الوقت- السجناء الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا يتوقفون عن إعطاء العالم بأسره دروساً في الكرامة والعزة الوطنية، وكيف يمكن لشخص سلبوا منه كل شيء أن يقف صامداً في وجه الاحتلال ويقاوم ممارساته الصهيونية في ظل صمت العالم والمجتمع الدولي أمام هذه الممارسات وعدم نطقه بحرف واحد دفاعاً عن الكرامة الإنسانية، هنا لا نتكلم عن الفلسطينيين على وجه التحديد بل عن الكرامة الإنسانية التي يتغنّى العالم الغربي بأنه يدافع عنها وعن حرية الإنسان، لكننا وجدناه صامتاً ذليلاً عاجزاً مع كل إمكانياته أمام ما يحصل للفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وخارج هذه السجون.
الأسرى الفلسطينيون يكملون مسيرهم النضالي في الإضراب عن الطعام، الذي بدأ منذ الربيع الماضي، ولا تزال تنضم دفعات جديدة لهؤلاء الأسرى، حيث بدأ الأسرى إضراباً مفتوحاً عن الطعام، ليصل عدد الأسرى المضربين إلى 140 أسيراً، وستشمل الدفعات الجديدة من المضربين أسرى من معتقلي عوفر، ومجدو.
وقال نادي الأسير في بيان: إن "تصاعد حدّة المواجهة تأتي مع استمرار إدارة معتقلات الاحتلال على موقفها الرافض للاستجابة لمطالب الأسرى، وأهمها الالتزام بالاتفاق السابق المتعلق بإزالة أجهزة التشويش، وتفعيل الهواتف العمومية، إضافة إلى وقف الإجراءات العقابية التي فرضتها على الأسرى المضربين منذ الثلاثاء الماضي".
وأضاف البيان: إن "إدارة المعتقلات نقلت أغلبية الأسرى المضربين عن الطعام من الأقسام العامة إلى زنازين العزل، مع الإشارة إلى أن 25 أسيراً يواصلون الإضراب منذ ستة أيام، وهناك مجموعة من الأسرى يمتنعون عن شرب الماء منذ شروعهم بالإضراب".
وأشار نادي الأسير إلى أن "الأسرى بصدد إدراج مجموعة إضافية من المطالب في حال استمر فشل الحوار، ومن ضمنها زيارة عائلات أسرى غزة، علاوة على مجموعة من المطالب الحياتية".
وبدأ الأسرى في العاشر من أيلول الحالي، وتحديداً في معتقل "ريمون"، المواجهة مع إدارة سجون الاحتلال بعد تنكّرها للاتفاق الذي تم في شهر نيسان الماضي، وتضمن ذات المطالب المتعلقة بأجهزة التشويش والهواتف العمومية، وتبع ذلك عدة جلسات من الحوار مع الإدارة كان مصيرها الفشل.
واعتبر نادي الأسير أن "موقف إدارة معتقلات الاحتلال مستمد أولاً من موقف الاحتلال باستخدام الأسرى كأداة للتجاذبات السياسية، خاصة في ظل الانتخابات الإسرائيلية، وفرض المزيد من سياسات التنكيل والانتقام لإرضاء الناخب الإسرائيلي".
قبل عدة أيام انتفضت السعودية في قمة التعاون الإسلامي وأخرجت بياناً دافعت فيه عن "القضية الفلسطينية" وأطلقت صرخة في وجه ممارسات العدو الصهيوني، ولكن لماذا تحوّلت هذه الصرخة إلى صمت مطبق بعد أيام من هذه القمة، ولماذا لم تحرّك ساكناً حيال ما يجري للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ولماذا لم تدعو الجامعة العربية أو دول مجلس التعاون على الأقل لاجتماع طارئ نصرةً لمن ينتصرون لكرامة الأمة العربية والإسلامية، أم إن التطبيع أولى؟.
ما يمارسه اليوم الاحتلال الصهيوني بحق الأسرى يعدّ انتهاكاً لحقوق الإنسان، خاصة بعد تركيبه لأجهزة التشويش "المسرطنة" والتي تسبّب لهم أمراضاً مختلفة تظهر على أجسادهم يوماً بعد يوم، من يتحمّل مسؤولية كل هذا الظلم ومن يدافع عنه؟.
مصلحة السجون الإسرائيلية، وبكل وقاحة لم تترد في استمرارها بسياسة "القبضة الحديدية"، تجاه الإضرابات عن الطعام، و"إخلال النظام والتهديدات"، وأنه لن يتم إجراء أي مفاوضات، حول فرض التشويش على الاتصالات الخلوية.
وتمنع "إسرائيل" الأسرى الفلسطينيين، من حمل أجهزة الاتصالات الخلوية، وفي كانون الأول 2016، صُوّر عضو الكنيست العربي السابق باسل غطاس، وهو يُهرّب هواتف خلوية إلى أسير فلسطيني، أثناء زيارة أجراها غطاس له.
وفرضت "إسرائيل" حينها تشويشات على الخلويات في الأقسام الأمنية التابعة للسجون الإسرائيلية، لإحباط أي اتصال قد يقوم به الأسرى الفلسطينيون، عبر هواتف قد تكون بحوزتهم.
كان الأسرى أمهلوا في وقت سابق إدارة السجون 24 ساعة للرد على جملة من مطالبهم المتمثلة بـ"تفعيل الهاتف العمومي لمدة خمسة أيام، وإزالة أجهزة التشويش، وإعادة المضربين الذين جرى نقلهم من سجن "ريمون" إلى سجن "نفحة" وعددهم 23 أسيراً، إضافة إلى وقف حملات التفتيش".
ويجب أن ننوه إلى أن اتفاقاً أبرم في شهر أبريل الماضي بين الأسرى وإدارة معتقلات الاحتلال، وذلك بعد أن نفّذ الأسرى سلسلة من الخطوات النضالية استمرت لأيام، وتضمّن الاتفاق في حينها تلبية مجموعة من مطالبهم، أبرزها التوقف عن نصب "أجهزة التشويش"، والبدء بتركيب وتفعيل استخدام الهواتف العمومية.
وكان أكثر من 200 أسير في معتقل “ريمون” دخلوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام قبل أيام، استمر ليوم واحد، وذلك للمطالبة بإزالة أجهزة التشويش المسرطنة، حيث عقدت جلسة حوار بين إدارة السجن وممثلي الأسرى، وتم الاتفاق خلالها على تعليق الإضراب، مقابل البدء بتنفيذ مطالب الأسرى، لكن الإدارة عادت للمماطلة والتسويف.
ويشار إلى أن أسرى سجن "جلبوع" هددوا بالتصعيد ضد إدارة المعتقل خلال الأيام المقبلة، وقد تعرّض الأسرى القابعون في هذا السجن لعملية قمع من قبل قوات خاصة إسرائيلية اقتحمت عليهم غرف السجن، ما أدّى لإصابة خمسة منهم.
وفي المناطق الفلسطينية، تتواصل حملات المناصرة للأسرى في سجون الاحتلال، من خلال اعتصامات تنفّذ أمام مقرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وقال رئيس الهيئة العليا لمتابعة شؤون الأسرى والمحررين أمين شومان، إن هذه الفعاليات تم إطلاقها عبر البرنامج الوطني لإسناد الحركة الأسيرة، واحتجاجاً على تركيب أجهزة التشويش، وأعلن كذلك عن فعاليات جماهيرية وشعبية ستتواصل في كل محافظات الوطن "ترتقي إلى مستوى المعركة التي يخوضها الأسرى المضربون والمرضى والقدامى، انتصاراً لهم ولرفع معنوياتهم".
وأقيمت صلاة الجمعة في مدينة غزة أمام مقر الصليب الأحمر، في إطار التعبير عن حالة الغضب الشعبي ضد الإجراءات المتخذة تجاه الأسرى، وللمطالبة بتحرّك المؤسسات الدولية بشكل فاعل لنصرة هذه القضية، كما نظّمت العديد من الوقفات المساندة في الضفة الغربية، بعضها أمام منازل الأسرى المضربين، وأخرى في ميادين عامة، وأمام حواجز عسكرية.
يشار إلى أن ستة أسرى آخرين معتقلين إدارياً، ما زالوا يخوضون "معركة الأمعاء الخاوية" بالإضراب المفتوح عن الطعام، رفضاً لاعتقالهم الإداري، وهم الأسير المريض أحمد غنام المضرب منذ 62 يوماً، وكذلك الأسير سلطان خلوف المضرب لليوم الـ58 على التوالي، والأسير إسماعيل المضرب لليوم الـ53، والأسير طارق قعدان الذي يواصل إضرابه المفتوح منذ 45 يوماً.
وفي ملف الأسرى، نقلت الهيئة شهادات مؤلمة أدّلى بها ستة أسرى أطفال يقبعون في عدة سجون إسرائيلية، سردوا خلالها تفاصيل تعرّضهم للتعذيب والضرب القاسي خلال اعتقالهم واستجوابهم في مراكز التحقيق الإسرائيلية، والتي تمثلت في ضربهم خلال اقتيادهم من منازل في الآلية العسكرية، واحتجازهم لساعات طويلة تحت أشعة الشمس والحر الشديد، وضربهم بشكل عنيف خلال التحقيق، وتوجيه الشتائم والإهانة لهم.