الوقت- بعد يومين فقط من زيارة رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" إلى إيران ولقائه بكبار المسؤولين السياسيين في طهران، قام هذا الأخير في 15 أكتوبر 2019، والذي يعدّ أعلى مسؤول سياسي في "إسلام أباد" بزيارة رسمية إلى السعودية، حيث التقى رئيس الوزراء الباكستاني مع الملك "سلمان" وولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" أثناء هذه الزيارة الرسمية.
وحول هذا السياق كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن "عمران خان" ركّز في هاتين الزيارتين على لعب دور الوسيط لإزالة غيوم التوتر بين طهران والرياض، ولهذا فإننا في مقالنا هذا سوف نسلط الضوء أكثر على نتائج هاتين الزيارتين.
المهمة الصعبة لـ"عمران خان" والنتائج الإيجابية لإزالة غيوم التوترات بين إيران والسعودية
مما لا شك فيه، أن القضية الأكثر أهمية في رحلة "عمران خان" إلى السعودية ينبغي اعتبارها معياراً لنتيجة هذه الزيارة المهمة والمتعلّقة بنجاحه في نزع فتيل التوترات بين طهران والرياض. وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأن رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" سافر أولاً إلى العاصمة الإيرانية طهران ثم سافر إلى السعودية، ولفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن "عمران خان" بذل في هاتين الزيارتين الكثير من الجهود لإيجاد صيغة لجلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات وحل النزاعات بينهما. يذكر أن "خان" التقى خلال زيارته لطهران المرشد الإيراني الأعلى "علي خامنئي" والرئيس الإيراني "حسن روحاني"، وتباحثوا حول أهم القضايا الإقليمية والدولية وآخر التطورات في العلاقات الثنائية. ومن العاصمة الإيرانية طهران، تعهّد "خان" ببذل أقصى جهد ممكن لتسهيل إجراء محادثات بين الخصمين الإقليميين إيران والسعودية، وفي مؤتمر صحفي، قال "خان"، "إن الهدف من الزيارة هو تسهيل العلاقات بين السعودية وإيران في خطوة أولى نحو حل الخلافات بينهما، وإن باكستان لا تريد أن ترى أي صراع جديد في المنطقة، وأعرب عن أمله في أن تستضيف بلاده مفاوضات سعودية إيرانية لنزع فتيل التوتر بينهما".
وفي هذا السياق، كتب وزير الخارجية الباكستاني "محمود قريشي" تقريراً مفصّلاً حول هاتين الزيارتين وأكد أن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية، حيث قال: "لقد استجابت السعودية بشكل إيجابي لمبادرة رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان لتخفيف التوترات في منطقة الخليج الفارسي".
كما أكد قريشي قائلاً: "استجاب القادة السعوديون بشكل إيجابي وهذا الأمر أثبت بأن الدبلوماسية هي الطريق الوحيد للاتفاق وحل النزاعات في المنطقة، لقد بدأنا بداية جيدة".
وفي هذا الصدد، ووفقاً لصحيفة "باكستان ديلي ديفان"، حثّ رئيس الوزراء الباكستاني "عمران خان" خلال زيارته للسعودية القادة السعوديين على تسوية النزاعات الإقليمية بسلام وعلى وجه الخصوص، أكد "خان" على حل الأزمة اليمنية وتقديم رؤية أوضح لوقف إطلاق النار في هذا البلد المنكوب.
ولفتت تلك الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء الباكستاني ركّز في مهمته الأساسية هذه على حل الأزمة اليمنية وإقامة نوع من التعاون بين طهران والرياض.
بالنظر إلى رغبة السعودية الجادة في حل الأزمة اليمنية والحدّ من تهديدات قوات "أنصار الله" ضد الأراضي السعودية، يبدو أن محور هذه الوساطة الباكستانية سوف يركّز على حل تلك الأزمة وإزالة غيوم التوتر بين البلدين.
في الواقع، إن دعوة السعودية لإجراء محادثات مع الجانب الإيراني بشأن الأزمة اليمنية والضوء الأخضر الذي أظهرته طهران، يشيران إلى أن "عمران خان" نجح في هدفه المتمثّل في إزالة سحابة التوتر المظلمة بين القوتين الإقليميتين المهمتين في المنطقة.
كسب وّد الرياض لإقناعها بعدم سحب استثماراتها من باكستان
كشف العديد من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين بأن جزءاً آخر من زيارة "عمران خان" إلى السعودية يمكن ربطه ببعض الأهداف الاقتصادية وذلك لإقناع السعودية بعدم سحب استثماراتها من باكستان.
والحقيقة هي أن ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" قد سافر إلى عدة دول آسيوية، بما في ذلك باكستان، لاستعادة ثقة المجتمع الدولي بالسعودية، وخلال تلك الزيارات وعد "ابن سلمان" باكستان باستثمارات بقيمة ملياري دولار في النفط والبنية التحتية والطاقة.
ووفقاً لخطة "محمد بن سلمان"، كان تركيز الرياض على منطقة "بلوشستان" الباكستانية، لكن ما هو واضح من الأدلة هو أن ولي العهد السعودي لم يتخذ أي خطوات حتى الآن للوفاء بالتزاماته ووعوده تلك.
وحول هذا السياق، يعتقد العديد من الخبراء الاقتصاديين بأن هناك بعض الأدلة التي تؤكد على أن السعوديين تراجعوا عن التزاماتهم الاستثمارية في باكستان، ولهذا، فإنه يبدو أن "عمران خان" يحاول إقناع "محمد بن سلمان" في رحلته الأخيرة إلى السعودية بالوفاء بالتزاماته واستثماراته في مدينة "بلوشستان". لذلك، إلى جانب القضايا الأمنية، يمكن اعتبار التباحث حول القضايا الاقتصادية جزءاً آخر من أهداف زيارة رئيس الوزراء الباكستاني للسعودية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن "عمران خان" سافر إلى السعودية في وقت سابق من شهر سبتمبر الماضي لإجراء محادثات مع القادة السعوديين وبالنظر إلى أن السعوديين في أمس الحاجة إلى وساطة "عمران خان" لإزالة غيوم التوترات بين السعودية وإيران، فمن الممكن أن تعطي الرياض الكثير من الفوائد الاقتصادية الضخمة لباكستان، إذا لعبت هذه الأخيرة دوراً إيجابياً في نزع فتيل التوترات بين الرياض وإيران، وفي حال حصول ذلك، فإنه من المتوقع أن يقدّم "ابن سلمان" مكافأة وتنازلات اقتصادية كبيرة لإسلام أباد.