الوقت- أعلن صباح يوم أمس الأحد مسؤول حكومي أمريكي أن قوات العمليات الخاصة الأمريكية قامت بتنفيذ عملية عسكرية ضد زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي "أبو بكر البغدادي" ووفقاً لمجلة "نيوزويك تايمز" الأمريكية، فلقد قتل "البغدادي" في هذه العملية العسكرية.
وفي هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، أن العملية نُفذت في محافظة "إدلب" الواقعة شمال غرب سوريا بعد تلقّي معلومات موثوق بها، وحول هذا السياق، أعلنت وزارة الدفاع التركية يوم الاثنين في بيان لها نشرته على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن المسؤولين العسكريين الأتراك والأمريكيين تبادلوا الكثير من المعلومات للتنسيق فيما بينهم قبل بدء هذه العملية العسكرية الليلة الماضية في مدينة "إدلب"، حيث قالت وزارة الدفاع التركية: "قبل العملية الأمريكية الليلة الماضية في مدنية إدلب، كانت هناك حاجة لتبادل المعلومات والتنسيق بين المسؤولين العسكريين الأتراك والأمريكيين".
وحول هذا السياق، أكد "دونالد ترامب" الرئيس الأمريكي يوم أمس الأحد مقتل زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية" المعروف باسم "أبو بكر البغدادي" في غارة قادتها القوات الأمريكية في سوريا، وذكر الرئيس الأمريكي أن "البغدادي" قتل نفسه وثلاثة من أطفاله بتفجير سترة ناسفة بعد أن فرّ من القوات الأمريكية إلى نفق مسدود، كما ذكر الرئيس "ترامب"، أن "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم داعش مات وهو يبكي ويصرخ في هجوم شنّته القوات الأمريكية الخاصة شمال غرب سوريا فيما وصفه بانتصار كبير على التنظيم المتشدد.
وأضاف إن تحليل الحمض النووي الذي أُجري بعد 15 دقيقة من مقتل البغدادي جاء إيجابياً، وأشار "ترامب" أيضاً إلى أن "البغدادي" كان رجلاً مريضاً وفاسداً والآن ذهب إلى غير رجعة"، مضيفاً إن اعتقال أو قتل "البغدادي" كان على صدر الأولويات الأمنية للإدارة الأمريكية.
كما أشار الرئيس "ترامب" إلى أن ثماني طائرات هليكوبتر نقلت القوات الخاصة الأمريكية إلى المنزل الذي كان يختبئ به "البغدادي" وإنه جرى إطلاق النار قبل اقتحام المبنى بعد تفجير الجدران لتفادي باب رئيس ملغوم، وأوضح الرئيس "ترامب" أن القوات الخاصة أمضت نحو ساعتين في المكان وحصلت على مواد ومعلومات بالغة الحساسية.
في هذا الصدد، أجرت وكالة مهر للأنباء مقابلة صحفية مع البروفيسورة "شيرين هانتر"، الأستاذ بجامعة "جورج تاون" الامريكية وعضوة مجلس العلاقات الخارجية بأمريكا.
المراسل: قالت أمريكا إنها قتلت "أبو بكر البغدادي" في مدينة "إدلب"، وأكد الرئيس "ترامب" على هذا الخبر، وشكر تركيا والعراق والأكراد السوريين على مساعدة القوات الأمريكية في هذه العملية، ما مدى تأثير أخبار مقتل "البغدادي" على باقي أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وهل هذا الخبر سيصبّ في مصلحة الحملة الدعائية لـ"ترامب"؟
"شيرين هانتر": إن عملية قتل "البغدادي" كانت جزءاً من عملية دعائية لمواجهة الرد النقدي على انسحاب القوات الأمريكية من سوريا، والتي كان لها أثر سلبي على الساحة السورية، حيث كشف العديد من الخبراء السياسيين بأن ذلك الانسحاب أدى إلى استيقاظ العديد من خلايا داعش النائمة.
وهنا يمكننا القول بأن "ترامب" يريد أن يظهر أن هذا لن يحدث وبالنسبة لشكر "ترامب" لكل من تركيا والعراق، فإن هذا الشكر ما هو إلا جانب واحد من جوانب الدعاية، والمفارقة الغربية هنا هي أن تركيا كانت خلال السنوات الماضية تقدّم الكثير من الدعم لتنظيم "داعش" الإرهابي بينما كانت إيران تحاربه، لكن لا العراقيون ولا الغربيون قدّروا العمل الجاد الذي قامت به إيران في سبيل محاربة تلك الجماعة الإرهابية في سوريا والعراق.
المراسل: هل تعتبر عملية قتل "البغدادي" إنجازاً مهمّاً لـ"ترامب" وهل ستصبّ هذه العملية في مصلحة "ترامب" خلال الانتخابات الرئاسية القادمة؟
"شيرين هانتر": في رأيي، عندما يتعلق الأمر بالانتخابات الرئاسية، سيتم نسيان قضية قتل "البغدادي" ولن تؤثر على انتصار أو هزيمة الرئيس "ترامب".
المراسل: لقد تقدّم "ترامب" بالشكر للأكراد السوريين الذين ساعدوا القوات الأمريكية في العملية، كيف يمكن الجمع بين هذا التعاون ونهج "ترامب" الأخير تجاه الأكراد السوريين شمال سوريا؟
"شيرين هانتر": من حيث المبدأ، يجب ألّا تخاف الأقليات أو القبائل من قوة القوى العظمى ولا ينبغي عليها أيضاً تصديق التصريحات الودّية لتلك الدول والتي تعبّر فيها عن امتنانها وشكرها. وكما هو معروف، إن القوى العظمى ليس لها أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون، إنهم دائماً يتابعون مصالحهم، رغم أنهم يبررون سلوكهم باللجوء إلى مُثُل وقيم مثل حقوق الإنسان أو حماية حرية الشعوب، وهنا يمكننا القول بأن واشنطن سوف تقدّم الدعم اللازم للأكراد حتى تحقق كل مصالحها وسوف تتخلى عنهم عندما يتعذّر عليها تحقيق تلك المصالح، كما أن باقي القوى العظمى الأخرى تفعل الشيء نفسه.
المراسل: أعلن "ترامب" متفاخراً بأن أمريكا هي التي قتلت "البغدادي"، ولكن العديد من التقارير كشفت بأن أحد الأسباب الرئيسة لتشكيل مثل هذه الجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط يرجع إلى وجود قوات أجنبية في المنطقة، بما في ذلك القوات الأمريكية وتبعاً لذلك، يمكن القول بأن استمرار وجود القوات الأمريكية في المنطقة سوف يساعد على استيقاظ الخلايا النائمة لهذه الجماعات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا يرى العديد من الخبراء بأن مقتل "أبو بكر البغدادي" ما هو إلا مجرد دعاية إعلامية يسعى "ترامب" للاستفادة منها، ما هو تقييمك لهذا الموضوع؟
"شيرين هانتر": إن عملية قتل "البغدادي" لن تستأصل جذور تنظيم "داعش" الإرهابي وذلك لأنه نشأ وترعرع تحت مظلة الكثير من الأفكار التكفيرية الوهابية وتحت حالة التفكك الداخلي في بعض البلدان التي عاشت خلال الفترة الماضية في صراعات إقليمية مكثفة، وفي رأيي، هناك بلدان ليست صادقة في محاربة الإرهاب وذلك لأن العديد من الدول تستخدم الجماعات الإرهابية كأدوات لها وفي العقدين الأخيرين، كانت مكافحة الإرهاب ذريعة للتدخل العسكري في العديد من بلدان المنطقة، وكل دولة تقسّم الإرهابيين إلى سيئين وجيدين ويمكن أن تصف إحدى الدول شخصاً ما إرهابياً، بينما قد تصفه دولة أخرى بأنه شخص داعٍ للحرية والاستقلال، وتنظيم "داعش" نفسه برز أولاً كوسيلة لمواجهة الجماعات الشيعية في العراق وإيران.