الوقت- إن التطورات الميدانية في الشمال السوري، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن الجيش السوري تمكّن خلال الأيام القليلة الماضية من تحقيق تقدّم كبير في ريف إدلب الجنوبي، بعد أن غيّر تكتيكات المعارك وأجرى تعديلات على خططه الهجومية.
وحول هذا السياق، أعرب "رامي عبد الرحمن"، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، بأن قوات الجيش السوري دخلت مساء يوم الأحد الماضي مدينة "خان شيخون" في جنوب إدلب وبدأت بالتقدّم فيها وسط معارك عنيفة مستمرة مع الفصائل الجهادية والإرهابية.
وقال مدير المرصد إنها المرة الأولى التي تدخل فيها قوات الجيش السوري مدينة "خان شيخون" منذ فقدان السيطرة عليها في العام 2014، مشيراً إلى أن قوات الجيش السوري اقتحمت المدينة من الجهة الشمالية الغربية وسيطرت على مبانٍ عدة.
وأفاد مدير المرصد أن اشتباكات عنيفة مستمرة تدور داخل المدينة وفي جبهات أخرى عند أطرافها بين القوات السورية من جهة والفصائل الجهادية والإرهابية من جهة ثانية.
ولفت "عبد الرحمن" إلى أن قوات الجيش السوري بذلت الكثير من الجهود منذ عدة أيام للتقدم باتجاه "خان شيخون"، كبرى مدن ريف إدلب الجنوبي، التي يعبرها طريق سريع استراتيجي يربط مدينة "حلب" بالعاصمة "دمشق"، وأكد "عبد الرحمن" على أن قوات الجيش السوري ترغب باستكمال سيطرتها على جميع تلك المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الجماعات الإرهابية.
وفي بيان صدر عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، تم الكشف عن أن الجيش السوري تمكّن من تثبيت نقاط على بعد 500 متر من الطريق الدولي شمال مدينة "خان شيخون"، وذكر المرصد أن قوات الجيش السوري سيطرت على حاجز "الفقير" غرب مدينة "خان شيخون" وقطعت طريق "كفرسجنة – خان شيخون" من جهة الشمال.
وقال البيان الصادر عن المرصد إن القوات انتزعت سلسلة قرى تحت سيطرة الفصائل المتطرفة والإرهابية شمال غربي سوريا، فيما تواصل تقدّمها داخل مدينة "خان شيخون" الاستراتيجية.
ولفت ذلك البيان إلى أن قوات الجيش السوري كثّفت وبدعم جوي روسي منذ نحو أسبوع عملياتها القتالية في ريف إدلب الجنوبي.
وأشار بيان المرصد إلى أن مدينة "خان شيخون"، أصبحت اليوم منطقة شبه خالية من السكان الذين فرّوا إلى مناطق أكثر أماناً منذ بدء التصعيد في محافظة "إدلب" قبل أشهر، وكان يسكنها نحو 100 ألف شخص أغلبهم من النازحين الذين لجؤوا إليها خلال السنوات الماضية.
تكتسب مدينة "خان شيخون" أهمية استراتيجية كبيرة نظراً لإشرافها على الطرق الحيوية، ما يجعل منها نقطة وصل بين أرياف "إدلب" الشرقية والغربية والشمالية، كما تعدّ السيطرة عليها الخطوة الأولى في إعادة فتح الطريق الحيوية التي تصل بين العاصمة الاقتصادية حلب والسياسية دمشق، ومن الناحية العسكرية فإن سيطرة الجيش السوري على مدينة "خان شيخون" ستمهّد الطريق أمام قواته لتحقيق مكاسب وإنجازات كبيرة على الأرض باتجاه "التح" و"كفرسجنة" و"معرة النعمان".
وفي سياق متصل، ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" بأن دخول الجيش السوري إلى مدينة "خان شيخون" الاستراتيجية كان متوقعاً بعد الانتصارات والتقدّم الكبير الذي أحرزه مؤخراً على تخوم هذه المدينة الاستراتيجية التي يمّر بها طريق "دمشق – حلب" الدولي والذي يُقال إن السيطرة عليه هي هدف العملية العسكرية التي يقودها الجيش السوري منذ أكثر من شهرين.
وكشفت تلك الوكالة بأن الاشتباكات العنيفة لاتزال مستمرة داخل المدينة وعدة جبهات أخرى في أطرافها حيث يحاول الإرهابيون عدم السماح للجيش السوري بدخول المدينة بشراسة كبيرة، لكنها لا تنفع مع السيل الكبير لقوات الجيش العربي السوري، وحتى مع الهجمات الانتحارية التي لجأت إليها هيئة "تحرير الشام" أو ما كانت تسمى "جبهة النصرة" سابقاً، فإن وقف تقدّم الجيش السوري يبدو أحد أحلام الإرهابيين بعيد المنال جداً.
مضيفة إن وحدات من الجيش السوري تابعت عملياتها باتجاه مواقع انتشار مسلحي "جبهة النصرة" والمجموعات المتحالفة معها بريف "إدلب" ووسّعت نطاق سيطرتها في ريف "خان شيخون" الغربي بالريف الجنوبي لإدلب بعد أن كبدتهم خسائر كبيرة.
وأشارت الوكالة إلى أن عمليات الجيش تركّزت خلال الأيام الماضية باتجاه تحصينات ومناطق انتشار "جبهة النصرة" على اتجاه "كفريدون" و"الصباغية" بريف "خان شيخون"، الأمر الذي أسفر عن مقتل وإصابة العديد من المسلحين وفرار الباقين.
وذكرت تلك الوكالة، بأن وحدات الجيش السوري نفّذت ضربات صاروخية ومدفعية في "كفرسجنة" و"النقير" قضت خلالها على عدد من المسلحين، في الوقت ذاته شنّت وحدات تابعة للجيش السوري عمليات مركّزة إلى الشرق من "خان شيخون" وعلى محور "التمانعة" بالريف الجنوبي لإدلب.
وأكدت الوكالة بأن الجيش السوري استعاد يوم الأربعاء الماضي، السيطرة على "كفر عين" و"خربة مرشد" و"المنطار" و"تل عاس" بريف إدلب الجنوبي بعد أن كبّد التنظيمات المسلحة هناك خسائر كبيرة.
وفي سياق متصل، كشفت بعض المصادر الميداني في ريف "إدلب" عن توقف الرتل العسكري التركي بالقرب من منطقة "معرة النعمان" الواقعة جنوب محافظة "إدلب" جرّاء غارات للطائرات الحربية السورية.
وكان رتلان عسكريان تركيان دخلا الأراضي السورية قبل عدة أيام أحدهما يضم 28 آلية ثقيلة بينها 7 دبابات و6 عربات وشاحنات باتجاه ريف إدلب الجنوبي، فيما دخل رتل آخر باتجاه مدينة "سراقب" شرق المحافظة.
من جانبها دانت وزارة الدفاع التركية تعرّض رتل تابع لها لغارة جوية أثناء انتقاله من نقطة مراقبة تركية في المحافظة، ما أدّى إلى مقتل 3 مدنيين وإصابة 12 آخرين.