الوقت- انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو يظهر فيه مثيري الشغب وهم يقومون باعدام مراهق عراقي في ساحة الوثبة ببغداد والتي اثارت ردود فعل واسعة نطاق. وبعد ان اقدم هؤلاء المندسين على ذبح هذا الشاب من عنقه، قاموا بتعليق جثته العارية والمذبوحة من فوق احدى أبراج الاضاءة في ساحة الوثبة. وكان المشهد المريع لإعدام الشاب البالغ من العمر 16 عامًا كافيًا لإثارة ردود فعل غاضبة داخلية وخارجية. ردود الفعل التي شددت اكثرها على ضرورة السيطرة على العنف وكذلك تمييز المتظاهرين الحقيقيين عن مثيري الشغب والمندسين.
ردود الفعل الداخلية على حادثة الوثبة
قوبلت الحادثة المؤسفة بإعدام المراهق البالغ من العمر 16 عامًا برد فعل قوي من القوى والساسة العراقيين. وفي هذا السياق، اصدر رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته عادل عبد المهدي بيانا حول مقتل وتعليق المراهق الشاب في ساحة الوثبة في بغداد. وجاء في البيان: "أن حادث الوثبة الإجرامي يؤكد وجود مجموعات منظمة تمارس القتل والترويع وتعطيل الدولة تحت غطاء التظاهر والتي حذرنا منها من قبل. وأضاف عبد المهدي: "كنا نُتهم في أي خطوة نتخذها لحماية الأمن العام وبات ضروري الآن إن تُعيد الأجهزة الأمنية حمل أسلحتها وحماية ساحات التظاهر وإعادة هيبة الدولة، ولا مناص في منع أي تشكيل سياسي في فرض وجوده للسيطرة على ساحات التظاهر وتصفية حساباته مع القوى السياسية ومسؤولية حماية المتظاهرين فقط مخولة فيها الأجهزة الأمنية الرسمية وأثبتت بعض المجموعات أنها تريد إبعاد وإنهاء تلك الأجهزة كي تأخذ دورها في ساحات التظاهر وتمارس مخططها المعروف."
وبالإضافة إلى عبد المهدي، أعلن عبد الكريم خلف، المتحدث باسم قيادة القوات المسلحة العراقية، أن الشاب الذي شنق في ساحة الوثبة كان اسمه هيثم علي إسماعيل. "وتابع: ان المجني عليه شاب لم يتجاوز الـ17 عاما وانه كان ومنذ خمسة ايام يطلب من المتظاهرين المتجمعين امام منزله الابتعاد عن داره، الا إنهم رفضوا ذلك، فدخل معهم في مشادة كلامية سرعان ما تحولت الى شجار وتراشق بالكلام". واضاف خلف "بعدها قام بعض الاشخاص برمي قذائف المولوتوف على منزله وكان يحمل مسدساً وأطلق عدداً من العيارات النارية فوق الرأس فاقتحموا منزله وقتلوه وسحلوه وعلقوه على احد الاعمدة".
واشار خلف الى انه "تم اتخاذ اجراءات للتحقيق بملابسات الحادث وملاحقة الجناة منها اخلاء الجثة وان القضية معروضة امام قاضي التحقيق وتم تكليف مركز شرطة باب الشيخ بفتح تحقيق بالحادث"، مبينا ان "الاجهزة الامنية لديها جميع الادلة والشواهد الجرمية وان منفذي الجريمة مكشوفي الوجوه ومن السهولة ملاحقهتم ولن ينجوا احد من الجناة".
ونفى المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا، الجمعة، اقتحام منزل المجني عليه في الوثبة من قبل ’’قوة رسمية’’. وقال المحنا في مداخلة هاتفية في برنامج (وجهة نظر)، على شاشة (دجلة الفضائية)، ان "الكلام عن اقتحام منزل المجني عليه في الوثبة من قبل قوة رسمية عار عن الصحة، والحادث كان على خلفية حادثة مشاجرة بين متظاهرين وبعدها حصل اقتحام منزل الشخص وقتله". مشيرا الى ان هناك الكثير من حوادث الخطف والقتل تسجل على انها نتيجة التظاهرات، وبعد التحقيقات تكتشف بانها ’’جنائية’’. وبين العميد المحنا، ان "التحقيقات مستمرة بخصوص ما وقع في ساحة الخلاني وجسر السنك في السادس من شهر كانون الأول الحالي"، مشيرا الى ان ’’قيادة عمليات بغداد هي من تتولى ملف التحقيق بهذا الامر". وبخصوص حملة الاعتقالات والاغتيالات التي طالت عدداً من الناشطين المدنيين والمتظاهرين، قال المحنا ان "القوات الأمنية لم تنفذ أي أوامر قبض بحق المتظاهرين لانه لايوجد أي سند قانوني يتيح اعتقال المتظاهرين بل على العكس، فإن القانون ينص على حماية المتظاهرين وتأمين ساحات الاحتجاج". وتابع ان "هناك الكثير من حالات الخطف والاغتيال سجلت على انها سياسية، تخص التظاهرات وعند التحقيق تبين ان هذه الحالات هي حالات جنائية." وأضاف ان "وزير الداخلية وقبل أيام قام بتكريم عدد من المحققين الذين كشفوا أماكن وجود عدد من المختطفين، كخطوة تحفيزية على اكمال التحقيقات على اتم وجه لكشف ملابسات حوادث الاختطاف التي تحصل في عموم مناطق البلاد".
وعلى صعيد آخر، دعا زعيم تيار الحكمة الوطنية العراقية سيد عمار الحكيم إلى فرز وتشخيص "العناصر المندسة" في المظاهرات وحصر التظاهرات في مواقع محددة عقب الحادث الذي وقع في ساحة الوثبة في بغداد.
كما أصدر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الاعلى بيانًا أعلن فيه أن قاضي التحقيق الخاص بدأ تحقيقًا في جريمة قتل شاب في ساحة الوثبة ببغداد. وقال البيان ان مذكرة الاعتقال ستصدر ضد كل المتورطين في هذه الجريمة البشعة. وفي تغريدة لصالح محمد العراقي، أحد المقربين من الزعيم العراقي الصدر مقتدى الصدر، قال: إذا لم يتم تسليم الإرهابيين الذين ارتكبوا الجريمة إلى القضاء في غضون 48 ساعة، فإن عناصر القبعات الزرقاء ستنسحب من ساحة التحرير. .
وعلى الرغم من كل ردود الفعل هذه، إلا أن المتظاهرين في ساحة التحرير، ضمن تأكيدهم على أن الحادث هو مؤامرة لتشويه صورة المظاهرة اذ اعلنوا براءتهم منها، وصفوها بأنها جريمة يدينها المتظاهرون وكذلك الإنسانية والأديان وان القانون يعاقب مرتكبيها أيضا.
ردود الفعل الخارجية على حادثة الوثبة
بالإضافة إلى ردود الفعل المحلية، شهدنا أيضًا ردود فعل كبيرة خارج العراق حول هذه الكارثة الإنسانية. وامتدت تبعات هذا الحادث ايضا الى مجلس الأمن الدولي، الذي قال في بيان إن أعضاء مجلس الأمن كانوا قلقين بشأن أعمال العنف وقتل المتظاهرين العزل. كما دعا مجلس الأمن السلطات العراقية إلى التحقيق في أعمال العنف ضد المتظاهرين هناك.
وعلى صعيد آخر، أصدر رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق "اليونامي" بيانًا أدان فيه مقتل وتعليق المراهق في ميدان الوثبة في بغداد. كما دعت البعثة إلى القبض على مرتكبي الجريمة البشعة وتقديمهم إلى المحكمة. وأدانت البعثة العنف ضد المتظاهرين وتخويفهم واختطافهم.
لكن في ردة فعل آخرى، وصفت السفارة الأمريكية في بغداد، بطريقة مستفزة، مقتل المراهق العراقي في "الوثبة" بأنه حادث "مروع" ، وطالبت مجددًا من اتخاذ إجراءات ضد مثيري الشغب في الأشهر الأخيرة في العراق. وقال البيان "تدين أمريكا أعمال العنف ضد المحتجين واختطافهم. لا يمكن التسامح مع الأعمال العنيفة ضد المتظاهرين والتهديد بالاختطاف والاعتقال". في حين يعتبر العديد من المراقبين ان دور السفارة الأمريكية ووسائل الإعلام التابعة لها ساهم في تصعيد العنف في العراق.
هيثم علي إسماعيل، رمز لتمييز المتظاهرين عن المندسين
يمكن قراءة حادثة الإعدام الشنيع لهيثم علي إسماعيل البالغ من العمر 16 عامًا في ساحة الوثبة، في ظل التطورات السياسية الرئيسية في العراق من زاويتين. فمن ناحية، أظهر الحادث أن هناك قوى خفية تجر الاحتجاجات السلمية نحو العنف حيث تكمن مصالحهم في زعزعة الاستقرار والأمن في العراق. وتأتي مثل هذه الجرائم ضمن عمليات العنف المتزايد في الاحتجاجات في الشوارع العراقية، ويبدو أن ارتكاب العنف بهذه الاشكال الفظيعة قد يكون عاملاً في تطبيع القتل وسفك الدماء في المجتمع العراقي.
وعلى مستوى آخر، أظهرت هذه الجريمة أنه من خلال استغلال تظاهرات المواطنين، يتجه البعض نحو ارتكاب أعمال الشغب والاضطرابات في المجتمع. وعلى الرغم من أن العديد من المتظاهرين هم أشخاص عاديون ولديهم مطالب مشروعة، إلا أن الواقع هو أن بعض المندسين يرغبون في مواصلة خلق جو من الاضطرابات وعدم الاستقرار.