماضية بالقبض على عدد من كبار الدعاة والمفكرين السعوديين بناءً على طلب الأمير السعودي "محمد بن سلمان". إن قضية الشيخ "سلمان العودة" ليست القضية الوحيدة المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان في السعودية، بل إن النظام السعودي له تاريخ أسود وسجل طويل في قضايا تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان الأساسية في السعودية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من التقارير بأنه في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت منظمتان لحقوق الإنسان في اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في "جنيف" عن قلقهما بشأن عمليات الإعدام السياسية والتعذيب في السعودية وتحدثتا عن فشل الرياض في الوفاء بالتزاماتها في هذا الصدد. ووفقًا لهاتين المنظمتين، قامت الحكومة السعودية في أبريل 2018، باعدام 37 رجلاً بتهمة ارتكاب جرائم إرهابية، وأيضا قامت باعدام رجل معاق أسمه "منير الآدم"، وأب لأربعة أطفال، يدعى "عباس الحسن"، بتهمة "التجسس" و "نشر المذهب الشيعي في السعودية". كما تم إعدام "مجتبى السويكت" و"سلمان القريشي" و"عبد الكريم الحواج" الذين كانوا قاصرين وقت ارتكابهم لجرائم وقبل تنفيذ حكم الاعدام في حق هؤلاء الاشخاص تعرضوا ومعهم كثيرون آخرون للتعذيب وحُرموا من الاتصال بمحامٍ وأجبروا على الاعتراف تحت التعذيب.
إلى متى سوف تصمد إصلاحات "ابن سلمان"؟
وفقًا للعديد من الخبراء، لا يمكن أن يكون لإصلاحات "ابن سلمان" آثار حقيقية على المدى الطويل، وذلك لأن الإصلاحات الاجتماعية يجب تنفيذها بعد القيام بدارسة لاحتياجات المجتمع السعودي وهو الامر الذي لم يقم به "ابن سلمان"، كما أن تلك الإصلاحات ينبغي أن تكون قائمة ومبنية على أساس ثقافة وهوية المجتمع السعودي وليس الغربي. وفي ظل مثل هذه الظروف، يبدو أن فشل السياسة الخارجية لولي العهد السعودي، إلى جانب فشله في حل العديد من الأزمات المحلية مثل أزمة الإسكان والتوظيف، تعتبر من أهم الأسباب التي جعلت ولي العهد السعودي يسارع إلى اتخاذ وتنفيذ مثل هذه التدابير الإصلاحية الاجتماعية.
وحول هذا السياق، كتبت صحيفة "الغارديان" حول إصلاحات ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" وقالت: "إن ابن سلمان لم يكن ينوي القيام بأي إصلاحات اقتصادية واجتماعية على الإطلاق، وقد أثبت ذلك عندما رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارات في السعودية والذي اعتبره الكثيرون جزءاً من الإجراءات الإصلاحية، إلا أنه قام بالقبض على حوالي 11 ناشطة سعودية خلال الاشهر القليلة الماضية، ولقد تم إطلاق سراح أربع منهن فقط والباقيات لا يزلن قابعات في السجن من دون أي تهمة"، وأضافت صحيفة "الغارديان" قائله: "إن ولي العهد السعودي أكثر استبدادية من سابقيه، وذلك لأن هذا الامير الشاب قام في صيف عام 2017، بسجن 30 شخصية من الشخصيات الدينية والفكرية والمثقفة عقب احتجاجهم على بعض سياسات الاسرة السعودية الحاكمة".