الوقت- نتائج الإنتخابات البرلمانية التركية التي جرت في 7 حزيران كانت صفعة لحزب العدالة والتنمية، فأردوغان وحزبه الذي هيمن على تركيا لأكثر من 12 عاما تراجع ليصل عدد المقاعد التي فاز بها ب 258 مقعدا من أصل 550 مقعدا في مقابل 132 مقعدا لحزب الشعب الجمهوري برئاسة ديمرطاش و80 مقعدا لحزب الحركة القومية و 80 لحزب الشعوب الديمقراطي، هذا التراجع الملحوظ مقارنة بالدورات السابقة يعود إلى السياسات الخاطئة التي انتهجها اردوغان وحزبه على مدى الأعوام المنصرمة داخليا وخارجيا، وهو ما أطاح بحلمه بتحويل النظام البرلماني الحالي إلى نظام رئاسي وهو في مقابل هذا التراجع ليس مستعدا لتقاسم السلطة وتشكيل حكومة ائتلافية، وعلى الرغم من دعواته المتكررة للإسراع بتشكيل هذه الحكومة إلا أن رغبة حزب العدالة والتنمية في استعادة أغلبيته المفقودة جعلته يعمل على توجيه الأمور نحو انتخابات مبكرة جديدة، فهل ان الإنتخابات المبكرة ستعيد الأغلبية المفقودة؟ أم أن حزب اردوغان بدأ يفقد أوراق قوته الداخلية كما الخارجية؟
ماذا وراء انتخابات مبكرة:
1- الأغلبية التشريعية: بعد ان فقد اردوغان اغلبيته في البرلمان التركي، فإن قدرته على تعيين المسؤولين التنظيميين قد ضعفت، وترتيبا على هذه السياسيات التي يستمر فيها اردوغان وحزبه فمن المتوقع أن تشهد هذه القدرة مزيدا من التراجع، كما أنه من غير المؤكد أن يستعيد أغلبيته البرلمانية عبر انتخابات مبكرة.
2- المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون: يضم حاليا خمسة اعضاء من حزب اردوغان من أصل تسعة، والأغلبية البسيطة هي كافية لإقرار القرارات ما جعل لحزب أردوغان سلطة فعلية على هذا المجلس الذي تعود له مهام ضمان نزاهة محتوى بث هاتين المؤسستين في تركيا. وبما أن ولاية ثلاثة من اعضاء المجلس ستنتهي اثنين منهم من حزب اردوغان، وباعتبار ان الانتخابات الأخيرة ستسمح للحزب بالحصول على اربعة فقط من أصل تسعة وبالتالي سيفقد الأغلبية التي كان يتمتع بها وستسمح لعناصر مؤثرة أخرى لتخفيف القيود المفروضة على محتوى البث وبالتالي تقييد سلطة اردوغان.
3- هيئة التعليم العالي: هي من ضمن الهيئات التي تعد مؤثرة في التركيبة السياسية، إذ تنظم تمويل الجامعات وتدريب المعلمين وانتخاب رؤساء الجامعات، وحزب اردوغان الذي كان يسيطر على اربعة عشر مقعدا من أصل واحد وعشرين، مكّنَه الإستفادة على مدى الأعوام من تعزيز سيطرته السياسية على القضايا الداخلية، والإنتخابات الأخيرة أو حكومة ائتلافية ستفقد اردوغان تدريجيا قبضته المحكمة على المجلس.
4- رئاسة الاتصالات السلكية واللاسلكية ووكالة التشريع والرقابة المصرفية: هاتان الرئاستان والتي يرى فيهما حزب أردوغان موقعا سلطويا يمكنه من خلاله اجراء رقابة على مواقع الانترنت والأنظمة المصرفية والمالية في البلاد، والانتخابات الأخيرة والتي ستخفض من عدد اعضاء حزب اردوغان ستضع حدا للسياسة الاردوغانية التي خلفت في الآونة الأخيرة الكثير من المشاكل الإقتصادية والامنية. وأردوغان يسعى لطرح الإنتخابات المبكرة بعد تعطيل مشروع حكومة ائتلافية لإعادة خلط الأوراق الإنتخابية التي جاءت بها انتخابات 7 حزيران.
دعوة لانتخابات مبكرة يصاحبها خطوات تصعيدية
حركة اضطرابات وتفجيرات يتهم بها اردوغان بهدف تقليب الأمور بوجه الأحزاب المعارضة خاصة بخصوص تفجيرات اسطنبول المستمرة، إلغاء اردوغان لاتفاقية السلام الهش مع عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني القابع في السجن منذ سنوات طويلة وإعلانه حربا مفتوحة على هذا الحزب مصرا على استئصاله كليا إلى ضربه الأكراد تحت عنوان الحرب على جماعات التكفير كل هذا بهدف اعادة الحصول على المقاعد البرلمانية التي تحقق اغلبيته أما إذا فشلت هذه المكائد الاردوغانية كلها فلا يستبعد أن تقوده عقليته إلى اللجوء للتزوير كما جرى في مرات سابقة.
تداعيات سياسة اردوغان
من شأن سياسة اردوغان اتجاه الأكراد أن تحيي الروح القومية الكردية والارادة لديهم بالوقوف بوجه سياسة اردوغان وهم البالغ عددهم 20 مليون مواطن تركي وهو ما قد يقوي حظوظ دميرطاش الإنتخابية، أما خارجيا فقد سقطت ورقة اردوغان المتعلقة بتنظيم الإخوان المسلمين إلى تراجع التأييد الدولي الغربي الإستعماري لجماعات الإرهاب بوجه صمود الشعب السوري وحكومته وفشل ما سمي بالمعارضة السورية إلى فشله في إقامة منطقة عازلة وتلقيه أكثر من صفعة أمريكية في هذا الجانب إلى قرار سحب منظومة باتريوت الصاروخية، إلى الرأي العام في الغرب الذي تعالى بوجه اردوغان والتكفير باعتبارهما عملة واحدة، كل هذا ويبقى التحدي الاكبر عدد القتلى والجرحى اليومي من الجيش والشرطة التركية الذي يبلغ العشرات يوميا وهو ما يسوق الأمور إلى الحديث عن أن الإنتخابات المبكرة ستكون نتائجها اسوأ من سابقتها على اردوغان.